Categories: الأعمدة

محزن جدا لكنه واقع مؤلم معاش في بلدي الغنية بالموارد ان (#اصبح اغلب البتقوليهم سلام بمدو يدهم يسألوك للحوجة الماسة وماثلة..!!

✍🏻المستشار/#مهيد شبارقة.
اغلب البتقوليهم سلام بمد يدو يسألوك للحوجة الماسة الماثلة في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والدعوة لاستمرار الحرب العبثية واثار عواقبها الاجتماعية
نعم ليست مجرد جملة دارجة على لسان السودانيين العفيفين بل باتت تعبيرا مؤلم عن واقع اقتصادي واجتماعي يزداد قتامة يوماً بعد يوم ففي بلد كان يعرف بموارده الوافرة وكرم أهله وعنوة أصبح السؤال عن #حوجة شائعاً أكثر من التحايا في مشهد مؤلم يعكس عمق الانهيار المعيشي الذي ينهش جسد السودان الجريح وانسانه العزيز…!!
اولا:#الاقتصاد السوداني من أزمات متراكمة لعقود إلى كارثة شاملة:
لاخلاف في ان السودانيون ورثوا اقتصادا مثقلا بالأزمات منذ عقود غير أن الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش وابن رحمه الدعم السريع جاءت بمثابة ضربة قاصمة لما تبقى من ركائز اقتصادية/تدمير البنى التحتية و/توقف الإنتاج الزراعي والصناعي في أغلب المناطق و/انقطاع سلاسل الإمداد أدت جميعها لشلل شبه تام في الحركة الاقتصادية وصعود غير مسبوق لأسعار السلع والخدمات فمعدل التضخم الذي كان مرتفعاً أصلاً قبل الحرب تجاوز في بعض التقديرات 400% في نهاية عام 2024 وتراجعت قيمة الجنيه السوداني لأدنى مستوياته حتى أصبحت سلع أساسية كالخبز والزيت والدقيق بعيدة المنال للملايين…!!!
#ثانيا:حرب الجنرالات الاغنياء على الفقراء من اجل البقاء:
فالمواطن العادي الذي فقد دخله أو مصدر رزقه بفعل الحرب والنزوح لم يجد ما يقيه برد العوز ولا نار الحيرة فمئات الآلاف من الأسر تعيش اليوم على المعونات أو التسول المقنع بينما توسع اقتصاد /الكد و/اليومية الهش بلا حماية اجتماعية ولا أمن وظيفي حتى من ظلوا داخل المدن الكبرى مثل /بورتسودان /مدني /الأبيض يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة دون مقابل من فرص العمل فباتت الشرائح الوسطى التي كانت سابقاً تمثل عصب الاستقرار في طريقها للتكل والانقراض..!!!
#ثانيا: كرامة المواطن المزعومة من اجل استمرار الحرب باتت في مهب الريح:
فقد أدى هذا الانهيار لتغييرات عميقة بالقيم والسلوكيات الاجتماعية فالشخص الذي كان يرفض طلب المساعدة أصبح اليوم مضطرا لمد يده مذلولا وبدلاً من احياء ثقافة التعاون المجتمعي القائمة على الكرامة بدأت تتسلل مظاهر الإذلال والانكسار حتى بأبسط تفاصيل الحياة اليومية الأسواق امتلأت بمشاهد مؤلمة:
رجال ونساء وأطفال يعرضون ما تيسر من ممتلكاتهم على الأرض للبيع مقابل وجبة واحدة أو دواء وكل ذلك أمام ونظر من يرفضون اي تفاوض لوقف الحرب.
#ثالثا:من المساعدات الإنسانية إلى الاتجار بالمحنة:
ففي ظل هذا العجز الاقتصادي أصبح المواطن ضحية لمعادلة قاسية:
= فإما أن يلوذ بالخارج فارا كلاجى مهان أو يبقى بالداخل نازح كرهينة لوكالات الإغاثة ومع تسييس العمل الإنساني واستغلاله من بعض القوى العسكرية والقبلية والجهات الأجنبية أصبح المحتاجون أهدافاً للاستغلال والفرز
فبعض المناطق لا يصلها الدعم إلا عبر وساطات أو ولاءات في مشهد يكرس الجوع كسلاح للسيطرة وبدلا من أن تكون الإغاثة وسيلة للنجاة أصبحت سلعة تباع وتشترى..!!
#رابعا: دور الدولة الغائب اقتصاد وفير منهوب حتى هذه اللحظة وماهو متوفر بلا إدارة:
لا يمكن الحديث عن الأزمة الاقتصادية دون التطرق للغياب التام لسلطة الدولة ومؤسساتها فوزارة المالية مشلولة الا من توزيع استثمارات على حساب القبيلة والولاءات والبنك المركزي عاجز عن كل شي غير دعم الحرب والوزارات المختصة كماهث غائبة عن أداء دورها في الرقابة والتنظيم وفي المقابل هناك تسيطر المليشيات على موارد استراتيجية مثل /الذهبو/تهرّب العملة الصعبة عبر شبكات مافيوية معروفة ظلت في السلم والحرب تمارس نفوذها
ولم تسعى أي من الأطراف المتحاربة لتقديم برنامج اقتصادي يخفف من الأثر على المواطنين بل أصبحت بعض هذه الجهات تزايد بمعاناة الناس لفرض شروطها السياسية للرجوع للسلطة..!!
#خامسا: مابين المستقبل المظلم أم أمل مشروط..؟
ما لم تتوقف الحرب العبثية ويعاد بناء مؤسسات الدولة وفق عقد اجتماعي جديد يضمن الشفافية والعدالة الاقتصادية فإن موجات الفقر والجوع لن تتوقف وسيتحول السودان لواحدة من أسوأ بؤر العوز في العالم رغم غناه بالموارد.
يقول أحد النازحين من الخرطوم للفاو: (يا زول نحنا تعبناالقفة فضيت والكرامة فاضت) وهي عبارة تلخص اختزال الأزمة السودانية في بلد غارق بالخيرات وشعب يصارع الجوع والإهانة..!!
#ففي محاولة لفهم أبعاد الانهيار الاقتصادي الشامل المعاش تحدث عدد من الخبراء الاقتصاديين السودانيين سواء من داخل البلاد أو في المنافي فخرجوا بصور قاتمة لكنها ضرورية لفهم المشهد الحقيقي الا وهي:
١/ د. ا.ب خبير اقتصادي وأستاذ جامعي سابق بجامعة الخرطوم (ومقيم بالقاهرة حالييا) يقول:
= ما يحدث في السودان حالياً لا يمكن وصفه فقط كأزمة اقتصادية بل هو تفكيك كامل لمنظومة الدولة الإنتاجية والخدمية فالحرب العبثية لم تضرب فقط المؤسسات بل ضربت العمق الاجتماعي فحطمت أدوات التبادل وأوقفت الزراعة والتجارة وخلقت اقتصاد حرب منفصل عن معاناة الشغب ونسبة كبيرة من المواطنين باتوا يعتمدون بشكل كلي على الحوالات الخارجية أو المعونات وهو ما لا يمكن اعتباره اقتصادا مستداما بل حالة طوارئ دائمة.
٢/د.ع. م باحثة اقتصادية ومحللة في شؤون الاقتصاد الكلي تقول:
= تآكل الطبقة الوسطى هو أخطر ما يمر به السودان فلم يعد هنالك فاصل واضح بين الطبقات فالفقر طال حتى المهنيين الأطباء المعلمين أساتذة الجامعات فالغلاء أصبح يتجاوز قدرة أي راتب رسمي على الصمود ليومين فقط والإنفاق اليومي للأسرة أصبح يفوق خمسة أضعاف دخلها بينما تتجاهل الجهات الحاكمة هذا الواقع أو تستخدمه كورقة تفاوض سياسية.
٣/يقول المستشار الاقتصادي السابق بوزارة المالية ان: (الدولة السودانية اليوم لا تملك القدرة على التحكم في أبسط مقومات اقتصادها /فالنقد الأجنبي يهرب من دارفور عبر شبكات تديرها مليشيات و/الذهب يباع خارج النظام المصرفي و/الجبايات تفرض بسلطة السلاح وهذا ليس اقتصاداً بل هو فوضى محسوبة لمصلحة أطراف معينة وحذر من أن استمرار هذا الوضع انه سيقود إلى ما سماه (اللاعودة الاقتصادية) أي لحظة الانهيار الكلي التي يصعب معها حتى الإصلاح..!!!
#سادسا: قفة اليوم الواحد كيف صارت المعيشة اليومية أزمة سيادية..؟
من الواقع يتضح أن الأزمة لم تعد مجرد مسألة /أسعار أو /انعدام سلع بل أزمة قدرة على الحياة فالمواطن لم يعد يفكر في الادخار أو التعليم أو الصحة بل في كيفية تدبير وجبة اليوم أو تأمين جرعة الدواء أو قارورة الغاز…!!!
= ويقول أحد الباعة في سوق بحري:
(الناس بقت مابتشتري بالخيش زي زمان بقت تجيب قروشها في كيس صغير دايرين حتة سكر نص زيت حبة رز حتى صغار التجار بقو محتاجين..!!) مما ادى لتدهور سبل كسب العيش من الموظف إلى المتسوّل ومن بين التحليلات المهمة التي قدمها الاقتصاديون هو تسليط الضوء على تغير طبيعة العمل نفسه: =ف70% من عامة الموظفين الحكوميين لم يتقاضوا رواتب منتظمة منذ أبريل 2023.
= العاملون في الزراعة والمزارع المروية انقطعوا عن أراضيهم مما بسبب الحرب أو نقص الوقود..!! فصحاب المهن الحرة (النجارين الحرفيين الخياطين…) تحولوا إما لعمال يومية أو متسولين بالأسواق..!
ويقول الخبير الاقتصادي ح. ج .ا:
#سابعا: اقتصاد الجوع والتسول المنظم هو أخطر ما يواجه السودانيين…!!!:
يحذر بعض الخبراء من نشوء ما يسمونه /اقتصاد الجوع حيث تكون الحاجة والفقر الشديدان سببا لبروز شبكات جديدة من الاستغلال سواء عبر تجنيد الأطفال أو عبر إشراك النساء في أنشطة لا أخلاقية تحت ضغط الحاجة أو من خلال التحكم بالمعونات الإنسانية وتوزيعها بمنطق الولاءات..!!
وقد صرح أحد الخبراء:
(ما نخاف منه ليس المجاعة المنكورة فقط بل انهيار منظومة القيم المرتبطة بالعمل كالكسب الحلال والكرامة فحين يصبح ((التسول هو الوسيلة الوحيدة للبقاء نكون قد دخلنا مرحلة الانهيار الأخلاقي الكامل للدولة والمجتمع)
#الخلاصة:
من التحية للحاجة…!! ومن الشعب للحطام وكل البتقوليهم سلام بمدو يدهم يسألوك حوجة لم تعد مزحة ثقيلة أو استثناء بل إنها تحولت لوضع الطبيعي بينما يواصل جنرالات الحرب والعالم تجاهل أكبر الكوارث الاقتصادية الإنسانية في أفريقيا…والأصعب من الجوع هو الشعور بالعجز أمام أبنائك والإهانة أمام مجتمعك حين تقف عند أبواب المساجد أو الجمعيات الخيرية أو الجيران لا لتسأل عن احوالهم والسلام بل عن الحوجة فإلى متى سيظل السلام حلماً بعيداً والغذاء أمنية مؤجلة والكرامة سلعة تشترى وتباع في سوق العجز…؟

ahmed

Recent Posts

صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية  تنشر تفاصيل خطيرة عن خطة وضعها ترامب ونتنياهو تخص غزة وسوريا ودولا عربية أخرى

نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، يوم الخميس، تفاصيل محادثة بين ترامب ونتنياهو وديرمر وماركو روبيو،…

6 ساعات ago

وزير الخارجية الإيراني يعترف بتعرض المنشآت النووية لأضرار كبيرة

أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طاولت المواقع النووية بعد 12 يومًا من…

7 ساعات ago

قائد إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي يطمئن بهدؤ الأحوال الأمنية ويدعو لعدم الإنسياق وراء الشائعات المضللةَ

  مروي إعلام المحلية.رصد الحسن عبدالمهيمن طمأن قائد شعبة* إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي العقيد…

7 ساعات ago

الإعلامية *مروة عيد* تتقدم بالتهنئة إلى الأمة الإسلامية والعربية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد

تقدمت الإعلامية *مروة عيد*، مقدمة البرامج المعروفة وصاحبة البصمة الإعلامية المتميزة، بأصدق التهاني والتبريكات إلى…

8 ساعات ago

يدفعها الخليجيون … سي إن إن”: ترامب يدرس تعويض إيران ببرنامج نووي سلمي في فوردو بـ30 مليار دولار

ذكرت شبكة "سي إن إن"، مساء اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة تدرس استبدال موقع فوردو…

8 ساعات ago

الميرغني: دفعنا بمقترحات جديدة لاطراف اجتماع بروكسل بشأن حل الأزمة السودانية

لندن / الخميس 26 / 06 / 2025 رحَّب رئيس الكتلة الديمقراطية نائب رئيس الحزب…

9 ساعات ago