الأخبار

ضربت مناطق واسعة من إقليم جبال النوبة،، المجاعة.. الحرب الفتاكة..

تلفون كوكو يتهم عبد العزيز الحلو، وميليشيا الجنجويد بتجويع المواطنين

 

أوضاع كارثية دفعت الناس إلى أكل أوراق ولحاء الأشجار..

نقص حاد في الغذاء، وأكثر من 30% من الأطفال يعانون من سوء التغذية..

توقعات بوضع أسوأ في ظل عدم تمكن المواطنين من الزراعة بسبب الدعم السريع..

مناشدات للحركة الشعبية بالتعاون مع الجيش لفتح طريق الأبيض – كادقلي..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

اتهمت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة الجنرال تلفون كوكو أبو جلحة، اتهمت نظيرتها الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال فصيل عبد العزيز الحلو، بالاشتراك مع مليشيا الدعم السريع المتمردة في تجويع المواطنين في منطقة جبال النوبة، ومنعهم من ممارسة نشاطاتهم الزراعية عبر محاصرة المدن والقرى، وقطع طرق الإمدادات، ورفض الإغاثة الطارئة المقدمة من برنامج الغذاء العالمي، وقالت الحركة الشعبية فصيل تلفون كوكو في بيان لها إن مسلك الحركة الشعبية فصيل الحلو بفرض الحصار على المدن والقرى وتجويع المواطنين، يهدف إلى إجبار الناس على الخروج من المنطقة، وحمّل البيان حركة الحلو مسؤولية التدهور في إقليم جبال النوبة بتعنتها الذي نسف بارقة الأمل في التوصل إلى اتفاق مع وفد المفاوضات الذي كان يقوده الفريق كباشي، في مايو 2024م بمدينة جوبا.

المجاعة في جبال النوبة:
وفي 14 أغسطس 2024م أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال فصيل عبد العزيز الحلو، المجاعة بالمناطق الواقعة تحت سيطرتها في إقليمي جبال النوبة والنيل الأزرق، وذكر بيان للحركة أن أكثر من 20 بالمئة من الأسر تعاني من نقص حاد في الغذاء، وأن أكثر من 30% من الأطفال يعانون من سوء التغذية، مرجعة سبب الأزمة إلى الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وفشل الموسم الزراعي السابق، واصفة الأزمة الإنسانية الحالية في الإقليمين بالأكبر بالمقارنة مع الولايات الأخرى.

تداعيات الحرب:
ومنذ اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م، نزحت أعداد كبيرة من المواطنين من مناطق الحرب إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية-شمال التي تقول إحصائيات غير رسمية أن نحو 3.9 مليون شخص يعيشون في هذه المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في إقليمي جبال النوبة والنيل الأزرق، حيث شارك الفارون من الحرب والمتأثرون بتداعياتها هؤلاء المواطنين المستقرين في مناطق الحركة الشعبية في الإقليمين، مخزونهم الاستراتيجي من الغذاء.

الحرب والجراد:
وتضرب المجاعة مناطق واسعة في ولاية جنوب كردفان إقليم جبال النوبة، وقال ممثل وكالة السودان للإغاثة وإعادة التأهيل بالمنطقة كافيراد كوكو تية، بحسب راديو تمازج إن المناطق الأكثر تضرراً من المجاعة هي مقاطعتا لقاوة والسنوط، مبيناً أن الجراد قد دمر المحاصيل العام الماضي حيث لم يحصل الناس على ما يكفي من المحاصيل مما تسبب في نقص الغذاء، لتأتي حرب الخامس عشر من أبريل وتزيد الطين بلة، حيث تتراجع الأوضاع يوماً بعد يوم بسبب الحرب التي أثرت عليهم.

نفاد الأطعمة:
ويكشف ممثل وكالة السودان للإغاثة وإعادة التأهيل بإقليم جبال النوبة كافيراد كوكو تية، عن تقاسم الطعام القليل الذي جمعه المواطنون في المنطقة، مع النازحين الفارين من الحرب في الخرطوم والولايات والمقاطعات المجاورة، معلناً نفاد هذا الطعام، مما زاد الوضع الإنساني سوءاً، وقال إن الناس يأكلون الآن أوراق الأشجار والجراد للبقاء على قيد الحياة لأنه لا يوجد طعام، مناشداً في هذا الصدد الوكالات الإنسانية، للتدخل العاجل لإنقاذ السكان الضعفاء في مقاطعة لقاوة وغيرها من مناطق جبال النوبة وجنوب كردفان، وأردف “إذا لم تكن هناك مساعدة من المنظمات الإنسانية، فلا نعرف ماذا سيحدث للعدد الكبير البالغ 9 ألاف نازح والذي يتزايد يومياً مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

عزلة تامة:
وتعاني ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، منذ شهر يونيو 2023 م اختناقاً حاداً في ظل قطع طريق الأبيض – الدلنج – كادقلي، الشريان الرئيس الذي يربط المنطقة ببقية ولايات السودان، وتتهم الحكومة السودانية، الحركة الشعبية شمال فصيل عبد العزيز الحلو، بحصار المنطقة وفرض عليها عزلة حرمت بموجبها المواطنين من التمتع بحرية الحركة والتنقل من وإلى ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، ومن التمتع بحياتهم الطبيعية حيث أدى هذا الإغلاق إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية وخاصة الذرة الغذاء الرئيس التي وصلت أسعارها مستوىً لم تشهده المنطقة في تأريخها، وتقول إحصائيات غير رسمية أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد ( الكواش ) بلغ 188طفل، وعدد المصابين بسوء تغذية متوسط بلغ 440 طفلاً، وعدد المصابين بسوء تغذية مرحلة أولى بلغ 4000 طفل.

مشاهد صادمة:
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديوهات وصور لمواطنين في إقليم جبال النوبة يشاركون الماشية في أكل لحاء الأشجار وبعض الحشائش، ويقوم آخرون بطهي بعض أوراق وأغصان الأشجار في النار مثل ثمار اللالوب الخضراء ( لم تنضج بعد) ، حيث يتم تقديمها لأفراد الأسرة بمن فيهم الأطفال كوجبة غذائية يتناولونها مرةً أو مرتين في اليوم، عسى أن تقيهم من شر الجوع، وتحفظ أنفسهم من التهلكة، وهي قطعاً مرحلة متأخرة من التعايش مع واقع المجاعة الذي يضرب إقليم جبال النوبة، ويحتاج إلى تدخلات عاجلة لإنقاذ المواطنين الذي يقاسون الأمرّين الجوع والخوف، فلا إطعام ولا أمن وأمان.

تعقيدات أمنية:
ويؤكد الأستاذ عبد العظيم أحمد رحمة الله، نائب والي ولاية غرب كردفان، وزير التخطيط العمراني والمرافق العامة السابق، وجود مجاعة تحيط بمناطق عديدة جداً من إقليم جبال النوبة وخاصة في الدلنج الكبرى هي مناطق محليات هبيلا و دلامي والدلنج، بالإضافة إلى لقاوة الكبرى وأجزاء عريضة جداً من مدينة كادقلي عاصمة جنوب كردفان وأريافها، وأرجع رحمة الله في إفادته للكرامة أسباب المجاعة إلى ظروف أمنية ضربت المنطقة، مبيناً أن ميليشيا الدعم السريع تقوم بقطع الطريق من الجزء الشمالي المحيط بمحلية الدلنج، حيث تتمركز هذه الميليشيا في مناطق الدبيبات والحمادي بالإضافة لوجودها في مناطق هبيلا منذ بداية الخريف، هذا فضلاً عن الأجزاء الجنوبية من الدلنج والمنطقة الواقعة بين الدلنج وكادقلي حيث تقوم الحركة الشعبية بقطع الطريق الواصل بين الدلنج وكادقلي، فبالتالي أصبح من المستحيل التواصل بين كادوقلي والدلنج، والدلنج وأبو زبد، حيث قُفلت الشوارع من تلك المناطق بشكل كامل، وقد انعكس هذا الإغلاق سلباً على المواطنين الذين استحال عليهم الحصول على احتياجاتهم الأساسية، وأكد الأستاذ عبد العظيم رحمة الله معاناة منطقة لقاوة الكبرى بصورة كبيرة من المجاعة منذ العام 2022م بعد الأحداث الدامية التي شاهدتها المنطقة جراء سلوك ميليشيا الدعم السريع التي مارست سياسة القتل و التهجير في تلك المنطقة.

رسائل للحكومة والحركة:
ونوه نائب والي ولاية غرب كردفان، وزير التخطيط العمراني والمرافق العامة السابق الأستاذ عبد العظيم أحمد رحمة الله إلى فيديوهات لمواطنين في تلك المنطقة لجؤا إلى أكل صفق الأشجار وغيرها من الحشائش من أجل أن يحافظوا على أنفسهم من الهلاك، ودعا رحمة رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، والفريق كباشي وكل الفاعلين في الحكومة المركزية و حكومة الإقليم في ولايتي جنوب وغرب كردفان إلى التدخل العاجل وتوفير الغذاء بطريقة أو أخرى، ووضع رحمة الله رسالة في بريد الحركة الشعبية شمال فصيل عبد العزيز الحلو مفادها أن تسعى لحماية السكان في المنطقة، وأن تفتح الطرق لتنساب الحركة بشكل طبيعي، محذراً من استمرار أزمة الغذاء لعام آخر باعتبار أن السكان لم يتمكنوا من الزراعة في هذا الموسم للظروف الأمنية الخاصة في ظل السلوك الذي ظلت تنتهجه ميليشيا الجنجويد في المنطقة و خاصة في منطقة هبيلا باستيلائها على الآليات الزراعية وإبعاد السكان عن تلك المناطق.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو الوضع في جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة كارثياً ويزداد سوءً ساعةً بعد ساعة، مما يتطلب تدخلات عاجلة من الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية، وهو أمر يلقي على الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال فصيل عبد العزيز الحلو، مسؤولية كبرى بضرورة مراحعة نفسها ومد يدها لتعاون مع الحكومة السودانية من أجل فتح الطرق والممرات للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وقبل ذلك التنسيق مع القوات المسلحة لدحر الجنجويد من مناطق شمال الولاية، وإعادة سيناريو معركة الدلنج، عندما تعاونت قوات الحركة مع الجيش السوداني، وقاما معاً بطرد ميليشيا الدعم السريع وتكبيدها خسائر في الأرواح والأنفس والممتلكات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى