رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأخبار

السودان على طاولة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان في شهر فبراير

:اشتمل جدول أعمال الدورة 58 لمجلس حقوق الانسان التي ستعقد بجنيف في الفترة من 24 فبراير الى 4 أبريل 2025م، على اجراء حوار تفاعلي معزز Enhanced Interactive Dialogue بشأن السودان يعقد بتاريخ 27 فبراير، بالجلسة المسائية، وذلك بمشاركة الخبير المعين حول السودان السيد/ رضوان نويصر.سيعقد هذا الحوار التفاعلي حول التقرير الشامل الذي سيقدمه المفوض السامي لحقوق الانسان بالرقم 58/29 حول السودان ومن المتوقع أن تشارك فيه الدول الأعضاء والمراقبة في مجلس حقوق الانسان بجانب عدد من المنظمات غير الحكومية المهتمة بالشأن السوداني.هذا الحوار سيجري بناء على مخرجات القرار S-36/1، الذي اعتمده مجلس حقوق الانسان بالجلسة الاستثنائية التي عقدت حول السودان بتاريخ 11 مايو 2023 بعنوان “تأثير الصراع الدائر في السودان على حقوق الإنسان”. والذي قدمته مجموعة الترويكا حول السودان التي تتكون من (المملكة المتحدة، النرويج، والولايات المتحدة الامريكية، وألمانيا).تجدر الإشارة الى أن مجلس حقوق الانسان بجنيف ينظر في الوضع في السودان من خلال ثلاثة آليات رئيسية هي:•​مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان بالسودان: أنشئ بموجب قرار المجلس رقم 22/39 الصادر في أكتوبر 2018. وتم تدشين عمله في 26 ديسمبر 2019.•​الخبير المعين حول السودان (رضوان نويصر): تم تعيينه من قبل المفوض السامي لحقوق الانسان في 12 نوفمبر 2021،•​البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان: أنشأها المجلس في 11 أكتوبر2023، بموجب القرار 54/2، يصدر مجلس حقوق الانسان في جلسته التي تعقد في شهر سبتمبر من كل عام قراراً حول السودان. ومنذ اندلاع القتال في أبريل 2023 أصبح مسمى القرار “الاستجابة لأزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع المسلح المستمر في السودان”.تجدر الإشارة الى أن الحكومة السودانية (من واقع عضويتها في مجلس حقوق الانسان التي ستنتهي هذا العام) صوتت ضد قرار إنشاء بعثة تقصي الحقائق في السودان، ولكنها تتعاون مع الخبير المعين حول السودان السيد رضوان نويصر الذي قام بزيارة الى بورتسودان في الفترة من 7 إلى 11 يوليو 2024.وعلى الرغم من أن السيد نويصر، وبموجب الولاية المنوطة به، يعمل على تزويد مجلس حقوق الانسان بالمعلومات المتعلقة بأوضاع حقوق الانسان بالسودان، إلا أن تركيز المجلس ينصب حالياً على عمل بعثة تقصي الحقائق التي منحت قدراً كبيراً من الاختصاص في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والجرائم ذات الصلة في سياق النزاع المسلح المستمر وتحديد الوقائع والظروف والأسباب الجذرية المتصلة بها. بجانب اختصاصها في جمع وتوحيد وتحليل الأدلة على هذه الانتهاكات والتجاوزات، والقيام بصورة منهجية بتسجيل وحفظ جميع المعلومات والوثائق والأدلة، بما في ذلك المقابلات وإفادات الشهود ومواد الطب الشرعي، بما يتسق مع أفضل الممارسات الدولية، في ضوء أي إجراءات قانونية تتخذ في المستقبل. كما تعمل البعثة على توثيق المعلومات والأدلة ذات الصلة والتحقق منها، بما في ذلك من خلال المشاركة الميدانية، والتعاون مع الكيانات القضائية وغير القضائية؛ وتحديد هوية الأفراد والكيانات المسؤولين عن انتهاكات أو تجاوزات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، أو الجرائم الأخرى ذات الصلة، في السودان، بغية ضمان محاسبتهم عليها؛ وتقديم توصيات، لا سيما بشأن تدابير المساءلة تهدف الى وضع حد للإفلات من العقاب، وضمان المساءلة، بما في ذلك، المسؤولية الجنائية الفردية، ووصول الضحايا إلى العدالة.هذا الاختصاص الموسع قد يمهد الطريق الى تقديم مادة قانونية دسمة ليتم استخدامها مستقبلا بواسطة مجلس الأمن لإحالة كل الوضع في السودان للمحكمة الجنائية الدولية، إذا لم يتم استخدام حق النقض في توقيف الإحالة.الجدير بالذكر أن بعثة تقصي الحقائق المستقلة قدمت في تقريرها الأول لمجلس حقوق الانسان في سبتمبر 2024 توصيتان اعتبرها المراقبون في غاية الأهمية والخطورة، الاولي تدعو الى نشر قوة مستقلة ومحايدة مُكلّفة بحماية المدنيّين في السودان، والثانية توصي بتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية النابع من قرار مجلس الأمن 1593 (2005) بشأن الوضع في دارفور ليشمل كامل الأراضي السودانية. ويبدو أن المجتمع الدولي غير مستعد الان للنظر في التوصية الأولى التي تتطلب موارد وإجراءات كثيرة، بجانب التعقيدات الحالية التي تلازم عمل مجلس الامن بسبب انشغاله بأزمات أخرى. أما التوصية الثانية، والتي تعد أقل كلفة، فلا يستبعد أن يتم الزج بها الى طاولة مجلس الأمن ما لم يحول التنافر التنافس السياسي بين الدول دائمة العضوية على اجازتها، كما حدث مؤخراً. علماً بأن مجلس الامن يركز حالياً في إطار تناوله الشأن السودان على النطاق الجغرافي لدارفور وذلك بناءً على القرار 1591 الذي أنشا ولاية فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن السودان في العام 2005 للنظر، من بين أمور أخرى، في مراقبة حظر الأسلحة في دارفور. ويقدم هذا الفريق منذ ذلك التاريخ تقاريره الدورية لمجلس الامن. ولا يستبعد أن يدعم نويصر خلال الحوار الذي سيجري في السابع والعشرين من هذا الشهر التوصيات المقدمة من البعثة المستقلة لتقصي الحقائق، بجانب ربما الدعوة الى وقف إطلاق النار واجراء حظر للطيران. وعلى الرغم من أن الولاية المنوطة بالخبير نويصر تختلف قليلاً عن عمل بعثة تقصي الحقائق الا أن هنالك تعاوناً وتنسيقاً وثيقاً بين الجانبين، وقد حرصت الدول المقدمة لقرار السودان في مجلس حقوق الانسان بجنيف على الاحتفاظ بتعدد هذه الاليات وذلك للأخذ بزمام المبادرة في حال وجود أي محاولات لإنهاء عمل أي ولاية منها.تبقى الإشارة الى أن التوصيات التي تقدم في إطار عمل مجلس حقوق الانسان، تظل غير ملزمة، ولكن قيمتها القانونية تظل كبيرة، حيث تلجأ بعض الدول التي تطبق الاختصاص القضائي الدولي في محاكمها الوطنية الى استخدام الأدلة الموثقة لانتهاكات حقوق الانسان التي ترقى الى جرائم دولية كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لمعاقبة المسؤولين عنها كما حدث مؤخراً في المانيا حيث استفاد القضاء الألماني من المعلومات التي جمعتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا لمحاكمة ضابطين في النظام السوري السابق أُدين أحدهما بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى