أخلاق الشعب السوداني في ظل حرب 2023 بين النبل الإنساني والانفلات المظلم

محمد الفاتح حضرة
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، دخلت البلاد واحدة من أعنف مراحلها في التاريخ الحديث.
انقسمت العاصمة الخرطوم، واشتعلت دارفور من جديد، وتشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها.
وفي وسط هذا الدمار، ظهر وجهان متناقضان للحقيقة السودانية: وجه مشرق يجسّد القيم والأخلاق، وآخر مظلم يكشف حجم المعاناة والانفلات.
🌿 وجه الصمود الإنساني والتضامن الشعبي
رغم غياب الدولة وتفكك مؤسساتها، أظهر الشعب السوداني معدنًا نادرًا من النخوة والمروءة
التكايا والمبادرات الشعبية: أنشأ المدنيون “غرف الطوارئ” و”لجان المقاومة”، التي نظّمت توزيع المياه، ونقل الجرحى، وتوفير الدواء، والإيواء للنازحين.
هذه المبادرات أثبتت أن الشعب قادر على تنظيم نفسه في أحلك الظروف.
🛑النساء في الخطوط الأمامية
ساهمت النساء السودانيات بشكل فعّال في الإسعاف، والطهي الجماعي، والرعاية الصحية، حتى وهنّ في قلب مناطق النزاع. كثير منهن واجهن الخطر من أجل إنقاذ أسر ومجتمعات بأكملها.
🛑المواقف الأخلاقية الفردية
تناقل الناس قصصًا عن من فتحوا منازلهم للنازحين، أو اقتسموا القليل من الطعام مع الجيران، وعن أطباء وطلاب طب خدموا المرضى بلا مقابل في أحياء محاصَرة.
⚠️ الوجه المظلم 😓:
انفلات وفظائع
لكن لا يمكن إنكار أن الحرب جلبت معها فصولًا من الرعب والجريمة:
#النهب والسلب
انتشرت أعمال النهب في المدن الكبرى، خاصة الخرطوم ونيالا، وتعرّضت المستشفيات والمحال التجارية وحتى منازل المدنيين للسرقة، أحيانًا على يد جماعات مسلحة، وأحيانًا من قِبَل عصابات استغلت الفوضى.
#العنف الجنسي
وثّقت منظمات حقوقية حدوث انتهاكات جنسية واسعة، خاصة في مناطق النزاع المباشر. استُخدمت هذه الجرائم أحيانًا كوسائل للإذلال والحرب النفسية، وتركت آثارًا عميقة في النساء والأطفال.
#الخطف والتجنيد القسري:
تم اختطاف مدنيين، بمن فيهم أطفال، لاستخدامهم في المعارك أو لأغراض الفدية، ما يعكس انهيار القانون وسيادة منطق القوة.
🌓 التوازن الصعب:
لا تعميم ولا تبرئة
هذه التناقضات لا تعني أن الشعب السوداني متناقض في أخلاقه، بل تعكس ما تفعله الحروب بالشعوب حين تغيب الدولة ويعمّ الفقر والخوف. فبينما انحدر البعض إلى العنف والجريمة، قاوم آخرون بشجاعة غير مسلحة، ورفضوا التخلي عن إنسانيتهم.
ما يميّز المجتمع السوداني خلال هذه الحرب ليس فقط حجم المعاناة، بل الكرامة التي أُبديت رغمها..
فوسط الموت، لا تزال تُكتب قصص عن شهامة شاب خاطر بحياته لإيصال دواء، أو امرأة أحضنت لاجئات لا تعرفهن.
#ختامًا، إن ما يجري في السودان مأساة كبرى، لكنها أيضًا امتحان أخلاقي كبير. وفي هذا الامتحان، فشل بعضهم، ونجح كثيرون. لهذا، يبقى الأمل في أن تنهض البلاد من جديد، على أكتاف أولئك الذين لم يخونوا ضميرهم، رغم كل شيء