الأعمدة

حتى أنت يا ……! الزبير نايل

لن تجد تصويرا أدق وأبرع للخذلان ووجع الروح عندما تأتيك طعنة من قريب أو صديق، من تصوير الأديب الإنكليزي الكبير وليام شكسبير في مسرحية (يوليوس قيصر)..

شكسبير الذي يقول القذافي إن اسمه(شيخ الزبير) كثف المشهد ليجعل منه عنوانا لمعنى الخذلان وخيبة الأمل..كان إمبراطور روما المذهول يصارع الطعنات ومتخبطا في دمائه لكنه ما زال صامدا لم يسقط رغم كثافتها…حانت منه التفاتة فرأى صديق عمره “بروتس”.. هتف قلبه والتمعت في عينيه نظرة ارتياح لأن صديقه سيخلصه.. وضع يده على كتفه وهو متلاحق الأنفاس وكله رجاء.. لكنْ حدث ما لم يخطر له على بال… استدار بروتس وأشاح بوجهه وسدد طعنة نجلاء في صدر صديقه..وبكل مرارة الفجيعة حدّق قيصر في وجه صاحبه وقال قولته الشهيرة…
(حتى أنت يا بروتس..إذاً فليمت قيصر).. وسقط مغشيا عليه..

كانت طعنة بروتس هلي الطعنة القاتلة دون كل الطعنات، ذلك أنها لم تكن في الجسد فحسب، بل كانت طعنة في آماله وفي رجائه وفي صداقته..

ما أصعب خيبة الأمل حين تنثر قمح محبتك في أرض قاحلة جرداء… والخذلان صوره شتى.. لكن السؤال الحائر : هل خذله أصدقاؤه أم خذلته نفسه عندما راهن على أنهم أوفياء؟

وكأني به يردد مع القائل:
ووعدتني بأن صدرك منزلي
‏إذا الليالي السود أغلقن الفّلك..
‏ها هن سودٌ مُقفراتٌ جئن لي
أين الوعود وأين عني منزلك

# طعنة الصديق أو القريب أشد إيلاما لأنها تكون من المسافة صفر…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى