
يثير انقسام الشارع في العاصمة الليبية، ، بين محتجين موالين لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وآخرين مناهضين له وداعين لرحيله، تساؤلات بشأن ما إذا كان ذلك يمهد لتشهد البلاد انقساماً شعبياً بعد أن كان الانقسام سياسياً.
وتفجرت الاحتجاجات في ليبيا إثر عملية عسكرية أطلقها الدبيبة، وانتهت بتصفية قائد جهاز دعم الاستقرار وهي واحدة من أقوى الميليشيات غرب البلاد، في خطوة أشاد بها رئيس الحكومة المعترف بها دولياً فيما واجهت انتقادات داخلية حادة.
ظاهرة صحية
وتشهد ليبيا حالة من الانسداد السياسي وسط انقسام حكومي، حيث يوجد في البلاد حكومتين: الأولى في الشرق برئاسة أسامة حماد وهي مدعومة من البرلمان، والثانية في الغرب برئاسة الدبيبة، فيما يسعى البرلمان والمجلس الأعلى للدولة إلى إعادة توحيد السلطة التنفيذية تحت مظلة حكومة موحدة.
وقال أحمد دوغة: “بالفعل، هناك فئات معارضة لرئيس الحكومة وأخرى مؤيدة وهذا يعتبر طبيعي جدا طالما كل هذا يحدث بطرق سلمية”.
وأضاف دوغة، لـ”إرم نيوز”، قائلا: “أما إذا تحول ذلك إلى مناوشات ما بين هذه الأطراف ربما يحدث بعض الاختراقات وتتسبب في بعض المشاكل وتتطور إلى أن تتحول إلى اقتتال ما بين هذين الطرفين، حينها سوف يخسر الجميع المؤيد والمعارض وربما يهدَّد السلم الاجتماعي”.
واستدرك بالقول: “لكن طالما الأمور تسير بطرق سلمية ومظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة دون المساس بالسلم الأهلي، فهذا يعتبر شيئا جيدا ونحن جميعا دائما نؤيد التظاهر السلمي وهي ظاهرة صحية في كل الديمقراطيات في العالم”.
انقسام بأشكال متفاوتة
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي خالد محمد الحجازي، إن “هذا الانقسام وارد جداً، بل ويمكن القول إنه قائم بالفعل بأشكال متفاوتة، حيث إن ليبيا تعيش انقساماً سياسياً وجغرافياً وعسكرياً منذ سنوات، والاحتجاجات الحالية تعكس وتزيد من حدة هذا الانقسام على المستوى الشعبي”.
وبين بأن “هناك عوامل تساهم في ذلك من أبرزها الاستقطاب السياسي الحاد؛ إذ إن البلاد مقسمة بين حكومتين وكل منهما تحاول حشد الدعم الشعبي”.
وتابع الحجازي، لـ”إرم نيوز”، قائلا إن “هناك تراكم للإحباط الشعبي، حيث يعاني الليبيون من تدهور الأوضاع المعيشية، وتفشي الفساد، واستمرار غياب حل سياسي دائم، بينما تظل الميليشيات لاعباً رئيسياً في المشهد الليبي، وهي غالباً ما ترتبط بأجندات سياسية معينة أو مصالح اقتصادية، ويمكنها أن تحفز أو تقمع الاحتجاجات بما يخدم مصالحها، مما يزيد من تعقيد الانقسام”.
وشدد على أن “هذا الانقسام سيكون له تداعيات وخيمة على الاستقرار السياسي وزيادة التدخلات الخارجية، وتآكل شرعية المؤسسات، وهناك خطر آخر يكمن في تفكك النسيج الاجتماعي، وازدياد العنف والفوضى، وأيضا وتيرة النزوح الداخلي”.
وأشار إلى أن “الانقسام الشعبي في ليبيا ليس مجرد احتمال، بل هو حقيقة تتجلى في الاحتجاجات الحالية، وتداعياته المحتملة خطيرة للغاية، وتهدد بدفع البلاد نحو مزيد من الفوضى والعنف، مما يقوض أي جهود لتحقيق الاستقرار والسلام”.