رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأخبار

رحيل قامة نسائية شامخة: د. نفيسة أحمد الأمين إلى دار البقاء

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقينا نبأ وفاة الدكتورة نفيسة أحمد الأمين، رائدة العمل النسوي في السودان، التي انتقلت إلى رحمة الله تعالى في الرياض بالمملكة العربية السعودية. نسأل الله العلي القدير أن يتغمدها بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته وأن يلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.

“وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۝ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”

رحلت عنا قامة نسائية شامخة، أفنت حياتها في خدمة المرأة السودانية، مدافعة عن حقوقها، ومناصرة لقضاياها، ومساهمة في نهضتها. رحلت عنا “ابنة النور”، كما عُرفت، تاركةً إرثاً غنياً من العطاء والنضال سيظل محفوراً في ذاكرة الوطن. ولعلّ الفنان عبد الكريم الكابلي قد تغنى بها وبأمثالها من رائدات العمل النسوي في أغنيته الخالدة “ابنة النور” التي لطالما صدحت بها حناجر السودانيين في احتفالاتهم الوطنية، والتي تقول كلماتها:

أي صوت زار بالأمس خيالي
طاف بالقلب وغنى للكمال
أذاع الطهر في دينا الجمال
إنه صوتي أنا.. زاده العلم سنا
إنه صوتي أنا أبنة النور أنا
أو تدري من أنا.. أنا أم اليوم أسباب الهنا

ولدت الدكتورة نفيسة أحمد الأمين في مدينة أم درمان، ونشأت في بيئة زادتها وعياً وإدراكاً بأهمية دور المرأة في المجتمع. تخرجت من كلية المعلمات، وعملت في مجال التعليم في سنار وكسلا، ثم انخرطت في العمل النسوي، وساهمت في تأسيس الاتحاد النسائي السوداني، الذي كان له دورٌ بارزٌ في استقلال السودان وفي وضع دستوره.

شغلت الراحلة العديد من المناصب القيادية، فكانت أول سودانية تعمل في قمة جهاز تنفيذي كنائبة لوزير الشباب، وأول امرأة يتم تعيينها في المكتب السياسي في عهد الرئيس جعفر نميري.

تميزت الدكتورة نفيسة بشخصية قوية، وإرادة صلبة، وعزيمة لا تلين. واجهت التحديات بعزم وثبات، وكسرت الحواجز، وفتحت الطريق أمام الأجيال القادمة من النساء السودانيات.

لقد عاصرت الراحلة مراحل هامة من تاريخ السودان، وشهدت تحولات جذرية في وضع المرأة. ساهمت بفاعلية في تغيير الصورة النمطية للمرأة، ودافعت عن حقها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.

كانت الراحلة نموذجاً للمرأة السودانية المكافحة، التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين القوة والرقة. كانت صوتاً للمرأة المقهورة، ومدافعة عن حقوقها، ورائدة في مجال العمل النسوي.

رحلت الدكتورة نفيسة أحمد الأمين، لكن إرثها سيظل حياً، وسيبقى اسمها خالداً في ذاكرة الوطن. ستظل نبراساً يضيء الطريق للأجيال القادمة من النساء السودانيات.

رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته، وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

زر الذهاب إلى الأعلى