الأعمدة

خرّجت أكثر من ٨٠٠ ضابطاً رغم ظروف الحرب.. القوات المسلحة.. مسيرة مستمرة من عطاء وفداء..

جرعات تدريبية عالية تلقتها الدفعات المتخرجة في القتال والإدارة والعلوم العسكرية..

البرهان: الدفعات المتخرجة سندٌ لإفشال المخططات التي تستهدف البلاد..
نبيل: الجيش مستمر في تعاقب الأجيال وتفريخ الأبطال…
تاور: التخريج دحض شائعات ( جيش علي كرتي وجيش الكيزان)..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
احتفلت القوات المسلحة السودانية صبيحة الثلاثاء الحادي والثلاثين من يوليو ٢٠٢٤م، في منطقة جبيت العسكرية في ولاية البحر الأحمر، بتخريج الدفعات (٦٨) كلية حربية، والدفعات (٢٠) و (٢٣) من التأهيلية، والكلية الجوية، والأكاديمية البحرية، وذلك بحضور رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وعدد من قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية بجانب أسر المتخرجين، وتخلل الاحتفال عرضٌ عسكريٌّ للطلبة المتخرجين، عكس الجرعات التدريبية والمهارات التي اكتسبوها خلال فترة التدريب والتأهيل فضلا عن المستوى العالي من الانضباط العسكري، وتم تكريم المتفوقين وأوائل الطلبة الحربيين تقديراً لتميزهم خلال فترة التدريب العسكري بالكلية الحربية.
أهمية جبيت:
تعتبر مدينة جبيت التي تقع على ارتفاع ٧٩٢ متراً فوق مستوى سطح البحر، واحدة من أهم مدن ولاية البحر الأحمر، وتبعد عن مدينة بورتسودان العاصمة بحوالي ١٠٠ كيلو متر، وعن الخرطوم العاصمة السودانية بحوالي ٧٢٦ كيلو متراً، وجبيت هي محطة رئيسية في خط السكة الحديدية بين الخرطوم وميناء بورتسودان، وتتميز بكونها منطقة تعدين مهمة في ولاية البحر الأحمر، فيما تكمن أهميتها العسكرية في وجود معهد تدريب المشاة، وتأهيل الضباط الذين درجوا على تلقي كورسات تأهيلية للترقي في التراتبية العسكرية أو تأهيلهم إدارياً ليكونوا قادة سرايا، أو قادة كتائب، وقد تم تحويل الدفعات (٦٨) كلية حربية، والدفعات (٢٠) و(٢٣) من التأهيلية، والكلية الجوية، والأكاديمية البحرية التي تم تخريجها مؤخراً، من الكلية الحربية بأم درمان لتستكمل مشروع التدريب والتأهيل عقب اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م.
الدفعات المتخرجة:
وتشكل الدفعات (٦٨) كلية حربية، والدفعات (٢٠) و (٢٣) من التأهيلية، والكلية الجوية، والأكاديمية البحرية المتخرجة من منطقة جبيت العسكرية أهمية كبرى لكونها قد تخرجت في ظروف استثنائية فرضتها الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، حيث ظلت هذه الدفعات المتخرجة تتلقى تدريبها العسكري الذي اشتمل على كافة فنون القتال العسكري والجرعات التأهيلية في الإدارة والضبط والربط والعلوم العسكرية داخل معسكر جبيت، والبلاد تواجه حرباً ضروساً كانت قلوب وأفئدة وأسماع وأبصار هذه الدفعات معلقة بها، وتتحرق شوقاً لإعلان التخرج حتى تستطيع تنفيذ ما تلقته من مهارات عالية وفنون قتالية، في جبهات القتال لتلقين العدو دروساً لن تُنسى، ولعل القدر قد استجاب سريعاً لأمنياتهم وأشواقهم، فكان حفل تخريج هذه الدفعة بمثابة درسٍ جديد يضاف للدروس التي تلقوها داخل مصنع الرجال وعرين الأبطال، وذلك من خلال الهجوم الانتحاري بالطائرات المُسيَّرة التي كانت تستهدف اغتيال القائد العام للقوات المسلحة، ليكون ذلك امتحاناً وبياناً بالعمل، واجهوه بالثبات والالتفاف حول قائدهم وحمايته بأرواحهم الطاهرة التي سقت بعبق الشهادة ميدان الاحتفال، فداءً للقيادة.
احتفال استثنائي:
ولما كان يوم الاحتفال بتخريج الدفعات (٦٨) كلية حربية، والدفعات (٢٠) و(٢٣) من التأهيلية، والكلية الجوية، والأكاديمية البحرية استثنائياً، من خلال الأحداث التي صاحبته، فقد كان فرصةً استثمرها رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة ليزيد تشريفه الاحتفال وتكريمه المتفوقين كيل بعير، بمخاطبة الاحتفال ووضع العديد من الرسائل المهمة في بريد العديد من الجهات ذات الصلة بما يدور في السودان من أحداث منذ الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، يوم أن قلبت ميليشيا الدعم السريع ظهر المِجَن على القوات المسلحة، بتمردها الذي أشعل نيران حرب أحرقت الأخضر واليابس، وما انفكت تداعياتها تُلِبسُ البلاد ثوب بؤس وحداد، ومروراً بالضغوط التي تمارسها دوائر إقليمية ودولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لإرغام القيادة السودانية على الإذعان والتوجه نحو جنيف لعقد مفاوضات تحاول هذه الدوائر أن تفرض من خلالها أجندة جديدة تلتف بها حول منبر جدة، وتتجاوز مخرجاته التي تم الاتفاق عليها في مايو ٢٠٢٣م، ولم تلتزم الميليشيا المتمردة بتنفيذها.
رسائل للمتخرجين:
وخصَّ رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، الدفعات (٦٨) كلية حربية، والدفعات (٢٠) و(٢٣) من التأهيلية، والكلية الجوية، والأكاديمية البحرية، برسائل خاصة خلال مخاطبته الاحتفال حيث وصف تخريج هؤلاء الضباط يعد بالهدية التي تقدمها القوات المسلحة للشعب السوداني، لما يشكلونه من إضافة حقيقية للأبطال الذين يخوضون غمار معركة الكرامة التي قال إنها ستظل معركة مستمرة ضد العدو، بلا تراجع أو استسلام أو تفاوض مع أي جهة مهما كانت، وقال البرهان في رسالة مباشرة للضباط الجدد ” إن انضمامكم لصفوف القوات المسلحة في هذا التوقيت الذي تتعرض فيه البلاد لمؤامرات يؤكد استعداد القوات المسلحة وجهوزيتها للمضي قدماً في سبيل إفشال المخططات التي تستهدف البلاد” وأكد القائد العام للقوات المسلحة قدرة الجيش على تدمير هذا العدو والقضاء عليه.

مهام رغم الحرب:
ويؤكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله أن تخريج الدفعات (٦٨) كلية حربية، والدفعات (٢٠) و(٢٣) من التأهيلية، والكلية الجوية، والأكاديمية البحرية، تم رغم الحرب الضروس ورغم ظروف المعارك الضارية، وأبان في حديثه للكرامة أن الخطوة تعكس استمرار القوات المسلحة رغم هذه الظروف الاستثنائية في الاضطلاع بدورها المتعاظم وتنفيذ مهامها الإدارية والمهنية، والاستمرار في تنفيذ مشروع تعاقب الأجيال وتفريخ أبطال جدد يضافوا للمؤسسة العسكرية بعد تخرجهم من مختلف الكليات وبمؤهلات عالية وقدرات تدريبة تزيد من منعة وصلابة القوات المسلحة عسكرياً وفنياً وإدارياً، وأكد العميد نبيل أن الحرب لم تمنع القوات المسلحة من تدريب وتأهيل كوادرها، ولم تمنعها من ممارسة عملها الإداري الراتب بترقية الضباط وضباط الصف والجنود، ليسير العمل الإداري والتدريبي والعملياتي جنباً إلى جنب، مما يؤكد على علو كعب هذه المؤسسة العسكرية ورسوخها وقدرتها على إدارة شؤونها وترتيب أوضاعها في كل الظروف.

دحض الشائعات:
وهنأ الخبير العسكري الفريق شرطة دكتور جلال تاور، المؤسسة العسكرية على تخريج هذه الدفعات التي يتجاوز عددها ٨٠٠ فرد يشكلون إضافة نوعية للقوات المسلحة السودانية وهي تخوض حرب الكرامة الوطنية، وقال الفريق جلال في حديثه للكرامة إن دلالات هذا التخريج تشير إلى أن مؤسسة القوات المسلحة لم تتوقف عن أداء واجبها أثناء الحرب، وإنما ضاعفت من جهودها وتحملت مسؤوليتها الكاملة، وأنجزت بمهنية عالية مهامها الموكلة إليها بدون تردد، مبيناً أن الرسالة التي حملها تخريج هذه الدفعات قد دحضت كل الشائعات التي ظلت تتهم الجيش بالانتماء إلى الحركة الإسلامية ( جيش علي كرتي، وجيش الكيزان) مؤكداً أن احتفالية جبيت قد أكدت أن هذا جيشٌ قومي يمثل مختلف بقاع السودان، وأن المؤسسة العسكرية تمتلك جيشاً قوياً يضم في منظومته أصلب العناصر القادرة على مواجهة أصلب المواقف، وقد عبروا عن حماسهم، وجهوزيتهم وشغفهم ليلحقوا بإخوانهم في معركة الكرامة، وهو أمرٌ يؤكد أن حواء السودان لم تعقر من رفد المؤسسة العسكرية بالرجال من الأشاوس والأبطال، مبيناً أن ما بذلته القوات المسلحة في هذه الحرب من تضحية وتفاني وفداء، شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى