اتكأت الجمعية — تحلق بالفوز وتجمع بين التعليم والتطوع والثقافة الاستاذه فوزية دخيل طواله

إعداد : المغيره بكري ” امدر تايمز”

هي فوزية دخيل بن طواله الشمري
من المنطقة الشرقية تحديدا مدينة الجبيل الصناعية تحمل ماجستير إدارة واشراف مع مرتبة الشرف بكالوريوس كيمياء
حققت إنجازات في التعليم وحازت على جوائز ومراكز متقدمة على المستوى الوطني وكرمت من عدة جهات نظير مبادرة وطن متحد وأعمالها التطوعية
لها عدة مقالات في الصحف الورقية والالكترونية حسابها في مواقع التواصل على منصة x كحديقة غناء يجمع بين الثقافة والفلسفة والعلوم
هي عضوة بالفريق العلمي لمجموعة قضايا وطنية ترأسة سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد آل سعود

ومن احد كتابتها عن الأمثال يقول المثل الصيني: (الكتاب نافذة تطل من خلالها على العالم) (وسئل أرسطو: كيف تحكم على إنسان؟ قال : أسأله كم كتاباً يقرأ؟ وما ذا يقرأ؟) (ويقول مونتسكيو: المطالعة هي استبدال ساعات السأم بساعات المتعة) ويقول الفيلسوف رينيه ديكارت:(قراءة الكتب الجيدة كمحادثة أفضل الرجال في القرون الماضية)
مع بداية الإجازة ووجود مساحة من الفراغ من مسؤوليات العمل عدت بشغف لمتعتي المفضلة السياحة في بساتين الكتب.
ومن حسن الحظ أن أول كتاب قرأته هو كتاب (محطات في حياتي مع الإدارة) الكتاب الذي أهدتني إياه سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد آل سعود مؤسسة ومديرة جامعة نورة سابقا.
ختمت الكتاب في جلسة واحدة ولم أشعر بمرور الوقت، وكما يقول: بول سويتي :(إذا شعرت وأنت تقلب الصفحة الأخيرة في الكتاب أنك فقدت صديقاً عزيزاً فاعلم أنك قد قرأت كتاباً رائعاً) شدني للكتاب عمق الكتابة والدقة في عرض التفاصيل وتوثيق الأحداث وتسلسلها بأسلوب أدبي سهل ولغة متينة مميزة عكست اصطباغ سمو الأميرة في تخصصها (اللغة العربية والنحو والصرف)
في هذا الكتاب قرأت جملة من المعاني والمضامين، فهو بمثابة جنة غناء طاب ثمرها انتقل فيه من حقل لحقل، فمن حقل الإنجاز والتفرد للمرأة السعودية، إلى حقل القيادة والإدارة، إلى حقل الخبرة والتجربة والحكمة، كل هذا بنكهة التواضع والإخلاص من جوهرة الوطن .
جوهرة الوطن نموذج للمرأة السعودية الطموحة الشغوفة بالقمة. فهي الخريجة الأولى التي حصلت على درجة الماجستير في الآداب- علوم اللغة العربية تخصص النحو والصرف من كلية التربية للبنات في الرياض، وهي المرأة الأولى التي تحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة في الآداب- علوم اللغة العربية تخصص النحو والصرف من كلية التربية للبنات في الرياض عام 1403هـ.
كل صفحة من كتابها الرائع يعتبر محطة توقف لاستلهام العبر والدروس. لن أستطيع التوقف في كل محطاته. ولعلي لا أبخس الكتاب قدره إن اخترت عدداً من هذه الوقفات لأعطي نماذج فقط وإلا فالكتاب مدرسة حافلة بالكثير من التجارب والمواقف الجديرة بالتوقف والتـأمل.
المحطة الأولى: حين تسنمت سمو الأميرة الجوهرة أول منصب لها، منصب عميدة كلية التربية للبنات بالرياض وهي بنت التاسعة والعشرين من العمر تحملت مسؤولية القيادة . تقول سموها: “عندما توليت هذا المنصب لم أغير شيئاً من أثاث مكتب العمادة السابقة رغم ماعرض علي من قبل الإدارة المختصة في وكالة كليات البنات ، ولكن رفضت بشدة وأبقيت كل شيء على حاله فمكتب العميدة السابقة هو نفسه مكتبي طوال فترة عمادتي للكلية لم أغيره” وهنا درس في التواضع والتكريز على الأهداف بعيداً عن القشور والتزييف والإسراف والهدر الذي يعمد إليه معظم من يتسلمون مناصب جديدة، من تجديد للمكاتب والديكور والأجهزة وكأن لسان حالهم يقول : هذا هو التغيير المنشود، لكن سمو الأميرة نسفت هذا كله ورفضت إغراءات التجديد المادي لمكتب العميدة وركزت على الأسس العلمية الصحيحة في التغيير ملتمسة جوانب الضعف والقوة من خلال الاجتماعات والورش والعصف الذهني للفريق استطاعت وفي فترة وجيزة من بناء الهيكل التنظيمي للكلية وأنشأت مكتب لأمانة المجلس لمتابعة القرارات وتنسيق الاجتماعات وإنجاز المهام، وأدخلت العنصر الرجالي في مجلس الأمانة من خلال الدائرة التلفزيونية المغلقة للاستفادة من خبراتهم في مجال عمل المجلس.
وتقول سمو الأميرة: لقد سمحت للعناصر الشابة من المحاضرات بحضور جلسات مجالس أقسام الكلية مستمعات رغم معارضة نص النظام لذلك واقتصار حضور الجلسات على أعضاء هيئة التدريس فقط . وهذا بعد رائع، ونظرة بعيدة المدى من سموها لإعطاء الفرصة للشابات اكتساب الخبرة الحية في المجالس وتعلم أسس الحوار وتقبل الآراء والرأي الآخر، وزرع الثقة في الجيل الصاعد من المحاضرات لطرح مقترحاتهن وزرع الثقة فيهن ليتحملن المسؤولية في التطوير والرقي بتخصصاتهن.
ومن الخطوات الهامة الجريئة التي قامت سمو الأميرة أنها تبنت تغيير ومراجعة الخطط والمناهج وشكلت فرق العمل المتميزة للقيام بهذه المهام ومتابعة تنفيذها.
لقد سبقت سمو الأميرة الشابة بفكرها ومقترحاتها أصحاب القرار في ديوان الخدمة المدنية في دراسة ظاهرة بطالة الخريجات. وقدمت ورقة عمل في عام 1415هـ تضمنت تشخيصاً وحلولاً لهذه الظاهرة. ومن بين المقترحات لمعالجة بطالة الخريجات فتح آفاق جديدة لعمل المرأة بإنشاء فروع مستقلة للسيدات في كافة الوزارات، إلا أن رد رئيس ديوان الخدمة المدنية آنذاك كان مخيباً للآمال برد المقترح وعدم جدواه. لنجد أن رؤية 2030 الطموحة وضعت من ركائزها الأساسية التوسع في توظيف المرأة ووضح الحلول لتزايد البطالة النسائية، وهذا يحسب لسمو الأميرة بعد نظرها الثاقب ومقترحاتها البناءة والعلمية في حل المشكلات التي تقف وراء استثمار المرأة في التنمية.
ولتحقيق مزيد من العدالة والشفافية في القبول في الكلية غيرت سمو الأميرة سياسة القبول وفق معايير دقيقة ترفض الواسطة والمحسوبية والذي دفعت لأجله سمو الأميرة الضريبة غالية من فريق الواسطات الذي بدأ يكتب في الصحف بأسماء مستعارة مقالات كاذبة تنال من سمو الأميرة تقول سموها :” بدأت أدفع ضريبة الجد والاجتهاد ويدفعها معي فريقي الذي يعمل معي حيث كانت تنشر مقالات كاذبة بأسماء مستعارة في بعض الصحف. ولكن أحمد الله أن مثل هذه الأمور لم تؤثر في بل جعلها الله سبباً قوياً لتحقيق مزيدٍ من التطوير والانجاز وكان لدي يقين بأن زمام هؤلاء لن يفلت من يد الله ”
ومما يدل على الجرأة والتميز والحكمة وبعد النظر لدى جوهرة الوطن أنها اهتمت بسكن الطالبات عندما كلفت بالإشراف على السكن الداخلي فأنشأت عيادة طبية، وفعلت الأنشطة الثقافية والطلابية في السكن، واهتمت بتأسيس مكتبة للقراءة.
ومن الجوانب المضيئة في حياة سموها في الإدارة أنها كان لها قصب السبق في التعلم عن بعد من خلال إقرار الدوائر التلفزيونية المغلقة والتي قوبلت بالرفض والسلوك العنيف من بعض الطالبات المتحمسات حيث قمن بعضهن بإتلاف الكاميرات والأجهزة، ولبعد نظرها وأخذها بالرأي والرأي الأخر أخذت فتوى بجواز استخدام الشبكة التلفزيونية من الشيخ صالح الأطرم رحمه أستاذ أصول الفقه في جامعة الإمام ،واجتمعت مع الطالبات الرافضات وفي نفاش هادئ وبأسلوب القائد الحكيم الفذ تم إقناعهن بجواز ذلك وجدواه .
لقد اهتمت جوهرة الوطن اهتماماً شديداً بزيادة عدد الخريجات في الدراسات العليا وشجعت الطالبات على مواصلة تعليمهن للحصول على الماجستير والدكتوراه.
تقول في هذا الصدد ” وشاهدي إنني عندما عينت عميدة للكلية لم يكن بها عضو هيئة تدريس سعودية حاصلة على الدكتوراه من الكلية غيري وعندما تركتها في عام ١٤١٥هـ كان هناك ٥٦خريجة حاصلة على الدكتوراه من سبعة أقسام تعليمية في٢٤ تخصصٍ دقيقٍ و ١٣٤ خريجة حاصلة على الماجستير و ١٣٠٠ خريجة حاصلة على الدبلوم العالي”
وآخر إنجازات سمو الأميرة في هذه المرحلة سعيها إلى تشييد مبنى للكلية بعد رحلة شاقة من اتصالات ومراجعات وزيارات مع وزير المالية الأستاذ محمد بن علي أبا الخيل ووزارة التخطيط ورفع تقرير لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله يتضمن الوضع السيء للكلية وعدم مناسبة المبنى لدراسة التعليم العالي حتى تم رصد مبلغ لهذا الغرض وكانت تقف بنفسها على اختيار التصميم والألوان والأدوات. وكانت حريصة على الجانب التقني حيث تعاقدت مع كبرى الشركات لإدخال الحاسب الآلي مع ملحقاته من طابعات وأجهزة مسح ضوئي وأجهزة العرض الرأسي. كما وفرت حزم البرامج الجاهزة الإحصائية رغم ندرة استخدامها في ذلك الوقت.
اهتمام سمو الأميرة بالأنشطة الطلابية كان يسري في دمعها ويشغل حيزاً من تفكيرها حيث كان لها السبق في رعاية الأنشطة الطلابية والموافقة على الرحلات العلمية وكانت أول رحلة لمحمية الوعول في حوطة بني تميم بعد التنسيق مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية وكذلك رحلة الطالبات لمركز الملك عبد العزيز للعناية بالخيل العربية وهو مركز تابع لوزارة الزراعة.
المحطة الثانية في كتابها الرائع انتقلت فيه إلى مرحلة إدارة الوكالة المساعدة للشؤون التعليمية، حيث كانت أول أمرأه تشغل هذا المنصب على المرتبة الرابعة عشرة وواجهت الكثير من المصاعب في هذه الفترة لعدم تقبل القادة الرجل بقيادة المرأة لهم عمليا ورفضهم التام مما قيد كثير نشاطها. لكن جوهرة الوطن بالصبر والتأني وبعد النظر والتغيير المرحلي واجهت الموقف بالحكمة، فركزت على الإنجاز وشكلت فريق عمل مميز ولم تنشغل بالجدل والنقاشات لتقبل عمل المرأة في محيط الرجال أو العكس.
فقد قامت بجولات من الزيارات لكليات البنات في جميع مناطق المملكة ورصدت السلبيات والإيجابيات بعين الحصيف الثاقبة التي تبحث عن الخلل لتقويمه والإنجاز لتعزيزه وتحسينه، وكان مما لاحظته في جولاتها : سوء المباني، الاستعانة بالمعلمات لتدريس طالبات الدراسات العليا بسبب نقص كوادر التعليم العالي، عدم تطبيق منهجية البحث العلمي والاعتماد على المذكرات والملخصات. كل هذا يؤدي إلى مخرجات تعليمية سيئة وبدأت بالدراسة العلمية لهذا الوضع. ووضع تصور تصحيحي.
وقد نجحت في قيادة عملية الهيكلة الكبرى للكليات المنتشرة حول المملكة، والتي يبلغ عددها (102) كلية في ذلك الحين. كما أسست عدداً من الكليات والتخصصات الجديدة، بالإضافة للكليات المعاد هيكلتها وذلك وفقًا لمتطلبات سوق العمل.
المحطة الثالثة والمهمة في مشوار جوهرة الوطن هو قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يرحمه الله بتعيينها أول مديرة لجامعة للبنات في المملكة العربية السعودية هي جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن.
فكانت سمو الأميرة على مستوى المسؤولية وعند حسن ظن ولاة الأمر فيها حنكة وقيادة. فبذلت كل ما في وسعها مواصلة الليل بالنهار، فقامت بإعادة هيكلة الجامعة وضم كليات البنات في منطقة الرياض للجامعة. وكانت هذه النقطة انطلاقة تميز نوعي. حتى تم وضع حجر الأساس للمدينة الجامعية والتي تبلغ مساحتها أكثر من 8 ملايين متراً مربعاً. وهي اول من افتتح وكالة خدمة المجتمع والبيئة ويرتبط بها مركز رعاية وتنمية الطفولة عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر والبوابة الالكترونية وإدارة بنك المعلومات وإدارة شؤون المستشارين ومجلس شؤون خدمة المجتمع.
وبعد تلك المحطات المشرقة المضيئة المليئة بالعطاءات والإنجاز قدمت المخلصة الرائدة طلب التقاعد لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله. وتختم كتابها بقولها “لقد حاولت بقدر الإمكان أن أكون صادقة مع الله صادقة مع النفس أقف بين الحين والحين لتقويم أدائي وسلوكي مع الناس وأضع نصب عيني قوله تعالى
( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشورا )
ولعل الكتاب صدر في نسخته الأولى قبل أن تنتقل سمو الأميرة لمحطة رابعة رائعة تنافس فيها الثريا وزحل عندما تم ترشيحها رئيسة للجنة النسائية لشؤون الحرمين الشريفين. لتتوج تاريخا الناصح بصفحة من نور في خدمة حجاج وزائرات الحرمين الشريفين.
عندما أخذت جولة مع هذا الكتاب الذي جسد شخصية فريدة وأيقونة وطنية مخلصة أعطت الكثير من وقتها وصحتها وتفكيرها وبذلها بلا ملل ولا كلل في مجالات عديدة وبثبات وصبر مع محافظة تامة على مبادئها. أقول متسائلة: أليست هذه الشخصية جديرة بتسليط الضوء عليها إعلامياً لتكون نبراساِ يحتذي من بنات الوطن؟ أليست جديرة أن تكون ضيفاً في برامجنا الإعلامية؟! أم أن سياسة البرامج تتطلب كشف الوجه حتى تتصدر المشهد؟! وهنا أقف عن التعليق وفي فمي ماء قائلة: عجباً لإعلام يقدم التوافه وينسى الجواهر واللآلئ.