Categories: الأعمدة

*دولة القانون* *وزراء سلام جوبا

.د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
*ليس في* اتفاقية جوبا لسلام السودان أي نص يمنح أي فصيل من الفصائل الموقعة على هذه الاتفاقية حق الاحتفاظ بأي وزارة أو منصب معين. فالفقرات التي وردت بالاتفاقية سواء على مستوى مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو المجلس التشريعي أو المفوضيات أو الهيئات القومية العليا حددت نسبة لا يجوز تجاوزها. فرئيس الوزراء هو من يملك تشكيل الحكومة وتسمية وزاراتها وشاغليها وله أن يسائلهم عن أدائهم، فإذا فشل أو أصبح الممثل غير قادر على الأداء أو استقال أو حتى توفي، فلرئيس الوزارة سلطة حل كل الوزراء أو إعفاء البعض من مناصبهم أو تغيير مواضعهم من وزارة لأخرى بشرط ألا يؤثر ذلك على نسبة الجهة (الكوتة)، إذ ليس المقصود من جملة النصوص وزارة أو وزارات بعينها. لمزيد من الشرح، وبالذات في حالة الوزارات والسلطة التشريعية القومية، أوضحت الاتفاقية بأنه لا يجوز أن تزيد الحصة عن 25%. يجدر بالذكر أن الوصف المحدد للحصة بنسبة مئوية بنص الاتفاقية مفاده أن عدد المقاعد إذا تقلص ينقص معه، وتلقائياً، عدد الوزراء الخمس ليكونوا بحدود 25%. غني عن البيان أن هذه النسبة مخصصة لكل مكونات أطراف العملية السلمية الموقعين منهم في تلك اللحظة وغير المنضوين.
*سواء أكانت* نصوص اتفاقية سلام جوبا بهذا الوضوح أم وردت غامضة، فليس من مصلحة حركتي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي أو العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم إثارة هذه المسائل. تاريخياً، ومنذ غزوة أحد، وما أن تصبح الغنائم هدفاً إلا وتضعضعت القوى وكانت النتيجة الهزيمة حتى وإن لاح النصر. الأخطر من المناصب، والذي لم تنتبه له بعض أطراف سلام جوبا مدى الجدوى من التمسك بالاتفاقية أو الوثيقة الدستورية ذاتها. فبعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 وما ترتب على ذلك من اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2025 برزت ظروف وأحوال جوهرية تجعل من الضروري ليس إعادة النظر في هذه الاتفاقية وإنما مراجعة كل اتفاقيات السلام التي أبرمت منذ أديس أبابا مروراً باتفاقية أبوجا، الخرطوم، الدوحة، نيفاشا ثم انتهاءً بجوبا. السؤال الذي يستحق الإجابة الصادقة: هل انتجت أياً من هذه الاتفاقيات سلاماً؟ أم حروباً؟ ولماذا؟
*بعد حرب* الخامس عشر من أبريل والدمار الذي لحق كل مدن وقرى السودان لم تعد النصوص الواردة في بسلام جوبا قابلة للتطبيق على مسار معين بوصفه هامشاً، فكل ولايات السودان الأخرى، وبلا استثناء أصبحت هامشاً. بروز أي أصوات مطالبة بأي مميزات أو محاصصات في هذا التوقيت لن يصيب وبالها جهات بعينها بقدرما شخوص من يثيرون تلك المسائل جهراً أو سراً. السودان لم يعد يحتمل أن يتداعى عليه أبناؤه وبناته بقدرما وحدتهم وتكاتفهم وتماسكهم جميعاً من أجل إنهاء حروبه الطويلة وإزالة آثارها التي ستحتاج لسنين من العمل المتجرد حتى نتعافى، وإلا فالطوفان.

ahmed

Recent Posts

رئيس مجلس السيادة الانتقالي يشارك في المؤتمر الرابع لتمويل التنمية

إشبيلية شارك السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول الركن *عبدالفتاح البرهان* اليوم في أعمال…

10 دقائق ago

إدارة ترامب تدرس وقف التمويل عن مستشفيات تقدم علاجات مرتبطة بالنوع الاجتماعي للأطفال

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس إمكانية وقف التمويل…

ساعتين ago

الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى يناير 2026

قرر مجلس الاتحاد الأوروبي خلال قمة عقدت في بروكسل يوم 26 يونيو تمديد جميع العقوبات…

ساعتين ago

الشرع يرعى مشروعا فنيا وإعلاميا ضخما بتكلفة مليار ونصف المليار دولار

برعاية رئيس الجمهورية أحمد الشرع، وقعت وزارة الإعلام السورية وشركة المها الدولية في قصر الشعب…

ساعتين ago

بسبب تقنية ” البلاي باك” … الفنانة شيرين تتعرض لهجوم في المغرب

أصدر المحامي الخاص بالفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب ياسر قنطوش، ، بيانا رسميا ردا على…

ساعتين ago