عثمان فضل الله
بالتعديلات المعلنة اليوم في قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، يبدو أن هذا الكيان العريق قد أكمل انزلاقه التام في حضن الحركة الإسلامية، وبات أقرب إلى أن يُدرج – من حيث الوظيفة السياسية لا التسمية – ضمن أحد أفرع المؤتمر الوطني المحلول.
المشهد مؤلم لكل من عرف تاريخ هذا الحزب، الذي وُلد من رحم الحركة الوطنية، وقاد معارك الاستقلال والديمقراطية، وتحول الآن إلى أداة بيد منظومة ظلت تاريخياً عدوة لفكر الاتحاديين وتضحياتهم.
هذه التعديلات لم تكن مجرد تغييرات تنظيمية في هياكل الحزب، بل هي في جوهرها عملية إحلال وإبدال للهوية السياسية. فالأسماء الجديدة التي تم الدفع بها إلى الواجهة، إما محسوبة مباشرة على الإسلاميين، أو لا تخفي عداءها المعروف للمشروع الوطني المدني، بل بعضها كان جزءاً من بنية التمكين في عهد الإنقاذ، وشارك في صناعة الكارثة التي نعيشها اليوم.
إن ما حدث ليس مجرد “إعادة ترتيب بيت اتحادي” كما يروج البعض، بل هو عملية تسليم كامل لمفاتيح الحزب إلى عناصر مؤدلجة، تسعى لتفكيك ما تبقى من الكتلة التاريخية للوسط الديمقراطي، وإلحاقها بالتيار الذي يسعى الآن – عبر الحرب والخراب – لإعادة إنتاج الإنقاذ بواجهة جديدة.
ولعل الأخطر أن هذا الاختراق لا يتم من خارج الحزب فقط، بل يتم بمباركة من قيادات في داخل البيت الاتحادي نفسه، ممن ارتضوا أن يكونوا واجهات ناعمة لمشروع غليظ، يتوسل الشعارات الوطنية والمرجعيات الصوفية لتمرير أجندة سلطوية متطرفة. لقد أصبح واضحاً أن قيادة الحزب الحالية ليست فقط غير قادرة على مقاومة هذا الاختراق، بل هي شريكة فيه.
المؤسف أن هذا الانحراف لا يحدث في ظرف عادي، بل في لحظة حرجة من تاريخ السودان، حيث تتطلب الحاجة الوطنية اصطفافاً مدنياً واسعاً لمواجهة الحرب ومشاريع التقسيم والانهيار. وبدلاً من أن يكون الاتحادي الأصل قوة دفع في اتجاه بناء جبهة ديمقراطية موحدة، قرر بعض قادته – عن وعي كامل – أن يقفوا في الصف المعاكس، إلى جانب قوى الثورة المضادة.
لقد حوّلوا الحزب من منبر وطني إلى ملحق في جيب العسكر والإسلاميين، ومن قلعة للديمقراطية إلى منصة تطلق منها دعاوى الكراهية والانقسام، ومن صوت للمصالحة الوطنية إلى بوق للمليشيات والانقلابات.
الرد على هذا العبث يجب ألا يكون فقط بالرثاء، بل بالمقاومة. فالاتحاديون الحقيقيون – وهم كثر – مطالبون اليوم باسترداد حزبهم من هذا الاختطاف السياسي، والانخراط في معركة وطنية حقيقية لإعادة بناء الحركة الديمقراطية، وتجنيب البلاد مصيراً تحكمه التحالفات المليشياوية والصفقات المظلمة.
لم يعد مقبولاً الصمت، ولا مجدياً التعلل بالرمزية التاريخية. فالأحزاب تُعرف بمواقفها لا بشعاراتها، وبموقعها في لحظات الحسم لا في كتب التاريخ. والسؤال الذي يواجه كل اتحادي الآن: هل تقبل أن يكون حزبك واجهة جديدة لحكم شمولي بثوب ديني؟ أم أنك مستعد للوقوف من جديد حيث وقف الشريف حسين، والأزهري، وأحمد محمد خير المحامي .. في صف الوطن لا السلطة؟
السودان يستحق أفضل من هذا.
والاتحادي الأصل، إن لم يُسترد من أيدي الخاطفين، فمصيره إلى مزبلة التاريخ لا محالة.
و
و
#اللهم_لا_ترفع_للكيزان_راية_ولا_تحقق_لهم_غاية_واجعلهم_للعالمين_عبرة_وآية
تم أمس اعتقال الشاب أحمد عبدالقادر محمد علي الذي صور فيديو العسكرى ينهب في بيت…
استأنفت مصر ضخ الغاز الطبيعي للمصانع كثيفة الاستهلاك اليوم الخميس، بعد توقف استمر عدة أيام…
استهدف الجيش الإسرائيلي أنحاء متفرقة في قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات بينهم…
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية،…
تلقت النيابة العامة في مصر بلاغا من الإعلامية مها الصغير وسائقها يتهمان فيه الفنان أحمد…
تواجه إدارة مهرجان "موازين" دعوى قضائية من شركة XtendVision المتخصصة في تقنيات الهولوغرام، تتهمها بالاستغلال…