متابعات : انطلاق مؤتمر باريس وسط تباينات سودانية حول أجندته وأطرافه
تحتضن العاصمة الفرنسية باريس، غداً الاثنين، مؤتمر القضايا الإنسانية بالسودان الذي تنظمه فرنسا بالتعاون مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي، بمشاركة 20 وزير خارجية، ويتناول الوضع السياسي والإنساني في السودان في ظل عدم دعوة طرفي الصراع.
ويلتئم المؤتمر بالتزامن مع مرور عام على الحرب، وكشفت وزارة الخارجية الفرنسية عن انعقاد اجتماع صباح الاثنين على المستوى الوزاري في مقر الخارجية الفرنسية مشتركة فرنسية – ألمانية – أوروبية، ويهدف الاجتماع إلى دعم مبادرات السلام الإقليمية والدولية الهادفة إلى وضع حد للحـ.رب المندلعة في السودان منذ عام كامل.
كما ينعقد الاجتماع الإنساني، بعد الظهر، برئاسة الوزيرين الفرنسي والألماني: ستيفان سيجورنيه، وأنالينا بيربوك، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والمفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارسيتش، إلى جانب السلطات الأفريقية والأوروبية، ومسؤولي المنظمات الدولية والمجتمع المدني.
وتداول ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي قائمة تضم عدداً كبيراً من المدعوين من مختلف القوى السياسية والمدنية من بينهم عدد من قيادات تنسيقية القوة الديمقراطية المدنية تقدم من بينهم الدكتور عبد الله حمدوك رئيس التنسيقية وعدداً كبيراً من الفاعلين في الشأن.
حدث ضخم
وقال الدكتور عبد الله حمدوك “تقدم”، في كلمة مصورة بمناسبة مرور عام على الحرب، إنه سيشارك في مؤتمر باريس الذي سينطلق غداً الاثنين للفت أنظار العالم للظروف المأساوية التي يعيشها شعبنا ولدعوته لتحمل مسؤولياته تجاه البلاد.
قال خالد عمر يوسف، القيادي في المؤتمر السوداني في تدوينة على منصة إكس، إن مؤتمر باريس يعد الحدث الأضخم منذ اندلاع الحـ.رب، وأعرب عن أمله في أن يوفق المؤتمر في جمع الموارد اللازمة لمعالجة الأزمة الإنسانية حتى يتوفر الطعام والدواء والمسكن لملايين النازحين واللاجئين الذين دمرت الحرب حياتهم ، كما أعرب عن أمله في أن يثمر المؤتمر تنسيقا لمواقف الفاعلين الإقليميين والدوليين لتقصير أمد هذه الحرب والمساعدة على اسكات صوت البنادق بأعجل ما تيسر .
غموض وخلط
ووقع مئات الناشطين على مذكرة مفتوحة انتقدوا خلالها عدم وضوح معايير الاختيار للمشاركة في المؤتمر، كما أشاروا إلى الغموض وغياب الشفافية في تحديد الأجندة.
وأقر المحامي نبيل أديب، وهو أحد المشاركين في المؤتمر، في تصريحات لراديو دبنقا بأن هنالك غموض في أجندة المؤتمر وخلط بين الحاجة للتأسيس الدستوري للفترة الانتقالية وبين المساعدات الإنسانية، وقال إن جمعهما في مؤتمر واحد مدته يوم واحد ليس مناسباً.
وأكد في الوقت نفسه ان توحيد المواقف السياسية للقوى المدنية حول التأسيس الدستوري يسهم في وقف الحرب من حيث انه يجرد” الدعـ.م السـ.ريع” من ” مزاعمها حول انها تحارب من اجل الديموقراطية الا ان تلك المزاعم اصلا لم تكن تتمتع باي مصداقية “.
وأكد في الوقت نفسه إن مؤتمر باريس يمكن ان يلعب دورا في تنبيه المجتمع الدولي الى خطورة محاولة هدم الدولة السودانية وأضراره على بالدول المحيطة بالسودان لو تم عرض الاجندة ووجهات النظر بصورة صحيحة.
انتقادات
ويقول المحامي نبيل أديب لراديو دبنقا إن استبعاد طرفي الحرب من مؤتمر باريس يؤدي إلى تقليل أهمية المؤتمر فيما يتعلق بوقف الحرب.
من جانبه انتقد المهندس عادل خلف الله الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي في مقابلة مع راديو دبنقا استبعاد طرفي الحرب من مؤتمر باريس الذي ينطلق غداً الاثنين.
وأوضح إن استبعاد الطرفين، يضعف فرص الوصول للهدف وتحقيق وصول المساعدات ويعطي مبرراً للطرفين لعدم التعاون مع ما يتمخض عنه المؤتمر في جانب المساعدات.
وأشار في الوقت نفسه إن الممارسة العملية للطرفين خلال عام من الحرب أكدت عدم حرصهما على حماية المدنيين وصيانة حقوق الانسان والحفاظ على البنى التحتية والاعيان المدنية والتي ينص عليها القانون الدولي لحقوق الانسان، كما انهما ظلا يتبادلان الادوار في منع وصول المساعدات حسب مواقع السيطرة والانتشار. وقال عادل خلف الله لراديو دبنقا إنه لبلوغ ذلك الهدف من الضروري ربط المؤتمر بجدية بأولوية وقف الحرب.
وأعرب عن عدم تفاؤله في التزام الدول والمنظمات بتعهداتها مبيناً إن الدول أوفت ب 20 في المائة من التعهدات خلال المؤتمرات السابقة.
تغييب مقصود
وأعلن الكاتب محمد جلال هاشم في مقال رفض ما وصفه بالتغييب المقصود والمتعمد للدولة ذات الشأن، وهي السودان منقداً حضور دولتي الإمارات وتشاد اللتين وصفهما بالانحياز للدعـ.م السـ.ريع
وقال إن المؤتمر يهدف تقويض مؤسسة الدولة الوطنية السودانية واستهداف جميع دول المنطقة داعياً لمناهضة ما وصفه بالمؤامرة ولتوقيع على عريضة الإدانة والاستنكار المرفوعة من المؤتمر الآفروعمومي بالسودان.
الخارجية تستنكر
واستنكرت وزارة الخارجية السودانية في بيان استضافة وزارة الخارجية الفرنسية للمؤتمر الوزاري حول الوضع الإنساني في السودان واعتبرت عقد المؤتمر دون التشاور مع حكومة السودان استخفافا بالقانون الدولي ومبدأ سيادة الدول.
ووصفت قرار الحكومة الفرنسية بعدم دعوة طرفي الصراع للمؤتمر بالاختباء خلف ذريعة الحياد والمساواة بين الحكومة الشرعية، والجيش الوطني، من جهة، ومليـ.شيا متمردة تمارس وأسوأ انتهاكات حقوق الإنسان.
وطالبت الخارجية السودانية المجتمع الدولي بالوفاء بالتعهدات السابقة بدلا من تبديد الموارد والجهود في عقد مؤتمرات جديدة، لن تعدو أن تكون مجرد مهرجانات سياسية ودعائية.
أهداف المؤتمر
وبحسب وزارة الخارجية الفرنسية فإن المؤتمر يهدف للالتزام بتمويل الاستجابة الدولية للحاجات الإنسانية الضرورية للسودان ولدول الجوار المعنية بالأزمة السودانية. كما يهدف لإحراز تقدم في ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان. بجانب ألا يطغى عدم الاستقرار في النظام الدولي على الأزمات التي تؤثر في الأفارقة وأضافت إن الهدف من مؤتمر السودان هو الجمع بين جميع الشركاء المعنيين وجميع الشركاء المفيدين. وهذا يعني أن جميع دول المنطقة ستتم دعوتها.
وتصف الخارجية الفرنسية ما يدور في السودان بأنه أزمة إنسانية بالغة الخطورة، وأنها من خلال المؤتمر تهدف لإخراج الأزمة لإيجاد حلول للمسائل الإنسانية داخل السودان وفي الدول المستضيفة للاجئين.
تدني سقف التفاؤل
ويقول عادل خلف الله الناطق باسم حزب البعث إن بعض التقارير اشارت إلى أن المؤتمر يهدف لجمع تعهدات بنحو 3.5 مليار دولار
واضاف”إذا وضعنا في الاعتبار النتائج العملية لسلسلة المؤتمرات التي عقدت باسم اصدقاء السودان وشركاء التنمية بعد السقوط السياسي للإنقاذ وتكوين الحكومة الانتقالية في 2019، ومنها نسخة باريس، نجد ان الوعود والنوايا المعلنة شيء وسقوفها عالية، والوفاء التنفيذي بالوعود سقوفه متدنية لم تتجاوز 20% “.
ونبه إلى أن الدائنين وصندوق النقد لم يصلا مع السودان لنقطة التنفيذ حتى انقلاب 25 أكتوبر على الرغم من أن حكومتي جمدوك نفذتا فوق ما طلب، في حين ان الصندوق والدائنين وصلوا لتلك النقطة خلال 6 أشهر مع عدد من الدول منها دولة افريقية.
وقال من الصعوبة التفاؤل بتعهدات المؤتمر في ظل تردى الاحوال الاقتصادية في اوروبا جراء الحـ.رب في اوكرانيا، وتراجع وفاء العديد من الدول، بما فيها امريكا، بالتزاماتها تجاه منظمات الامم المتحدة والمنظمات والهيئات الاقليمية.