Categories: الأخبار

حين ترتجف تل أبيب… تحولات الميدان ومعادلات الصراع تتبدل

لم يكن مشهد الأبراج المتهاوية في تل أبيب، والملاجئ التي تضيق بالمستوطنين، سوى محطة جديدة في مسار صراع طويل، اعتاد خلاله الاحتلال الإسرائيلي أن يحتكر مشهد القوة ويمارس سياسة الأرض المحروقة على غزة بلا حساب. غير أن المشهد الميداني الذي يتشكل اليوم في المواجهات مع إيران يبعث برسائل مختلفة، لا على مستوى الداخل الإسرائيلي فحسب، بل على صعيد الإقليم والمنظومة الدولية المعنية بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تحول في معادلة الردع

منذ عقود، حرصت إسرائيل على ترسيخ معادلة مفادها: “أمن تل أبيب مقابل كسر إرادة غزة”. إلا أن الضربات  الإيرانية الأخيرة، وما رافقها من استهداف مكثف وغير مسبوق لمراكز حساسة داخل العمق الإسرائيلي، أظهرت أن قدرة إيران على تغيير قواعد الاشتباك لم تعد مجرد خيار نظري، بل واقع ميداني يفرض نفسه.

فأن تتعرض تل أبيب نفسها للقصف المنهجي، وأن تنهار أبراجها التجارية والسكنية كما حدث في غزة، مع اتساع رقعة الذعر الشعبي، فهذا يعني عمليًا أن نظرية الأمن المطلق التي لطالما تغنّت بها إسرائيل باتت مهددة.

ارتباك إسرائيلي داخلي

يأتي هذا التصعيد في وقت تعيش فيه إسرائيل أزمة سياسية مركبة، سواء على مستوى الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم، أو حالة الغليان الشعبي المتزايدة اعتراضًا على الأداء الأمني والعسكري. ومع كل تصعيد جديد، تتعمق أزمة الثقة بين الشارع الإسرائيلي وقياداته، في ظل شعور متنامٍ بعدم الأمان.

والأخطر أن استمرار استهداف العمق، يربك الجيش الإسرائيلي الذي يجد نفسه أمام معضلة الردع المحدود، لأن أي تصعيد مفرط تجاه إيران قد يفجر الجبهة الشمالية مع حزب الله الذي مازال محييدا بأمر الحكومة اللبنانية وبعض الجماعات الموالية لها في سوريا  ويشعل فتيل تصعيد إقليمي لا تملك تل أبيب رفاهية احتماله.

رسائل إقليمية ودولية

الحدث لا يتوقف تأثيره عند حدود تل أبيب وإيران  بل يحمل رسائل مباشرة إلى العواصم الإقليمية  إذ يكشف التصعيد الأخير هشاشة مسار التطبيع مع إسرائيل ، ويؤكد أن القضية الفلسطينية ما تزال قادرة على إعادة رسم أولويات الإقليم.

أما دوليًا، فقد وضع الحدث المؤسسات الغربية في موضع حرج. فالدول التي طالما تغاضت عن مشاهد الدمار في غزة، وجدت نفسها أمام صور مماثلة في تل أبيب، ما يعيد طرح أسئلة أخلاقية وإنسانية حول ازدواجية المواقف والمعايير.

خاتمة: معادلة جديدة تتبلور

في ضوء ذلك، يبدو أن معادلة الصراع الإيراني  الإسرائيلي تتجه نحو مشهد مغاير، قوامه سقوط نظرية “الضحية الدائمة” و”المعتدي الذي لا يُعاقب”.
فكما أن غزة دفعت ولا تزال ثمن خياراتها، ستدفع تل أبيب أيضًا ثمن سياساتها. ومع استمرار تعديها على إيران واليمن  وتصاعد حدة الضربات، يتأكد أن أمن الاحتلال لم يعد محصنًا، وأن معادلة “أمنهم مقابل الدم ” تتآكل يوماً بعد يوم

osama

Recent Posts

صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية  تنشر تفاصيل خطيرة عن خطة وضعها ترامب ونتنياهو تخص غزة وسوريا ودولا عربية أخرى

نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، يوم الخميس، تفاصيل محادثة بين ترامب ونتنياهو وديرمر وماركو روبيو،…

6 ساعات ago

وزير الخارجية الإيراني يعترف بتعرض المنشآت النووية لأضرار كبيرة

أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طاولت المواقع النووية بعد 12 يومًا من…

7 ساعات ago

قائد إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي يطمئن بهدؤ الأحوال الأمنية ويدعو لعدم الإنسياق وراء الشائعات المضللةَ

  مروي إعلام المحلية.رصد الحسن عبدالمهيمن طمأن قائد شعبة* إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي العقيد…

7 ساعات ago

الإعلامية *مروة عيد* تتقدم بالتهنئة إلى الأمة الإسلامية والعربية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد

تقدمت الإعلامية *مروة عيد*، مقدمة البرامج المعروفة وصاحبة البصمة الإعلامية المتميزة، بأصدق التهاني والتبريكات إلى…

7 ساعات ago

يدفعها الخليجيون … سي إن إن”: ترامب يدرس تعويض إيران ببرنامج نووي سلمي في فوردو بـ30 مليار دولار

ذكرت شبكة "سي إن إن"، مساء اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة تدرس استبدال موقع فوردو…

7 ساعات ago

الميرغني: دفعنا بمقترحات جديدة لاطراف اجتماع بروكسل بشأن حل الأزمة السودانية

لندن / الخميس 26 / 06 / 2025 رحَّب رئيس الكتلة الديمقراطية نائب رئيس الحزب…

9 ساعات ago