غرب دارفور : رفض إقالة كرشوم وتعيين والي جديد

يبدو ان قرار اعفاء والي غرب دارفور المكلف التجاني كرشوم وتعيين الهادي ناصر بديلاً له من قبل وزارة الحكم الاتحادي المحسوبة على الجيش السوداني سيدخل الولاية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في ازمة جديدة قد تتسبب في نكبة ثالثة في هذه الولاية خلال هذا العام 2023م.
المدينة تعرضت لنكبتين منذ ان اندلعت حرب 15 ابريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ففي مايو ويونيو الماضيين شهدت المدينة أبشع جرائم وصفت من قبل المؤسسات الاممية بأنها ترتقي للإبادة الجماعية، وتكررت المأساة في حي “اردمتا” في اكتوبر الماضي أثناء العملية العسكرية التي سيطرت بموجبها قوات الدعم السريع على قيادة الجيش بالمدينة.

قرار غير موفق

بعد صدور القرار برزت بوادر ازمة سياسية ومخاوف من انتكاسة الوضع في الجنينة الذي بذل فيه الوالي المقال جهداً كبيراً لإعادة ترميمه، واعلنت مبادرة اهل الجنينة- التي تضم رجال الاعمال والأطباء والأئمة الدعاة وزعماء القبائل- رفضها للقرار وطالبت الوالي كرشوم بالاستمرار في ادارة شئون الولاية، وحذرت في الوقت نفسه من ان هذا القرار سيتسبب في زعزعة الاستقرار الذي بدأت تعيشه الولاية.

تم تعيين الوالي كرشوم في المنصب في العام 2022 من قبل الوالي السابق خميس ابكر الذي تم اغتياله في يونيو الماضي جراء الاقتتال المرير الذي شهدته الولاية بعد انتقال الحرب بين الجيش والدعم السريع من الخرطوم إلى الولاية، والتي ادت إلى مقتل آلاف المواطنين ونزوح اغلب السكان من اثنية المساليت إلى دولة تشاد.

يقول الوالي كرشوم انه عقب هدوء الاوضاع في الولاية بدأت مبادرات مجتمعية في محاولات لإعادة ترتيب الاوضاع في المدينة، فتواصلت معه المبادرات التي تضم طيفا واسعا من مكونات الجنينة وطلبت منه الاستمرار في ادارة شئون الولاية، لكنه رفض في بادئ الأمر إلى أن بلغ عدد الجلسات معه ما يقارب 20 جلسة، واضاف: وافقت بعدها على العودة لمنصب نائب الوالي بعد وضعتني المبادرة امام خيارين اما الموافقة على ادارة الولاية او مغادرة كل القبائل لغرب دارفور لذلك قبلت التكليف لكني طالبتهم بتحمل المسؤولية معي من اجل انقاذ الموقف. وفي تعليقه على القرار قال كرشوم انه يجري الان مراجعة ودراسة لعدة اشياء ومن ثم يحدد موقفه تجاه القرار.

رفض مجتمعي لإقالة الوالي

وساعد كرشوم على احراز تقدم في ادارة شئون الولاية رغم انه تم تعيينه نائباً للوالي محسوباً على حركات الكفاح المسلح بعد ان وقعت على اتفاقية سلام جوبا فالرجل قيادي في حركة تجمع قوى تحرير السودان، بجانب انه من القبائل العربية.

وترتب مبادرة أهل الجنينة لمؤتمر صحفي في اليومين المقبلين تعلن فيه موقفها من قرار الحكومة المركزية الخاص بإقالة الوالي وتكليف بديل له. لكن رئيس المبادرة ابوه بشارة بشر سبق المؤتمر الصحفي بقوله لدبنقا إن في هذه الظروف اهل الولاية غير معنيين بقرار الحكومة الاتحادية وانما قرار ادارة الولاية خاص بشعب الولاية، وذكر ان كرشوم تمكن في الفترة الماضية ادارة الولاية بشيء من الحكمة والتوافق المجتمعي، لذلك نقف معه من اجل انقاذ هذه الولاية.

وقال رئيس نقابة الاطباء وعضو مبادرة اهل الجنينة دكتور محمد الموفق ان هذا القرار قصد به احداث البلبلة وضرب الاستقرار النسبي الذي تشهده مدينة الجنينة. واضاف لدبنقا نحن في مبادرة اهل الجنينة جسم محايد نقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف سواء كان الجيش او الدعم السريع او المكونات الاجتماعية، وأكد رفضهم لأي قرار يتسبب في ضرب الاستقرار وزعزعة السلم الاجتماعي.

فيما قال زعيم بقبيلة المساليت ممثل الادارة الاهلية في المبادرة الفرشة دكتور جمال بدوي لدبنقا في ظل الوضع الاستثنائي الذي مرت به غرب دارفور كان كرشوم هو خيار أكثر من أربعين من مكونات مجتمع الولاية وأن تكليفه بمنصب الوالي تم بموافقة كافة الأجهزة التنفيذية وحكومة اقليم دارفور، واضاف لذلك نطالب بإرجاء هذا قرار اقالته حتى تخرج الولاية من هذا النفق المظلم.

دعوة لتجاهل القرار

في الاثناء طالب ممثل الائمة والدعاة عبد الرحيم ادم ابراهيم الوالي المقال بالاستمرار في منصبه وعدم الالتفات لهذا القرار. وقال عبد الرحيم نحن لن نرضى بأي فراغ دستوري، واضاف: ان ما حدث من عودة المنظمات وفتح الاسواق وانسياب الخدمات وتأمين الطرق انما تحقق بجهود كرشوم، لافتاً إلى ان هنالك أسر من النازحين واللاجئين عادت إلى مناطقهم بعد شعروا باستتباب الامن، وتابع “الآن بعد هذا القرار بدأت هذه الأسر رحلة اللجوء والنزوح مرة أخرى.

وحذرت مبادرة شباب من أجل إنقاذ الجنينة في بيان حصلت عليه دبنقا من عواقب وخيمة تعيد ولاية غرب دارفور إلى مربع تجدد الصِراعات الأهلية وعدم الاستقرار بسبب قرار اعفاء نائب والي غرب دارفور.

ويرى الصحفي علاء الدين بابكر ان القرار كان مفاجئاً لسكان الولاية وسيحدث ربكة في المشهد الحالي لجهة ان الولاية ملتهبة ومتصدرة اخبار الانتهاكات ومن الصعب ان يتقدم شخص لتولي مسئولية الولاية في هذا الظرف، لكن كرشوم- بحسب علاء الدين- تصدى لهذه المهمة، واتسم بالمرونة واتخذ منطقة وسطى للتعامل مع طرفي الحرب الجيش والدعم السريع ونجح بمساندة مبادرة أهل الجنينة في التوصل لاتفاق يقضي بعدم تجدد القتال في الجنينة لكن لكن الجيش والدعم السريع لم يلتزما بالاتفاق ودارت المعارك الاخيرة في اكتوبر المنصرم.

أزمة جديدة

واوضح علاء الدين لدبنقا ان عدة جهات اعلنت رفضها لقرار وزير الحكم المحلي بتعيين والي جديد، من بينها قوات الدعم السريع التي تسيطر على الولاية وأكدت دعمها للوالي كرشوم اضافة إلى مبادرة اهل الجنينة والغرفة التجارية رفضت كذلك قرار الوزير، وبالمقابل هناك جهات ترى ان تولي كرشوم لمنصب الوالي غير شرعي.

وقال ان الوالي ظل متحركا وسط النازحين والمواطنين واستطاع ان يحدث استقراراً نسبياً وإعادة بعض الخدمات، واضاف “الجهات الرافضة للقرار ترى أنه يجب ان يسمح لكرشوم ان يكمل ما بدأه.”

ونبه علاء الدين إلى ان القرار أدخل غرب دارفور في أزمة جديدة بعد حسم المعركة العسكرية بين الجيش والدعم السريع، تتمثل الازمة في ان الوالي الجديد الهادي ناصر مدعوم من الجيش والوالي المقال التجاني كرشوم مدعوم من الدعم السريع، ويرى علاء الدين انه يجب ان يتفق الطرفان على الوالي يستطيع ان يحافظ على استقرار الهدوء النسبي الذي حدث في الولاية.

وقطع علاء الدين بان الوالي الجديد لن يستطيع ان يأتي لاستلام مهامه بسبب مساندة الدعم السريع الذي يسيطر على الولاية لكرشوم، ومن يدعمه الدعم السريع هو من يستطع تولى زمام الامور ويمارس مهامه التنفيذية فعليا على الأرض.