ارتباك السودانيين بعد خطابي الجنرالين المتضادين !
الخرطوم – علقت أوساط سياسية سودانية على الخطابين المتباينين لقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن الخطابين كشفا أمام العالم حقيقة من يسعى إلى استمرار الحرب، ولم لا امتدادها إلى باقي المنطقة، ومن يرنو إلى السلام.
وأشارت الأوساط إلى أن خطاب البرهان لم يكن خطاب من يرغب في الجنوح للتهدئة بل العكس تماما، فقد أظهر أنه مستعد للذهاب بعيدا في هذه الحرب، لافتة إلى أن إشارته إلى إمكانية تمدد الصراع إلى خارج السودان تشكل تطورا خطيرا يستدعي تحركا من القوى الإقليمية للضغط عليه.
ولفتت الأوساط إلى أن حديث البرهان عن تصنيف قوات الدعم السريع منظمة “إرهابية” يعني أنه يوصد الباب أمام أي فرصة للتسوية السياسية. ورأت الأوساط ذاتها في المقابل، أن خطاب دقلو اتسم بقدر كبير من الانفتاح على الحوار وعكس رغبة في إنهاء الأزمة، الأمر الذي من شأنه أن يشكل إحراجا إضافيا للبرهان أمام المجتمع الدولي. وحذّر قائد الجيش السوداني، الخميس، في الأمم المتحدة من تمدّد نطاق الحرب الدائرة في السودان بين جيشه وقوات الدعم السريع إلى خارج حدود بلاده، حاضا المجتمع الدولي على الضغط على خصومه.
◙ حديث البرهان عن تصنيف قوات الدعم السريع منظمة “إرهابية” يعني أنه يوصد الباب أمام أي فرصة للتسوية السياسية
وشدد البرهان على أن خطر الحرب “أصبح يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي”. واتهم قوات الدعم السريع بالسعي لتلقي الدعم من “مجموعات إرهابية”، قائلا إن الأمر أشبه بـ”شرارة لانتقال الحرب إلى دول أخرى في المنطقة حول السودان”. وأشار إلى أن “التدخلات الإقليمية والدولية لمساندة هذه المجموعات أصبحت ظاهرة وواضحة، مما يعني أن هذه أول شرارة ستحرق الإقليم والمنطقة وستؤثر مباشرة على الأمن والسلم الدوليين”.
وقال البرهان في خطابه إن “هذه المجموعات المتمردة ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في معظم بقاع السودان، فمارست التطهير العرقي وتهجير السكان من مناطقهم”. وطالب “المجتمع الدولي باعتبار قوات الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها مجموعات إرهابية تستوجب أن يقف الجميع في وجهها ويحاربها لحماية الشعب السوداني والإقليم بل والعالم”.
في المقابل صرح قائد قوات الدعم السريع في تسجيل فيديو أن قواته على استعداد تام لوقف إطلاق النار والدخول في محادثات سياسية شاملة لإنهاء الصراع الدائر منذ أبريل الماضي. وكان حميدتي ظهر بالزي العسكري وهو جالس إلى مكتب وخلفه العلم الوطني السوداني بينما يقرأ خطابه. ولم يكن مكانه واضحا. وقدم قائد قوات الدعم السريع توضيحا حول كيفية تفجر الحرب، والتي بدأت بمحاصرة قوة تابعة للقوات المسلحة معسكرات تابعة لقوات الدعم السريع جنوب الخرطوم.
وقال حميدتي إنه “حرصا منا على منع أي فتنة أو أزمة يمكن أن تؤدي إلى الحرب، قمت بالاتصال هاتفيا بقائد الجيش وبرئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس وآخرين. ولكن بعد اتصالاتي الهاتفية بقليل، بدأت القوات التي كانت تحاصر قوات الدعم السريع بالهجوم عليها، بينما بدأ سلاح الطيران التابع للقوات المسلحة السودانية بشن هجمات جوية مكثفة على معسكرات ومواقع قوات الدعم السريع”.
وأضاف “لم يكن هنالك من خيار أمامنا سوى ممارسة حقنا الطبيعي والمشروع في الدفاع عن النفس وصد العدوان. هذه كانت بداية الحرب التي دمرت الخرطوم وتسببت في تشريد أكثر من أربعة ملايين مواطن منها، وشردت الآلاف في دارفور وكردفان، وسببت أزمة إنسانية في المناطق التي تدور فيها العمليات العسكرية”.
ويرى متابعون أن البرهان أراد إشعال حرب مع قوات الدعم السريع بدفع من النظام السابق، من أجل إعادة خلط الأوراق وعدم تسليم السلطة للمدنيين. ويقول شهود إن الجيش يستخدم المدفعية الثقيلة والضربات الجوية التي تتسبب في سقوط ضحايا في المناطق السكنية بالخرطوم ومدن أخرى، على أمل تحقيق اختراق ميداني لكنه حتى الآن فشل في ذلك.
ويعتقد المتابعون أن البرهان لا يزال يراهن على تغيير قواعد المعركة، لكن فشله قد يدفع نحو المزيد من الخطوات الهستيرية، من قبيل تقسيم البلاد. وسبق أن سعت السعودية والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان لكن العملية تعثرت بسبب عدم استجابة البرهان، وسط مبادرات دولية موازية من دول أفريقيا والشرق