وزير الداخلية يعلن بدء تدريب عناصر الشرطة على حرب المدن
تستعد قوات الشرطة السودانية للانخراط في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهو ما يثير المخاوف من فقدانها صفتها المدنية وتورطها في هذه المعارك، مما يؤثر على مستقبلها بعد توقف أصوات المدافع.
فقد أعلن وزير الداخلية السوداني خليل باشا سايرن بدء تدريب عناصر من الشرطة على حرب المدن لمساعدة الجيش في حربه ضد الدعم السريع.
وذكر سايرين في تصريحات صحيفة أنه تم تدريب عدد من عناصر الشرطة في ولايات القضارف والبحر الأحمر ونهر النيل، للدفع بهم إلى جانب الجيش في الصفوف الأمامية للحرب المستعرة منذ أكثر من عام.
مرحلة ما بعد الحرب
لكن المتحدث باسم الشرطة السودانيّة العميد فتح الرحمن التوم، قال إنّ وزير الداخلية كان يقصد التدريب المتقدم لمرحلة ما بعد الحرب، وليس للمشاركة في المعارك الجاريّة الآن.
وذكر التوم في تصريحات لمنصة “المشهد” أنّ الدورات التي يتم التدريب عليها الآن هو في البحث الجنائي والتعامل مع البلاغات الكثيرة في عمليات السلب والنهب والسرقة، والتعرف على هوية الجثث.
وأشار إلى أن الشرطة دورها مدني أم القتال والحرب فمن اختصاص القوات المسلحة.
يرى الخبير العسكري الفريق محمد بشير سليمان أن قوات الشرطة يمكنها أن تقدم خدمة إسناد كبيرة للقوات المسلحة في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام مع قوات الدعم السريع.
وذكر سليمان في حديثه مع منصة “المشهد” أنه “تم تسليح المواطنين وتكوين ما يعرف بـ”المقاومة الشعبية، فالأولى أن تشارك الشرطة في هذه الحرب فهي جزء من القوات النظامية ولديه مهارات لاستخدام السلاح والقتال”.
وأشار إلى أ الشرطة اختفت من الشوارع مع اندلاع الحرب بسبب سيطرة الدعم السريع على مراكزها في المدن وبالتالي حرمانها من تسليحها، مضيفًا أنه الآن تم تجميعها من جديد وتسليحها.
مع اندلاع الاشتباكات، اختفت القوات الشرطيّة من جميع الشوارع والمناطق في العاصمة الخرطوم، وهو تسبب في انتشار عمليات السلب والنهب.
وغرق السودان في الفوضى منذ انفجر في منتصف أبريل الصراع الدامي على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقّب “حميدتي” في منتصف أبريل 2023.
وتسبب الانفلات الأمني الناتج عن الحرب، في اقتحام السجون وهروب العشرات من المسجونين من بينهم قادة النظام السابق وفي مقدمتهم عمر البشير.
وبحسب المتحدث باسم الشرطة السودانية لمنصة “المشهد”، فقد تلقت وزارة الداخلية عبر منصة البلاغ الإلكتروني نحو 600 ألف بلاغ منهم 38 ألف يتعلق بسرقة السيارات.
حرب المدن
ولفت الوزير إلى أن الداخلية ليست في حاجة لتجنيد عناصر جديدة لخوض الحرب بل تحتاج فقط إلى استعادة تسليحها وتدريب عناصرها على هذه النوعية من المعارك، مضيفًا أنهم سيقومون أيضا بتأمين الولايات بعد “تحريرها من الدعم السريع”.
وأكد سليمان أن قوات الشرطة تستطيع أن تعطي إضافة نوعية للجيش في حرب المدن والعصابات مع الدعم السريع، مضيفا أن انضمام أي قوة مسلحة مدربة إلى أحد طرفي الصراع في هذه الحرب يعطيها ميزة وتفوق جديد.
ولفت إلى أن عناصر الشرطة وتحديدا في إدارة العمليات وقوات الاحتياطي المركزي مدربون على هذا النوع من القتال في المدن.
وقال الخبير العسكري سليمان إن المقاومة الشعبية التي تشكلت من مواطنين غير مدربين على السلاح ساعدت الجيش في تحقيق انتصارات كبيرة في أم درمان وبحري، مؤكدا أن عناصر الشرطة ستساعد الجيش على تحقيق انتصارات أكبر.
كان الجيش السوداني بدأ في تسليح المدنيين في عدد من الولايات للمشاركة في الحرب تحت ما عرف باسم “المقاومة الشعبية”، خصوصا بعد الهزائم الكبيرة التي مني بها في نهاية العام الماضي.
انهيار أجهزة الدولة
واعتبر المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير شهاب الطيب، أن انضمام الشرطة للمعارك يعني تفكك أجهزة الدولة بالكامل وتحولها الي آلات تدور ضمن المجموعات التي تشارك في هذه الحرب.
وقال الطيب في تصريحات لمنصة “المشهد”: “كل ما استمرت الحرب في السودان ستتوسع لتصبح حرب شاملة وتؤدي الي التفكيك الكامل لأجهزة الدولة”. وأضاف: “قوات الشرطة هي قوات مدنية وظيفتها في الدولة هو تنفيذ القانون ومنع الانتهاكات والتعديات بحكم طبيعتها هي جهاز مدني غير مقاتل، لكن ستتحول بفعل داعيات الحرب إلي قوات مقاتلة تساهم في ازدياد الانتهاكات”.
وأشار إلى أن الشرطة في أغلب الحروب التي تدور في العالم تظل محتفظة بوظيفتها ودورها كمؤسسة ذات طبيعة مدنية في الحفاظ علي أمن وممتلكات المواطنين وليس جزء من الحرب.
كما أكد أن الشرطة السودانية تشارك في الحرب منذ بداياتها من خلال وحدات قتالية متخصصة تعرف بقوات الاحتياطي المركزي (أبو طيرة)، وتابع “هذه القوات صاحب عملها قبل اندلاع الحرب الكثير من الانتهاكات وأحد قادتها هو المتهم لدي المحكمة الجنائية الدولية علي كوشيب”.
لكنه يرى أن مشاركتها لم يكن له تأثير كبير على سير المعارك.
وقوات الاحتياط المركزي أحد أهم أفرع الشرطة السودانية تأسس عام 1974، ويقدر عدد عناصر بـ80 ألف عنصر، ومسلحة بمختلف أنواع الأسلحة من الرشاشات والبنادق إلى الطائرات المروحية ومضادات الطيران.
وأدت الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل 2023، الى مقتل الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
وأكد المتحدث باسم الداخلية أن عناصر الشرطة بدأت تستعيد الكثير من مواقعها في العديد من المدن السودانية وتقدم خدماتها للمواطنين.