#image_title
#المستشار/#مهيد شبارقة
بين جراح الهجرة وأشواق الوطن ولدت واحدة من أبلغ أغنيات الحنين في الغناء السوداني الحديث الاوهي الطير المهاجر تلك الملحمة الشعرية المغناة التي كتبها الشاعر /#صلاح أحمد إبراهيم ولحنها وغناها الأسطورة /#محمد وردي لتصبح لاحقا علامة بارزة في الموسيقى السودانية والعربية معا.
#أولًا: السياق التاريخي والمناسبة
كتبت القصيدة في ستينيات القرن الماضي حين كان صلاح أحمد إبراهيم يعمل في السلك الدبلوماسي خارج السودان فالمشاعر التي حملها المغترب السوداني آنذاك كانت تتأرجح بين الانتماء العميق للبلد والخذلان من واقعه السياسي..!!
أغنية الطير المهاجر”كانت رسالة مشبعة بالشوق والحنين للوطن لكنها أيضا تضمر نقدا حزينًا وحبا غير مشروط للوطن فوردي التقط هذه الحمولة العاطفية والسياسية وحولها إلى عمل فني خالد.
#ثانيًا: من هو الشاعر صلاح أحمد إبراهيم؟
صلاح لم يكن شاعرا فقط بل مثقفا موسوعيا ودبلوماسيا وأحد أبرز كتاب #أدب الغربة في السودان حيث جمع بين الحس الشعري الرقيق والوعي السياسي العميق وكلماته في “الطير المهاجر” تعكس قدرة هذا الشاعر على تصوير حالة المغترب (#ككائن معلق بين سماء الذكريات وتربة الحرمان..!!)
#ثالثًا: كيف لحن وردي القصيدة..؟
ورد في شهادات مقربين من وردي أن تلحين الأغنية لم يكن سهلا خاصة لطولها وتراكيبها الشعرية المعقدة
أمضى وردي وقتا طويلا وهو يختبر المقامات المناسبة حتى استقر على مقام #البياتي لمافيه من حزن دافئ وانسيابية لحنية تتلاءم مع الصور الشعرية فوردي لم يكتف بتلحينها بل وزعها موسيقيا بنفسه مع فرقته مضيفا تفاصيل دقيقة مثل تصعيد الكورال عند كلمة #غريب ثم الانحدار الموسيقي عند #منسي ليخلق بذلك حركة موسيقية توازي تقلبات مشاعر الطير المهاجر نفسه.
#رابعًا: تحليل الكلمات الشعرية (مقطعا مقطعا)
١/أنا زي الطير المهاجر.. لي وطن بحن لو ما لاقي فيه الدفّا
فالافتتاحية تحمل #اعترافا قاسيا بالاغتراب: وهو يحب وطنه رغم قسوته تماما كطائر يهاجر بحثا عن الدفء لكنه يظل حنينه للمكان الأول أقوى من دفء المنافي.
٢/#أنا زي الزمن الراح.. ما بنقدر نرجع ساعة واحدة.
تعبير عبقري عن الفقد ليس فقط للمكان بل للزمن أيضا فالهجرة هنا ليست فقط جغرافية بل هجرة نفسية من زمن الطفولة والبساطة إلى قسوة النفي.
٣/أنا طيفه الساكن في أعماقي.. جوايا بكل تفاصيله..فهنا صلاح يرسم الوطن كشخص بل كحبيب مستبطن في الروح لا يمكن إخراجه مهما بعد الجسد.
#خامسًا: البنية الموسيقية والتوزيع:
فاللحن يبدأ ناعما بلا مقدمة موسيقية طويلة ليضع المستمع فورا في قلب النص.
والتوزيع يحافظ على الاتزان بين الآلات الشرقية (العود والناي) والغربية (الكمانات) في انسجام يُبرز ثنائية الحنين والغربة.
فوردي وظف وقفات موسيقية ذكية بين المقاطع لتكثيف التأثير النفسي.
#سادسا: تأثير الأغنية على الوجدان السوداني:
تحولت “الطير المهاجر” إلى نشيد غير رسمي للمهجرين والمغتربين السودانيين لا تكاد تذكر الغربة إلا وتستدعى كلماتها
ولأنها عرضت في زمن تشظت فيه الوطنية بسبب الاستبداد والانقلابات فقد كانت بمثابة مرآة داخلية يستعيد فيها السوداني صورته العاطفية عن وطنه كما يحب أن يراه.
#سابعًا: لماذا ظلت هذه الاغنية معتقة خالدة..؟
#لأنها لم تكن أغنية رومانسية عابرة بل مرثية وطنية بصوت العاشق لا الثائر.
#ولأن محمد وردي لم يكن فقط فنانا بل صوت شعب مسكون بالحنين والمقاومة
#ولأن الشاعر صلاح أحمد إبراهيم لم يكتب شعرا فقط بل كتب وجدان أمة مشطورة بالمنفى الداخلي والخارجي.
#شهادة موسيقية: الحنين كتب بالنوتة”
في مقابلة تلفزثونية مع الموسيقي والموزع السوداني المعروف د/أحمد عبد الغني أستاذ الموسيقى بجامعة السودان للعلوم والموسيقى #قال:
لحن الطير المهاجر هو واحد من أذكى ما قدمه وردي لا لأنه صعب تقنيا بل لأنه شديد الحساسية للنص الشعري فوردي لم يحاول أن يسيطر على الكلمات بل ترك الكلمات تقوده وهذا نادر في الغناء العربي كله لا السوداني فقط فالمقام الأساسي المستخدم هو مقام البياتي وهو مقام شعبي بطبعه يستخدم كثيرًا في الأغاني العاطفية والوجدانية لكن وردي اختار البياتي لاليقول(#أنا حزين) بل ليقول: (#أنا مشتاق) وهناك فرق دقيق بين الحزن والحنين ووردي نجح في التعبير عن هذا الفرق عبر اللحن.
ونلاحظ كيف يتصاعد اللحن عند كلمة (غريب) ثم يهبط تدريجيا عند (منسي) ليقود المستمع إلى حالة لاشعورية من الغرق في الذكرى وهذه الديناميكية ليست اعتباطية بل نتيجة دراسة وردي لكيفية حمل الكلمة باللحن من المعنى إلى الإحساس والكورال أيضا كان عاملًا محوريا في التوزيع فقد استخدمه وردي كما يستخدم صدى الصوت في النص المسرحي للتأكيد والتوسيع لا للحشو عند مقطع (#أنا طيفه الساكن جوايا) يأتي الكورال لا ليعيد الجملة فقط بل ليجسد حرفيا فكرة الطيف الذي يتردد داخل الشاعر.
#ويختم شهادته قائلا:
الطير المهاجر عمل متكامل من النص إلى اللحن إلى الأداء إنها أغنية لا تموت لأنها كتبت بالدموع ولحنت بالوجدان وغنيت بصدق لا يتكرر.
=شهادة ثانية من مختص في الشعر السوداني الكلاسيكي تركز على الجماليات الشعرية والنفسية في قصيدة الطير المهاجر:
=شهادة أدبية قصيدة هجرت الحنين ذاتهاستضفنا يقول الأستاذ /مصطفى شريف عبد الرحيم باحث أكاديمي في الأدب السوداني ومحقق لدواوين شعرية لكبار شعراء الخمسينيات والذي قدم رؤية ثاقبة في تفسير عمق النص الذي كتبه الشاعر صلاح أحمد إبراهيم:
الطير المهاجر ليست مجرد قصيدة شوق أو حنين كما يظن البعض بل هي صياغة وجدانية دقيقة لمعاناة النخبة السودانية التي كانت مغتربة عن وطنها معنويا حتى وهي فيه ثم فعليا حين دفعتها السلطة القمعية آنذاك إلى المنفى أو السجون.
#ويضيف :
كلمة (الطير) في العنوان والمطلع ليست مجازا فقط بل استعارة كبرى لحالة من الانفلات من الجغرافيا والانتماء الزمني فالطير لا يعود أو يعود دون أن يدركه من ينتظرونه وهذا بالضبط ما يعانيه الشاعر ثم يتوقف عند تركيب الجمل الشعرية:
صلاح استخدم جملا قصيرة ومكثفة مثل (أنا مالي ومال الناس؟) وهي جملة تمشي على حافة التمرد والانسحاب لكنها ليست أنانية بل صرخة مكتومة من شاعر يشعر بأنه يكتب من شرفة يحترق تحتها التاريخ.”
أما مقطع (أنا قلبي كان بيشيل همّك) فهو ذروة التفكك الوجداني فلم يقل (قلبي بيحبك) بل قال (يشيل همّك) وهذا فارق جوهري فالقصيدة عن وطن تحبّه رغم الجراح وهنا يتجلى مفهوم (الوفاء الحزين) وهو من خصائص الشعر السوداني في تلك الفترة.
=ويختم حديثه:
صلاح لم يكتب قصيدة عادية بل كتب (فلسفة شوق)والجميل أن وردي التقط ذلك وصاغه صوتا لاينسى ولذلك حين نسمع الأغنية لا نتذكر وردي أو الشاعر فقط بل نتذكر أنفسنا في كل لحظة ضعف وشوق وفقد.
#خاتمة:
لو كان الطير بكتب فعلا لكتب هذة الماحمة ففي الطير المهاجر نقرأ سيرة وطن بأكمله من خلال مفردات شاعر وصوت فنان ودمعة مغترب يعاني الشوق للوطن المهنك بسبب اطماع شخصية لذا إنها ليست مجرد أغنية بل وثيقة وجدانية وجمالية تشهد على عصر من التمزق لكنها تعد في ذات الوقت بمستقبل يعود فيه الطير إلى وطن دافئ ليس فقط بالمناخ بل بالحرية والكرامة.
نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، يوم الخميس، تفاصيل محادثة بين ترامب ونتنياهو وديرمر وماركو روبيو،…
أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طاولت المواقع النووية بعد 12 يومًا من…
مروي إعلام المحلية.رصد الحسن عبدالمهيمن طمأن قائد شعبة* إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي العقيد…
تقدمت الإعلامية *مروة عيد*، مقدمة البرامج المعروفة وصاحبة البصمة الإعلامية المتميزة، بأصدق التهاني والتبريكات إلى…
ذكرت شبكة "سي إن إن"، مساء اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة تدرس استبدال موقع فوردو…
لندن / الخميس 26 / 06 / 2025 رحَّب رئيس الكتلة الديمقراطية نائب رئيس الحزب…