تقارير

السر القصاص يكتب.. ود النورة يوم أسود ومأساة كبرى والأطفال يعيشون الرعب

ماجرى عملية تطهير وإبادة جماعية و إغتيال جماعي ومذبحة يخلدها التاريخ

فقدت من أهلي العشرات ومن أسرتي 10 حتى الآن

الحصر الذى وصلنا نتوقع أن تكون الارقام أكبر لعدم تمكن الجرحى من العلاج ولانقطاع الطريق.

العزاء ليس في ود النورة وحدها في المناقل والقطينة وكرتوب والقرشي والجاموسي والدويم والعلقة والشيخ الصديق وفي عموم ديار الكواهلة

أن موعدنا مع الاقدار عجيب وفي تقدير الخالق سبحانه وتعالى ما يجعلك تعيد التأمل حتى تصل الى التسليم الكامل ، دونما مقدمات ودون علامات ودعنا بمدينة ود النورة مركز قرى ( غرب الجزيرة وشمال شرق النيل الابيض ) والواقعة في الجانب الشمالي الغربي من الجزيرة ، ودعنا الرجال والنساء والاطفال في موكب نازف وفي مشهد للمأساة الكبري التى حلت بالوطن الكبير .

نقولها وقد بلغ موكب الشهداء العشرات وإحتسبنا من أسرتنا مايقارب العشرة شهداء ومن أهلنا مائة ويزيدون ، نقولها أننا لن نغادر أرضنا وسنموت فداء لهذه الأرض ولارتباطا بها .

سنموت بالمئات زرافات ووحدانا سمنوت اليوم وغدا وكل يوم ولن نتزحزح قيد أنملة عن عهدنا مع الشهداء الابطال الذين استقبلوا الموت بصدر رحب وبشهامة لافتة وبصبر عظيم ، وثبات حير حتى مطلق الرصاص المليشي الخائن الغادر .

فقدت حتى الآن من أسرتي انا فقط مايقارب الـ11 شهيد
يتقدمهم ضو الرجال
جدي فضل الله عبد الرزاق
وجدي رحمة ود إبراهيم
والأعمام اخوان الوالد من خالته
كمال عبد الرضي
نزار عبد الرضي
والعريس منذ أيام جمال خيرالله أبو جديري
وابن عمي شقيق الوالد محمد عبد الناصر علي عبدالله الكويرث (ود علي الله)
وأولاد الهجا وعدد كبير من الاخوان والزملاء والزميلات وأرقام مذهلة من الأطفال والنساء في الحصر الأولى حتى الآن وغيرهم ما لا يحصى من النساء والأطفال من داخل الأسرة أيضا ومن وأهلي من كل المنطقة ناسي وتاج عزي وأصدقاء والدي رحمة الله عليه وعليهم وصرة تاريخ منطقة بأكمله .

العزاء ليس في ود النورة وحدها ، هذه المنطقة مربوطة بالنيل الابيض تماماً وكل الأهل فيها لهم اخ او اخت أو. ابن في قرى القطينة ولهم زيجة وبنت في قرى شمال وجنوب وغرب القطينة ، فالعزاء في الإنسانية والأمصار ، لهم ولنا والصبر والإحتساب والجزاء عند صاحب الملك محرم الظلم نصير الضعفاء وناصر الحق بإذنه تعالى .

نقولها والجرح نازف أننا نحتسبهم عند الله شهداء وهم علامة فارقة في تاريخ المنطقة التى لم تشهد في تاريخها الحديث أى نوع من أنواع الإبادة و التطهير كهذا الذى شنته وحوش وبرابرة المليشيا كسر الله شوكتهم وقطع دابرهم ، والحمدلله وحده له الرضى والتسليم .

عائلات بأكملها رحلت ، إستشهد عدد كبير من رموز المنطقة توفى عدد مقدر من المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات والمزارعين والعمال . تم إغتيال مجتمع بأكمله في حرب تستهدف إبادة الناس وحرق تاريخهم ومسح وجودهم ولكننا سنكون نحن التاريخ الذى لن يغفل باي شكل من الأشكال هذه الدماء وهذه التضحية وهذا الإباء .

رحمهم الله جميعا وتقبلهم في علين ونحن نقدمهم في موكب الشهادة البهي نزجي السلام لسيدي رسول قائد الشهداء والغر الميامين .

ودعناكم الله ولن ننساكم والعهد معكم أن نموت واقفين .

ود النورة هي مركز قرى ومدينة نابضة بالحياة تتوسط الوصل بين الجزيرة والنيل الأبيض ، فر إليها المظلومين من النيل الابيض وعادت إليها الأسر من مدني والحصاحيصا والقطينة فأصبحت اخر معقال الامان حتى حولتها المليشيا الى بحر من الدماء وفعلت فعلتها في وضح النهار .

أعجز عن ربط الحروف وعن نقل مشاعري وعن توصيف فقدي ، لقد فقدت عدد كبير من الأهل بلغ حتى الآن العشرات ولا اقول مائة وخمسون ولا أقول أكثر ولكنهم جميعهم فقدنا وفقد السودان بل والإنسانية أجمع .

إنا لله وإنا إليه راجعون.

وليس في التفاصيل الا الغرابة وحد الذهول ، ففي صباح عادي استيقظ سكان قرية ودالنورة غربي المناقل محلية 24 القرشي بولاية الجزيرة على اصوات مرعبة زعزعت هدؤ وسكون القرية وفي هلع كبير تجمع اهالي القرية الوادعة المسالمة لمعرفة ماذا يحدث.

كان المشهد مذهل.. مركبات قتالية لقوات الدعم السريع المتمردة تحمل جنود واسلحة ثقيلة وهي تجوب القرية تطلق النار بشكل عشوائي وتقصف المباني بأسلحة ثقيلة اهتزت لها اركان قرية ودالنورة.

شباب ورجال القرية تقدموا لهذه القوات البربرية متسائلين “الحاصل شنو” فكان الرد ضرب وإهانة وتنكيل وإعتقال أمام نظر الأطفال المكلومين والأمهات المفجوعات.

لم تكتفي هذه القوات المتمردة بهذا فقامت بفتح النار على المواطنين العزل الأبرياء لم تراعي النساء ولا الأطفال ولا كبار السن تناثرت الجثث على الأرض وأشلاء الاطفال والنساء تملأ الطرقات.
.

إستجمع من بقى من أهالي القرية قواهم محاولين ستر موتاهم فتحول ميدان القرية الذي كان يجمع الناس للفرجة والترويح تحول الى مقبرة كبيرة.

وضع الأطفال في قرية ودالنورة لايوصف الرعب يسيطر عليهم.. بعضهم اصيب بهستيريا وإغماءات صدمات كبيرة تعرضوا لها وأثرها لن يزول قريبا.
ولكن الحقيقة المروعة أكثر أننا نقف مكلومين وبلا طائل فلا سلاح لدينا ولا سوق نشترى منه فقوفنا كمن تحرك ولم يصل ، وقف يسير ثابتا نحو الفجيعة لا سكين عنده ولا كلاش يسد عليه رؤى الغضب ولا حول له يصد به جموع الوحوش البرابرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى