Categories: الأعمدة

لماذا لا تعتذر جماعة الحركة الإسلامية في السودان عن ما إقترفته من جرائم وانتهاكات في حق الشعب السوداني

محمد الفاتح حضرة
#رغم كل ما ارتكبته جماعة الحركة الإسلامية في السودان من جرائم وانتهاكات بحق الوطن والمواطنين — من قمع وقتل وتعذيب، إلى الفساد المنهجي وتخريب مؤسسات الدولة — لم نسمع يوماً اعتذاراً صريحاً منهم، ولا حتى شعوراً بالحرج أو ندمٍ على ما فعلوه..فما السبب؟
ولماذا يصرّون على تجاهل كل هذا الدمار الأخلاقي والسياسي الذي خلفوه؟
#الإجابة تتطلب فهماً عميقاً لتركيبة الجماعة الأيديولوجية والنفسية، ولطبيعة المشروع الذي قاموا به منذ انقلاب 1989 وحتى اندلاع الحرب الحالية، التي هم أحد أسبابها الرئيسة.
#أولاً: شعور بالتفوق العقائدي
جماعة الحركة الإسلامية لا ترى نفسها كتيار سياسي عادي، بل كطليعة ربانية مفوضة من الله لتحقيق “الحكم بالإسلام”. هذا التفويض المزعوم يجعلهم ينظرون إلى بقية الشعب من علٍ، ويعتبرون أن معارضتهم ليست مجرد خلاف سياسي، بل تمرد على مشروع إلهي. ضمن هذا التصور، لا مجال للاعتراف بالخطأ، لأنهم ببساطة يعتقدون أنهم لا يخطئون.
#ثانياً: الاستعلاء الأخلاقي والمراوغة السياسية
حتى في أحلك لحظات تاريخهم، عندما كانت السجون تغص بالشرفاء، والدماء تسيل في الشوارع، لم يشعروا بواجب أخلاقي للاعتذار. هم يبررون كل شيء على أنه “ضرورة أمنية” أو “مصلحة عليا”. هذه الذهنية تخلق طبقة من الغطرسة التي تمنع أي مراجعة حقيقية للذات.
#ثالثاً: ثقافة الإنكار وتبديل الحقائق
من سمات الحركة الإسلامية أنها تتقن تزييف الوقائع وإنكار الجرائم. يُلقون اللوم دائماً على جهات خارجية، مؤامرة غربية، عملاء، يساريون، أو حتى قوى خفية!🙄
بهذا الأسلوب، يبرئون أنفسهم من أي مسؤولية، ويحولون الجلاد إلى ضحية.
#رابعاً: الخوف من المساءلة
ربما يدرك بعض قادة الجماعة في قرارة أنفسهم أن الاعتذار يعني فتح الباب للمحاسبة، وربما للمحاكمات. لذلك فهم يفضلون الهروب إلى الأمام، وإنكار الواقع، بدل تحمل نتائج ثلاثين عاماً من القمع والنهب والدمار.
#خامساً: تربية الكادر على الطاعة لا على النقد
داخل الجماعة، تُقتل أي محاولة للمراجعة أو النقد منذ المهد. الكوادر تُربّى على الطاعة العمياء، وتقديس القيادة، والتشبث بالرواية الرسمية مهما كانت فاشلة أو كاذبة. هذا جعلها جماعة منغلقة فكرياً، عاجزة عن أن ترى صورتها في مرآة الواقع.
#في الختام:
لن تعتذر جماعة الحركة الإسلامية، لا لأنهم لم يرتكبوا الجرائم، بل لأنهم لا يؤمنون أصلاً بأنهم مخطئون..
#إنهم يعيشون في فقاعة من الوهم الأيديولوجي والاستعلاء الأخلاقي، ويخافون من لحظة الحقيقة التي قد تقودهم إلى العدالة.
#لكن، كما قال محمود درويش:
“سيأتي يومٌ، ويُحاكم التاريخُ القتَلة، حتى لو لم يعتذروا.”
22 يونيو 2025
محمد الفاتح حضرة

ahmed

Recent Posts

أقدم طالب جامعي..التحق بالجامعة قبل الحرب العالمية، وحصل على الليسانس سنة 2015..

أنتوني بروتو يمكن اعتباره أقدم طالب في العالم.. التحق بالجامعة سنة 1939، وتخرّج منها عام…

دقيقة واحدة ago

قائد إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي يطمئن بهدؤ الأحوال الأمنية بكامل حدود مسؤلية الفرقة ويدعو لعدم الإنسياق وراء الشائعات المضللةَ

مروي إعلام المحلية.رصد الحسن عبدالمهيمن *▪️طمأن قائد شعبة* إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي العقيد ركن…

7 دقائق ago

واخد بال حضرتك يا فندم ؟

حينما سئل البروفيسور الراحل عبدالله الطيب ..عطرالله ذكراه وطيب ثراه ..عن تواضع المبدع او المثقف…

11 دقيقة ago

“الأوروبي” يعقد “التشاوري”الرابع عمل جماعي لاسكات البنادق في السودان

* التحرك على مستوى عال وتعزيز مبادرات وجهود السلام *3 جلسات عمل تناقش خفض التصعيد…

14 دقيقة ago

*ثمانون عاما على ميثاق الأمم المتحدة: دعوة عالمية لتجديد الالتزام بالسلام والعدالة*

تُعتبر مبادئ ميثاق الأمم المتحدة حجر الزاوية في عمل المنظمة، وهي بمثابة الدليل في مهمتها…

17 دقيقة ago

معلم بحراوى هام لا يعرفه الناس طابية شمبات المنسية !!

هل سمعت من قبل بطابية شمبات ؟ وهل تعرف انها شاركت فى القتال فى معركة…

23 دقيقة ago