رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

تقارير

دارفور بين فكي عنف الجنجويد والنزوح “معسكر زمزم في مواجهة الموت

لم تكن دارفور يومًا بعيدة عن أهوال الحرب، لكن ما يحدث اليوم في معسكر زمزم للنازحين يعكس مرحلة جديدة من المأساة، حيث باتت القوات المهاجمة تستهدف المدنيين الأبرياء تحت ذرائع واهية.
الصورة التي التُقطت حديثًا تُظهر عربات مصفحة تقف قبالة مخيمات تأوي النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة—أناسٌ فرّوا من جحيم الحرب منذ عام 2003، لكنهم وجدوا أنفسهم اليوم وسط معركة أخرى، لا ذنب لهم فيها سوى أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
التضليل الإعلامي: التلاعب بالحقيقة لشرعنة العنف
مع تزايد التقارير عن الانتهاكات الجارية، تحاول الجهات المعتدية الترويج لرواية أن معسكر زمزم هو قاعدة عسكرية، لتبرير عمليات القصف والهجوم، إلا أن الواقع يثبت العكس؛ فهذا المخيم كان ولا يزال ملاذًا للنازحين الفارين من ويلات الحرب، وليس ساحة حرب.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد استُخدمت من قبل لتبرير المجازر والانتهاكات التي عاشتها المنطقة لعقود، حيث يتم خلط المدنيين بالمقاتلين في الخطاب الإعلامي لتسهيل التغطية على الجرائم.
جرائم موثقة: استهداف المدنيين وحرق الأسواق والمنازل
وفقًا لشهادات الناجين، تعرضت الأسواق والمنازل في زمزم للحرق العمد، وأُجبر السكان على الفرار، في مشهد يعيد إلى الأذهان الفظائع التي شهدتها دارفور في السنوات الماضية.
هذه الهجمات لم تكن مواجهة عسكرية بين طرفين متكافئين، بل كانت استهدافًا مباشرًا للمدنيين العزل، في محاولة لإخلاء المنطقة وفرض واقع جديد بالقوة.
إنها سياسة الأرض المحروقة التي تهدف إلى إبادة جماعية وتغيير ديمغرافي ممنهج، وهي جريمة حرب تستوجب محاسبة مرتكبيها أمام العدالة الدولية.
المقاومة الشعبية: صمودٌ في وجه الموت
ورغم قسوة الهجوم، أثبت أبناء زمزم أن الضعفاء قد يصبحون أقوياء حين لا يكون أمامهم خيارٌ آخر. وبحسب شهود عيان، فقد قاوم الشباب ببطولة، وتمكنوا من صدّ المهاجمين وإجبارهم على التراجع والهروب خارج المخيم، في إشارة واضحة إلى أن الناس لم يعودوا مستعدين للاستسلام بسهولة.
لقد أدركوا أن هذه المعركة ليست فقط على الأرض، بل على الحق في البقاء، وعلى مستقبل دارفور بأكملها.
المجتمع الدولي.. الصمت شريكٌ في الجريمة
بينما تتواصل هذه الفظائع، يقف العالم مراقبًا بصمت، وكأن دماء الأبرياء لا تستحق الاهتمام.
لقد عانت دارفور لعقود من الوعود الفارغة، والتقارير الدولية التي لا تتجاوز صفحاتها قاعات الاجتماعات. لكن السؤال الأهم: إلى متى ستظل أرواح الأبرياء مجرد أرقام في التقارير؟ وإلى متى سيبقى المجرمون طلقاء بلا محاسبة؟
ختامًا: دارفور تستغيث.. والعدالة هي الأمل الوحيد
اليوم، بينما يُدفن الضحايا ويُداوى الجرحى، يبقى الأمل الوحيد في محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وفي أن ينال النازحون حقهم في الحياة بأمان.
فالمعركة ليست بين ميليشيات وخصوم، بل بين الإنسانية والبربرية، وبين الحق والظلم.
وكما قالت الحكمة القديمة:
“قد يدوم الظلم زمنًا، لكنه لا ينتصر أبدًا”.

زر الذهاب إلى الأعلى