العدالة التي نُهبت مرتين!

محمد الفاتح حضرة
#من أبشع مظاهر الخراب الذي أفرزته حرب السودان، ما جرى للمرافق العامة، وعلى رأسها المحاكم.
#لم تكتفِ الحرب بتشريد القضاة وموظفي السلطة القضائية، بل تمادت الفوضى حتى نهبت دور العدالة ذاتها!
#بعد نهب قوات الدعم السريع لبعض محتويات المحاكم مما خفّ حمله وغلا ثمنه ، قامت عصابات للأسف الشديد قوامها مجموعات من المدنيين بتكسير ونهب الأبواب والشبابيك..
جري سرقة الأثاث، وحرق الملفات، ونهب حتى ميزات القضاة وبيوتهم الخاصة … في مشهد فاضح لانهيار مفهوم الدولة ومفهوم الأخلاق
#تزامن ذلك مع انشغال العسكر الانقلابيين بحربهم المدمرة، وإنفاقهم المليارات على قادة الميليشيات والكتائب القبلية والعصابات المسلحة، في الوقت الذي تُرك فيه القضاة لمصيرهم، يتعرضون للانتهاكات، ويفرّون بأسرهم إلى دول الجوار طلبًا للأمان.
#اليوم، وبينما يحاول البعض جرّ البلاد إلى هاوية “اللاقانون”، فإن الحقيقة الواضحة هي أن المحاكم السودانية — حينما كانت تعمل وحيث كانت ولازالت تعمل بعد نشوب الحرب العبثية — قد أنصفت كثيرًا من الأبرياء.
#فقد قامت محاكم الموضوع ومحاكم الاستئناف في فترات سابقة للحرب بتبرئة عدد كبير من المواطنين الذين كان قد زجّ بهم العسكر الانقلابيين في السجون زورًا وبطلانًا، بتهم ملفقة عن إثارة الفوضي أو قتل بعض النظاميين ، وتواصل مسلسل العسكر هذا عقب نشوب الحرب فظهرت أفيهات وأكلشيهات جريمة “التعاون مع العسكر الانقلابيين سابقاً والمتمردين حالياً قوات الدعم السريع”!
#كانت هذه الأحكام القضائية العادلة هي الحصن الأخير للمدنيين من سطوة الانقلابيين ومن عسكرة العدالة .
🔴 في غياب القضاء، لن يبقى أمام الشعب السوداني سوى اللجؤ الي قانون الغاب وأحكام السلاح وشريعة المتطرفين والمهوسيين دينياً من كتائب جماعة الحركة الإسلامية وشركائها!!!
#شريعة الغاب ليست مجرد شعار، بل واقع مرير يعيشه الناس حين تختفي سلطة القانون..
#القوي يأكل الضعيف،
#المليشيات تُحكم المدن،
#السلاح يُرهب الناس،
#ولا صوت يعلو فوق فوهة البندقية.
#هذا تمامًا هو ما يريد العسكر الانقلابيون ترسيخه: #دولة فوضى لا تردعهم فيها محكمة ولا يوقفهم فيها قانون!
#عودة المحاكم ليست أمراً شكليًا، بل هي قضية حياة أو موت للمدنيين الذين سيسحقهم الطغيان الأمني والعسكري إذا غابت سلطة القضاء..
#ومع ذلك، لا تقع المسؤولية على القضاة وحدهم..
بل على #المجتمع أن يُدرك أن بقاء المحاكم معطلة يعني بقاء الظلم طليقًا !!!
🟢 على المجتمعات المحلية، في كل مدينة وكل ولاية، أن تبادر إلى:
#إعادة إعمار مباني المحاكم،
#تجهيز ميزات لإيواء القضاة،
#توفير وسائل الترحيل والحراسة للقضاة وللعاملين،
#تأمين بيئة آمنة ومحترمة لممثلي العدالة.
#قد أثبتت التجربة المجتمعية في السودان أثناء هذه الحرب ، أن المبادرات الأهلية قادرة على إحداث فرق ملموس، فقد قمنا نحن في منطقة شمبات وعدد من الأحياء المجاورة بالعون الذاتي لإعادة تأهيل قسم شرطة الصافية، بعد أن كان متضررًا ومهجورًا.
وكان لذلك أثر إيجابي كبير في بث الطمأنينة، وتشجيع الناس على العودة إلى بيوتهم التي نزحوا عنها بسبب التفلتات الأمنية وانتشار عصابات النهب والسرقة.
#هذا نموذج لما يمكن أن يتحقق عندما يتعاون المجتمع في بناء الأمن والعدالة من القاعدة إلى القمة.
✳️ وفي هذا السياق، فإننا ندعو السيد رئيس القضاء إلى اتخاذ خطوات مباشرة ومبادرات فردية نحو التواصل مع مؤسسات العدالة الدولية والإقليمية، من أجل دعم عملية إعادة إعمار المحاكم وتأهيلها لتعود إلى أداء دورها الوطني.
#لا ينبغي لرئيس القضاء أن ينتظر دعماً من حكومة العسكر الانقلابيين التي تخلت عن كل مؤسسات الدولة الخدمية
#رغم كل الإنتقادات الموجهة الي السلطة القضائية في السودان ، ولكن في الوقت نفسه، لا بد من الإشادة بالمجهودات الكبيرة التي ظل يبذلها رئيس القضاء ونائباه، والسيد رئيس عام إدارة المحاكم خلال الفترة الماضية، من أجل دعم ومساعدة القضاة وعائلاتهم الذين أصابهم الضرر الكثير منذ نشوب هذه الحرب العبثية.
#لعلي قد لاحظت كيف أن السلطة القضائية، رغم شح الموارد، قد إبتكرت وسائل عديدة لتوفير الحد الأدنى من المرتبات الأساسية للقضاة والعاملين، في سبيل تحفيزهم للعودة إلى مواقعهم ومباشرة العمل.
#ولكن تبقى المعاناة قاسية، حيث لا يزال العديد من القضاة والموظفين وأسرهم يعيشون في فاقة شديدة ، ولعل أغلب القضاة أثناء الحرب قد بات يعتمد في معيشة أطفاله على مساعدات زملائه القضاة المعارين للعمل في دول الخليج
#إن عودة المحاكم لا تعني فقط إصدار الأحكام… بل تعني عودة العقل، وعودة التوازن، وعودة الدولة!
فلا دولة بلا عدالة ، ولا عدالة بلا قضاء مستقل وآمن.
#العدالة_أولًا
#نهب_المحاكم
#شريعة_الغاب
#السودان_يحترق
#لا_للحرب
#عودة_القضاء
#العدالة_في_زمن_الانقلاب