“من الجذور إلى الريادة: هدى مصطفى ومسيرة تمكين الفتيات في مصر”

إعداد:  سعاد خفاجي

في مجتمع يشهد تحولات كبرى في تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها المجتمعية، تبرز نماذج شابة تُجسّد الإرادة والتغيير وتُعيد تعريف مفاهيم الريادة النسائية بعيدًا عن الصورة النمطية.
من بين هذه النماذج، تبرز هدى مصطفى شابة مصرية من أصول نوبية وأسوانية نشأت وأقامت طوال حياتها في القاهرة ونجحت في أن تصنع لنفسها مسارًا فريدًا في العمل العام، بدأ من انخراطها في الكيانات الشبابية، وصولًا إلى تأسيسها “المبادرة الوطنية رائدات مصر” التي باتت اليوم إحدى أبرز منصات تمكين الفتيات في مصر.

» النشأة والبدايات
نشأت هدى مصطفى في كنف أسرة عسكرية حيث كان والدها ضابطًا بالقوات المسلحة وتربّت على قيم الالتزام والانضباط وحب الوطن.
منذ سنواتها الأولى كانت تهتم بالعمل والانخراط في النشاطات المجتمعية وكانت تؤمن دائمًا بأن لكل فتاة دورًا حقيقيًا في تنمية المجتمع متى أُتيحت لها الفرصة المناسبة.

» أولى خطوات العمل العام
جاءت نقطة التحول الأولى في مسيرتها من خلال انضمامها إلى اتحاد طلاب تحيا مصر الكيان الشبابي التابع لوزارة الشباب والرياضة والذي كان بمثابة الحاضنة الأولى لمواهبها القيادية.
تقول هدى:
“من خلال الاتحاد تعلّمت قيمة العمل الجماعي واكتسبت خبرات ميدانية حقيقية وبدأت أدرك أن الشغف وحده لا يكفي بل يحتاج إلى علم وتنظيم ورؤية واضحة.”

» التأهيل القيادي.. وتمكين حقيقي
من المحطات المفصلية في مسيرتها، مشاركتها في البرنامج الرئاسي لتأهيل الفتيات “المرأة تقود بالمحافظات المصرية “، والذي تم تنفيذه في عدد من المحافظات.
وقد كان لهذا البرنامج أثر عميق في تشكيل وعيها السياسي والمجتمعي ومنحها أدوات قيادية احترافية مكّنتها لاحقًا من تأسيس مبادرتها الخاصة.

» “رائدات مصر”.. من حلم فردي إلى مشروع وطني
أطلقت هدى مصطفى “المبادرة الوطنية رائدات مصر”، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الفتيات المصريات في حاجة إلى من يستمع إليهن يدعمهن ويُعزز قدراتهن في كل المجالات.
تسعى المبادرة إلى:
رفع الوعي لدى الفتيات بحقوقهن الاجتماعية والصحية والقانونية.
تقديم برامج تدريبية وتأهيلية لبناء القدرات.
تعزيز المشاركة المجتمعية والسياسية للفتيات.
تمكين الفتيات اقتصاديًا ودعم مشاريعهن الصغيرة.
وقد حظيت المبادرة برعاية من معالي الأستاذ الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة مما أتاح لها الانطلاق المؤسسي في عدد كبير من المحافظات المصرية.

» ريادة الأعمال بروح مجتمعية
إلى جانب عملها المجتمعي، أسست هدى مشروعًا اقتصاديًا صغيرًا يحمل اسم “حجاب فرح” وهو براند متخصّص في منتجات الهاند ميد للمحجبات.
يهدف المشروع إلى تعزيز ثقافة العمل اليدوي والتراثي لدى الفتيات وتشجيعهن على تحقيق الاستقلال المالي من خلال مشاريعهن الخاصة.

» الانتماء الجغرافي والثقافي
ورغم إقامتها الدائمة في القاهرة لا تُخفي هدى انتماءها العميق إلى أصولها النوبية والأسوانية والذي ظل حاضرًا في وجدانها وهويتها الشخصية والمجتمعية.

“انتمائي للجذور منحني إحساسًا مضاعفًا بالمسؤولية تجاه الفتيات في المجتمعات المهمشة، خاصة في الجنوب.
أؤمن أن التمكين يجب أن يصل لكل فتاة، أيا كان موقعها الجغرافي أو ظروفها الاجتماعية.”

» كلمة ختامية من هدى مصطفى للفتيات
“إلى كل فتاة مصرية: ثقي بذاتك، وابدئي من حيث أنتِ، لا تنتظري الظروف المثالية.
التحديات حقيقية، لكنها ليست أقوى من إرادتك.
ارفعي صوتك، تعلّمي، شاركي، واعملي من أجل مستقبلك. مصر بحاجة إلى وعيكِ، وإصرارك، وأحلامكِ. وكل واحدة فينا قادرة أن تكون قائدة في موقعها.”

» الختام
تُعد تجربة هدى مصطفى مثالًا حيًا على أن الريادة لا ترتبط بالمناصب بل تبدأ من فكرة وتنمو بالشغف وتُترجم بالفعل.
من الجذور النوبية الي العمل الميداني إلى تأسيس مبادرة وطنية معنية بالفتيات، خطّت هدى لنفسها طريقًا يليق بطموحها وبكل فتاة مصرية ترى في ذاتها مشروع تغيير حقيقي.