ما دور الإخوان في تفريخ المزيد من الإرهـ.ابيـ.ين عبر بوابة الاستنفار ؟
الآن وبعد خروجه من مخبئه بسرداب القيادة العامة للجيش السوداني، يتعرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لحملات تقريع وتعنيف وتهديد متواصلة صادرة عن الغرف الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة الأخرى، خشية توقيعه على اتفاق سلام مع قوات الدعم السريع والقوى المدنية يعيد الأمور إلى نصابها، أو يمضي بها إلى دولة مدنية يخرج بموجبها الجيش وجميع القوات والميليشيات المسلحة من العملية السياسية بالعودة إلى ثكناتها.
كما يخشى الإخوان ـ وفقاً لمراقبين ـ من الحرية النسبية التي يتمتع بها قائد الجيش التي أعادت عملية اتخاذ القرار إليه، بعد أن صادرته الجماعة منه وهو في محبسه، لأكثر من (4) أشهر، حيث اضطُر البرهان إلى إصدار مراسيم وقرارات تحت الإكراه أو الابتزاز أو بناء على معلومات خاطئة، وأهم تلك القرارات دعوته إلى ما عُرف بالاستنفار الشعبي لتجنيد المواطنين وتسليحهم.
يقول محللون سياسيون وصحفيون: إنّ مصطلح الاستنفار أو النفرة، دخل الفضاء السياسي والاجتماعي السوداني عن طريق جماعة الإخوان إبّان حكمها البلاد، وإنّها أوعزت للبرهان بذلك، واستصدرت منه هذا القرار بعد ضغط إعلامي رهيب مورس عليه وهو حبيس القيادة.
تنشط الجماعة الإرهابية والإخوانية في التدريب على السلاح والتكتيك العسكري في معسكرات مخصصة لها في شمال وشرق السودان بصفة خاصة، الأمر الذي أصبح مقلقاً لدول الجوار، خصوصاً بعد أن انتقل نشاط الجماعات الإسلامية المتشددة إلى ولاية البحر الأحمر (شرق السودان)
والواقع أنّ جميع الذين دعوا المواطنين إلى التسلح والانخراط في العمليات العسكرية كانوا قادة بارزين في النظام البائد، ومنهم مطلوبون إلى المحكمة الجنائية الدولية، مثل أحمد هارون، بجانب نائب البشير علي عثمان طه، والناجي عبد الله أحد قدامى المتطرفين من الجهاديين، وغيرهم.
وبطبيعة الحال، استهدف هؤلاء القاعدة الجماهيرية للإخوان، واستثمروا في دعوة البرهان إلى الاستنفار لتجنيد كوادرهم المتطرفة وتسليحها، وهذا ما حدث بالفعل على الأرض، حيث بسطت الجماعة سيطرتها الكاملة على معسكرات الاستنفار وعلى المجندين صغار السن الذين التحقوا بها عبر خطاب تعبوي ديني وعنصري، يصف قوات الدعم السريع بالقوات الأجنبية الغازية، وبأنّها قوات مرتزقة تريد احتلال البلاد وإقامة دولة علمانية لا دينية في أرض السودان.
جيش واحد
يجادل مراقبون بأنّ الجيش السوداني لم يكن بحاجة إلى الاستنفار وتسليح المواطنين فهو يمتلك أكثر من (200) ألف من المجندين، بجانب القوات الاحتياطية من الشباب الذين أكملوا الخدمة العسكرية الوطنية على مدار عقود طويلة، وهم جاهزون لحمل السلاح، ومسجلون بأرقام عسكرية معروفة لدى قيادة الجيش والاستخبارات العسكرية، ويمكن الاستعانة بهم في أيّ وقت.
لكن لم تكن جماعة الإخوان تريد ذلك، لأنّ هؤلاء لا يمثلون رصيداً جهادياً لها، وإنّما هم خصم لها، لأنّ عقيدتهم العسكرية عقيدة وطنية وليست دينية، لذلك سيحاربون من أجل الوطن وليس من أجل الجماعة، أمّا المُجندون من خلال الاستنفار، فهم من المنتسبين إلى حزب المؤتمر الوطني المخلوع، وبعض الجماعات الإسلامية المتشددة الأخرى كأنصار السنّة وداعش والقاعدة وغيرها.
ويخشى كثيرون من أن يحصل هؤلاء، كما بدا ذلك في مقاطع مصورة وصوتية يتم بثها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، على أسلحة نوعية من مستودعات الجيش نفسه، والتي يسيطر عليها ضباط منتمون للجماعة، ليصبحوا لاحقاً أكبر مهدد للأمن القومي والإقليمي.
ضرب نار
وتنشط الجماعة الإرهابية والإخوانية في التدريب على السلاح والتكتيك العسكري في معسكرات مخصصة لها في شمال وشرق السودان بصفة خاصة، الأمر الذي أصبح مقلقاً لدول الجوار، خصوصاً بعد أن انتقل نشاط الجماعات الإسلامية المتشددة إلى ولاية البحر الأحمر (شرق السودان)، ممّا يهدد الأمن الإقليمي والدولي، ويسهم في تفكيك الدولة السودانية وتحويل أجزاء منها إلى إمارات وولايات إسلامية تستقطب المتطرفين والجهاديين من كل أرجاء العالم، خصوصاً من منطقة الساحل حيث ينشطون في المثلث الحدودي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وجود معسكرات تدريب وتسليح ما يعرفون بالمُستنفرين، وهم في الأصل جهاديون يتبعون لجماعة الإخوان والجماعات الأخرى قرب الحدود المصرية في ولايتي نهر النيل والشمالية، وكذلك في ولاية البحر الأحمر المشاطئة للسعودية والمحاددة لمصر، بجانب ولاية كسلا على الحدود الإرتيرية، يمثل ضغطاً أمنياً على هذه الدول في المستقبل
وبعد الانقلابات التي حدثت في تلك الدول، يتوقع مراقبون ومحللون أن تتحد حكوماتها العسكرية الجديدة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتعمل على طرد الجماعات من حدودها، وبالفعل بدأت عمليات عسكرية مشتركة وناجحة بين مالي وبوركينا فاسو، ويتوقع أن تنضم إليهما النيجر لاحقاً، ممّا جعل الجماعات الإرهابية تفكر في الهروب إلى أماكن أخرى، وليس من دولة أفضل لها من السودان في الوقت الحالي.
معسكرات خطيرة
وجود معسكرات تدريب وتسليح ما يعرفون بالمُستنفرين، وهم في الأصل جهاديون يتبعون لجماعة الإخوان والجماعات الأخرى قرب الحدود المصرية في ولايتي نهر النيل والشمالية، وكذلك في ولاية البحر الأحمر المشاطئة للمملكة العربية السعودية والمحاددة لمصر، بجانب ولاية كسلا على الحدود الإرتيرية، يمثل ضغطاً أمنياً على هذه الدول في المستقبل، ولربما يعيد إلى الأذهان تلك الأعوام التي هدد فيها نظام الإخوان أمن جميع الدول المجاورة في تسعينات القرن الماضي، وليست محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ببعيدة عن الأذهان.
وفي السياق، يحذّر خبراء أمنيون قائد الجيش السوداني من مغبة ترك هذه المعسكرات مفتوحة حتى الآن، وأنّ استمرارها يُعتبر تهديداً مباشراً للأمن الوطني والإقليمي والدولي، وأنّ عليه اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإغلاقها، ومن ثم دعوة متدربي الخدمة الوطنية الإلزامية إلى الالتحاق بها، إن كانت هناك حاجة لذلك.
من الخرطوم إلى الجوار
ويؤكد الخبراء أنّ كوادر جماعة الإخوان المسلمين هي التي تشرف على تلك المعسكرات، ويتولى ضباط موالون لها تدريب الكوادر الإخوانية المسماة بالمستنفرين، وتحاول الكتائب الإعلامية الضغط على قادة الجيش بمدهم بالمزيد من السلاح، أو توجبه الضباط الإخوان داخل الجيش السوداني، ويبلغ عددهم نحو (3) آلاف، وفقاً لتقارير متطابقة، من وضع يديهم على مستودعات الأسلحة والسيطرة عليها لصالح الجماعة، بما يمكنها من تنفيذ مخططاتها، وعلى رأسها الاستيلاء على السلطة في الخرطوم، ومن ثم العمل على تغيير الأنظمة في الدول المجاورة، كما حاولت خلال (30) عاماً من الحكم.
المصدر : موقع حفريات