#image_title
بقلم : المستشار كمال محمد الأمين
تحليل الزيارة التاريخية لوفد صمود إلى جنوب أفريقيا في ظل البحث المحموم عن الشرعية
إذا كان للتاريخ عبر، وللسياسة دروس، وللدبلوماسية مقاصد، فإن ما شهدته العاصمة الجنوب أفريقية بريتوريا يوم الجمعة الماضي يستحق أن نقف عنده وقفة المتأمل الذي يقرأ ما بين السطور، ويستشرف ما وراء الأحداث، ويحلل ما تخفيه الظواهر من جواهر.
لم يكن لقاء الرئيس سيريل رامافوزا بوفد تحالف القوى المدنية السودانية (صمود) برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك مجرد بروتوكول دبلوماسي عابر، بل كان بمثابة إعلان صريح عن موقف أخلاقي وسياسي واضح. فعندما يقول الرئيس الجنوب أفريقي “نشعر بأن هناك شيئاً ناقصاً في عملنا دون مخاطبة قضية السودان”، فإنه يتحدث بلسان الضمير الإنساني قبل أن يتحدث بلسان السياسة.
هذا الاعتراف النبيل يحمل في طياته إقراراً بأن معاناة الشعب السودان ليست مجرد أزمة محلية، بل هي جرح في جسد القارة الأفريقية كلها، وأن السكوت عنها يعني التواطؤ مع الظلم، والصمت عنها يعني الرضا بالقهر.
ولعل أجمل ما في هذا اللقاء هو استحضار الرئيس رامافوزا للذاكرة التاريخية التي تربط البلدين، حين أشار إلى دعم الشعب السوداني لنضال جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري، واستضافة الزعيم نيلسون مانديلا في الستينيات ومنحه جواز سفر سودانياً. هذا الاستحضار ليس مجرد مجاملة دبلوماسية، بل هو إقرار بأن الشعوب الحرة لا تنسى من وقف معها في محنتها، وأن الوفاء للتاريخ قيمة أخلاقية لا تسقط بالتقادم.
مابين الشرعية الحقيقية وشرعية الزيف:
وفي الوقت الذي يجوب فيه وفد صمود العواصم الدولية حاملاً معه شرعية الشعب ومطالبه العادلة في الحرية والديمقراطية ووقف سفك الدماء في السودان ، نرى في المقابل سلطة بورسودان تتخبط في البحث عن شرعية مفقودة، وتحاول أن تضفي على نفسها ثوب الشرعية من خلال تعيينات شكلية كتعيين الدكتور كامل إدريس.
إن الفرق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار بين من يحمل شرعية الشعب ومن يدعي شرعية السلطة. فالأول يتحدث باسم خمسة عشر مليون سوداني نزحوا من ديارهم هرباً من نيران الحرب، والثاني يتحدث باسم مجموعة من العسكريين الذين جعلوا من السودان ساحة حرب وميدان دمار.
إن زيارة وفد صمود لجنوب أفريقيا تندرج ضمن استراتيجية دبلوماسية محكمة تهدف إلى:
أولاً : كسر العزلة الدولية المفروضة على القوى المدنية السودانية من خلال التواصل المباشر مع القيادات الأفريقية المؤثرة.
ثانياً: حشد الدعم الإقليمي والدولي لموقف القوى المدنية الرافض للحرب والداعي للسلام والتحول الديمقراطي.
ثالثاً: فضح التدخلات الخارجية في الصراع السوداني، وهو ما أشار إليه الرئيس رامافوزا صراحة.
رابعاً: وضع أسس لمرحلة ما بعد الحرب من خلال البحث في آليات إعادة الإعمار والبناء.
إن هذا اللقاء يحمل رسائل متعددة المستويات:
للمجتمع الدولي: أن القوى المدنية السودانية هي الممثل الشرعي للشعب السوداني، وأن أي حل للأزمة السودانية لا بد أن يمر عبرها.
لأطراف الصراع: أن الحرب لن تحقق النصر لأي طرف، وأن الحل الوحيد هو التفاوض والحوار.
للشعب السوداني: أن نضاله من أجل الحرية والديمقراطية لم يذهب سدى، وأن هناك من يقف معه في محنته.
الخلاصة: نحو فجر جديد
إن ما حدث في بريتوريا ليس مجرد لقاء دبلوماسي، بل هو بداية لمرحلة جديدة في النضال السوداني من أجل السلام والديمقراطية. إنه إعلان عن أن الدبلوماسية الشعبية قادرة على أن تحقق ما عجزت عنه دبلوماسية البنادق والمدافع.
وكما قال الرئيس رامافوزا “البحث عن السلام هو جزء من الحمض النووي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي وشعب جنوب أفريقيا”، فإن البحث عن الحرية والديمقراطية هو جزء من الحمض النووي للشعب السوداني. وعندما يلتقي الحمضان النوويان، يولد الأمل، وينبثق الفجر، ويطل النور من خلف الظلام.
إن التاريخ سيذكر أن هناك من وقف مع السودان في محنته، وأن هناك من آمن بأن الشعوب الحرة لا تموت، وأن الحق لا يضيع، وأن العدالة – مهما طال الليل – لا بد أن تشرق في النهاية.
ختاما :
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، يوم الخميس، تفاصيل محادثة بين ترامب ونتنياهو وديرمر وماركو روبيو،…
أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طاولت المواقع النووية بعد 12 يومًا من…
مروي إعلام المحلية.رصد الحسن عبدالمهيمن طمأن قائد شعبة* إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي العقيد…
تقدمت الإعلامية *مروة عيد*، مقدمة البرامج المعروفة وصاحبة البصمة الإعلامية المتميزة، بأصدق التهاني والتبريكات إلى…
ذكرت شبكة "سي إن إن"، مساء اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة تدرس استبدال موقع فوردو…
لندن / الخميس 26 / 06 / 2025 رحَّب رئيس الكتلة الديمقراطية نائب رئيس الحزب…