الأخبار

مع مضي خطى التقارب بين أبي ظبي والخرطوم،، حمدوك الخاسـر الأكبـــر

مراقبون: عندما تتغير قواعد اللعبة، يكون العملاء أول ضحايا التغيير..

..

مهما اجتهدت الأطراف الخارجية، لن تغيِّر في وجهة نظر السودانيين تجاه حمدوك..
فقد شعبيته في السودان، منذ اصطفافه إلى جانب المتمردين..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.
يترقب الشارع السوداني بصبر بدا آخذاً في النفاد انعقاد القمة الثلاثية المزمعة والتي ستجمع بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتأتي هذه القمة على خلفية المكالمة الهاتفية التي جمعت البرهان ببن زايد بواسطة آبي أحمد، مما يعني أن خطى التقارب تمضي بشكل سلس بين الخرطوم وأبي ظبي، وصولاً إلى تفاهمات مشتركة ستسطرها قمة أديس أبابا المرتقبة.
أجندة القمة:

وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش، قد رحبا بواسطة رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد الذي أنهى وبحسب مصادر دبلوماسية رفيعة بالاتحاد الأفريقي إعداد جدول أعمال القمة المرتقبة التي ستركز موضوعاتها على وقف التصعيد الدبلوماسي والإعلامي بين الخرطوم وأبي ظبي، ومناقشة جميع الاتهامات التي وجهها السودان لدولة الإمارات ودفع بها إلى منضدة مجلس الأمن الدولي هذا فضلاً عن مناقشة الأزمة السودانية وطرح حلول فعّالة لها.
تأثيرات سلبية:

ويبدو أن التقارب الماشي ما بين الخرطوم وأبي ظبي سيكون له تأثيرات سلبية على تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” بقيادة دكتور عبد الله حمدوك الذي تتهمه الحكومة السودانية بالعمالة والخيانة الوطنية والارتزاق، وقد قيَّدت النيابة العامة في السودان في أبريل الماضي ٢٠٢٤م دعاوى جنائية ضد 17 من قيادات تنسيقية “تقدم” من بينهم دكتور عبد الله حمدوك، وتتعلق الدعاوى بـتقويض النظام الدستوري وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث تصل عقوبة هذه الدعاوى المقدمة ضد حمدوك ورهطه إلى الإعدام.
تغريدة فريد:
وانتقد المستشار السابق لرئيس الوزراء المستقيل أمجد فريد القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ما وصفها بتبني جهات سياسية وأعضاءها حملة رفع الحرج عن دولة الإمارات العربية المتحدة على حساب الشعب السوداني، وقال أمجد فريد في تغريدة له على منصة إكس إن هذا العار والفضيحة أكبر من أن تغطوه وراء أي ادعاءات عقلانية سياسية، ماذا تريدون بهذا الشعب، وقد بررتم من قبل لانتهاك حقوقهم في الحياة والأمان؟ والأن تسعون إلى رفع الحرج عن داعمي ومرتكبي الجرائم التي وقعت بحقهم وإعفائهم حتى من المسؤولية عليها، وأكد فريد أن السودانيين وحياتهم ليسوا بهذا الرخصة لتبيعوا وتشتروا حياتهم مقابل أطماعكم السياسية وأوهامكم في الاستحقاق الذاتي للتحكم في مصير البلاد.

كروت محروقة:
ومن هنا فإن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” بقيادة ” حمدوكها ” في طريقها وبحسب مراقبين إلى الدخول في جحر ضب خرب بعد انتهاء دورها، فالمعروف أن الدول تستغل العملاء لضرب شعوبهم، وعندما تتغير قواعد اللعبة الدولية، يكون أول ضحايا التغيير الماثل هم هؤلاء العملاء أنفسهم، فمصالح الدول فوق مصالح المجموعات أو الحركات أو الأفراد الذين لا يمكن ضمان جانبهم، خاصة بعد أن اتضح أنهم مستعدون لتدمير بلادهم، فهم ليسوا أهل ثقة، وإنما أصبحوا كروتاً محروقة بعد أن انتهى دورها بتغير قواعد اللعبة.
تطور نوعي:
ويصف الباحث والإعلامي الأستاذ الركابي حسن يعقوب التقارب الذي طرأ على العلاقة بين الخرطوم وأبوظبي بالتطور النوعي شديد الأهمية، وأنه جاء نتاجاََ لتطورات الموقف العسكري الميداني من ناحية، وتطورات الأداء الدبلوماسي للسودان في مجلس الأمن الدولي من ناحية أخرى، وقال الركابي في حديثه للكرامة إن وجهة نظر الخرطوم حيال علاقاتها مع أبوظبي تقوم على مطالبة أبوظبي بوقف دعمها العسكري والسياسي لميليشيا الدعم السريع بناءً على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان وهو مبدأ أصيل ومعروف في العلاقات الدولية، وبالتالي إذا التزمت أبوظبي بهذا المطلب السوداني فإنها تكون بذلك قد رفعت غطاءها عن ميليشيا الدعم السريع وذراعها السياسي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” التي يقودها دكتور عبد الله حمدوك، مبيناً أن الخطوة تعني أن حمدوك وجوقته في تنسيقية (تقدم) قد فقدوا أهم الركائز الإقليمية التي ظلوا يستندون عليها منذ تصدرهم للمشهد السياسي في السودان في بواكير ثورة ديسمبر، حيث ظلوا يأتمرون بأمر أبي ظبي فيما أحبوا وكرهوا، وكانت حركتهم تبعاََ لما تشير به أبوظبي.
مستقبل حمدوك:

وعن تأثيرات التقارب الماشي بين السودان والإمارات على مستقبل حمدوك، يقول الأستاذ الركابي حسن يعقوب إن دكتور عبد الله حمدوك قد فقد شعبيته في السودان منذ أن أختار الاصطفاف إلى جانب ميليشيا الدعم السريع، وزاد حمدوك الطين بلة بصمته عن إدانة جرائم الميليشيا المتمردة في حق المدنيين الأبرياء والعزل، والدمار الذي أحدثته في البنى التحتية، وتسببها في نزوح المواطنين داخل البلاد ولجوئهم إلى الدول المجاورة، وهي جميعها حيثيات تؤكد أن مستقبل حمدوك السياسي أصبح في كف عفريت، باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه داخلياً، وما يقال عن حمدوك ينسحب على تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”.

ويشكك الخبير الاستراتيجي دكتور جمال الشهيد من إمكانية وجود مستقبل سياسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم ” ورئيسها دكتور عبد الله حمدوك في السودان، وقال في حديثه للكرامة إن السودانيين يدركون أنه من الصعوبة بمكان ولادة حكم مدني حقيقي ومستقل في السودان على المدى القريب، وأنه مهما فعلت الأطراف الخارجية الداعمة لحمدوك فلن تغيير في وجهة نظر السودانيين الذين يرون في حمدوك ورهطه عملاء ومرتزقة خانوا بلادهم ورهنوا إرادتهم لأجندة خارجية وشكلوا ذراعاً سياسياً لميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة التي قتلت واغتصبت وسلبت ونهبت ودمرت البنى التحتية وحاولت إحداث تغيير ديمغرافي في سكان السودان.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فإن مجرد التواصل الهاتفي الذي تم بين البرهان وبن زايد يعني إذابة الكثير من الجليد الذي ظل يضرب علاقة الخرطوم بأبي ظبي منذ الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، وبالتالي فإن الخطوة المقبلة ستعني المزيد من التقارب والذي سيفضي إلى تحقيق الكثير من المكاسب للشعب السوداني، بداية بوقف الحرب ومروراً بعودة النازحين واللاجئين وانتهاءً بإعادة البناء والإعمار الذي ستكون كلفته باهظة (أكثر من ٣٠٠ مليار دولار بحسب خبراء)، وقطعاً سيكون للإمارات دور متعاظم ومساهمة فاعلة في دفع هذه الكلفة جراء ما كسبت أيديها، فيما سيدفع حمدوك ورهطه الثمن مضاعفاً، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى