الأخبار

نقلت أسلحة إلى المليشيا تحت الغطاء الإنساني.. الإمارات.. إطالة أمد الحرب..

 

بطء مجلس الأمن في حسم شكوى السودان، شجّع الإمارات على الاستمرار في دعم المتمردين..

رغم العداء السافر، ظل التمثيل الدبلوماسي قائماً بين أبوظبي وبورتسودان..

خبير في المنازعات: عدم طرد السفير الإماراتي يثير علامات تعجب واستفهام!؟..

السفير علي يوسف: الاحتفاظ بالتمثيل الدبلوماسي حكمة وتقدير سليم..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

نقلت الإمارات أسلحة ومعدات عسكرية إلى ميليشيا الدعم السريع المتمردة تحت غطاء المساعدات الإنسانية، ورصدت جهات وأجهزة أمنية سودانية مطلع الأسبوع الجاري هبوط طائرة في مطار أم جرس لتوصيل الإمدادات، وذكرت تقارير صحفية أن مصدراً مطلعاً أكد أن الإمدادات الإماراتية تضمنت معدات اتصالات وذخائر وقطع أسلحة وذلك بغرض دعم وتعزيز قدرات القوة الجديدة المكلفة بمهاجمة مدينة الفاشر، وأكد المصدر أن الأجهزة الأمنية ترصد تدفق الأسلحة من الإمارات إلى الميليشيا المتمردة وتسعى إلى إجهاضها.

 

أدلة دامغة:
ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، بيد ميليشيا الدعم السريع، ومحاولتها الفاشلة لتقويض النظام والانقلاب على الحكم، ظلت دولة الإمارات تقدم الدعم والعون والسند اللوجستي للميليشيا المتمردة، وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في تقرير لها نشرته في أغسطس 2023م إن دولة الإمارات تقدم دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني، وسط قلق أميركي من هذا الدعم، وأبانت الصحيفة أن طائرة شحن إماراتية هبطت في مطار أوغندي بداية يونيو ٢٠٢٣م تأكد أنها كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كانت تُظهر فيه وثائق رسمية أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين، وكان خبراء دوليون أعدوا تقريراً لمجلس الأمن الدولي في يناير 2024م، أظهروا فيه أدلة “موثوقة” على أن الإمارات ترسل أسلحة لقوات الدعم السريع، وقال التقرير، إن عدة شحنات من الأسلحة والذخائر يتم تفريغها كل أسبوع من طائرات الشحن في أحد مطارات دولة تشاد، ويتم تسليمها إلى قوات الدعم السريع على الحدود السودانية.

اتهام رسمي:
واتهم السودان دولة الإمارات صراحة بدعهما للميليشيا المتمردة، وقدم مندوب السودان في مجلس الأمن الدولي الحارث إدريس الحارث شكوى رسمية دفع بها إلى منضدة جلسة المجلس بتاريخ 19 أبريل ٢٠٢٤م، قال فيها إن قوات الدعم السريع ترتكب انتهاكات وفظائع بدعم غير محدود من الإمارات العربية المتحدة، بتنفيذ هجمات ممنهجة ضد الدولة وتخريب بنيتها التحتية واستهداف المدنيين بالقتل والنهب والاغتصاب والتشريد، وتعريض الملايين إلى التأثر غير المسبوق بالفجوة الغذائية وانعدام الرعاية الصحية ونقصان الأدوية وتصاعد الشقاء والمعاناة المهولة ووقف عجلة الإنتاج وانهيار الاقتصاد وانتهاكات حقوق الإنسان، ولفت الحارث إلى أن أفعال دولة الإمارات شكّلت تهديداً جدياً للسلم الإقليمي والدولي، وضرباً من ضروب أعمال العدوان والإخلال بالسلم وانتهاكاً صارخاً لسيادة السودان.

تعجب واستفهام:
ورغم هذه الاتهامات الصريحة والشكوى الرسمية من قبل الحكومة السودانية، إلا أن مجلس الأمن لم يحرك ساكناً حتى كتابة هذه الأسطر ضد دولة الإمارات العربية، الأمر الذي شجع الأخيرة على الاستمرار في دعم وإسناد ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وفي المقابل ظل التمثيل الدبلوماسي قائماً بين البلدين، حيث لم يطرد السودان السفير الإماراتي من بورتسودان، ولم يقم بسحب سفيره من أبوظبي، ويقول دبلوماسي خبير في فض المنازعات والعلاقات الدولية إن تأريخ العلاقات السودانية الإماراتية مرَّ بمنعطف كبير على خلفية حرب الخليج، وطرد السفير علي النميري، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي لأكثر من ١٢ عاماً بين البلدين، ونوه الخبير الدبلوماسي الذي فضّل حجب اسمه، إلى محاولات مختلفة لانقلاب في الشارقة في تسعينيات القرن الماضي، ترتب عليها التضييق على الوجود السوداني في عهد المدير العام للشرطة ضاحي خلفان، وقال إن مشاركة القوات السودانية وتحديداً ميليشيا الدعم السريع ضمن قوات عاصفة الحزم باليمن، مثلت بعداً آخراً، وصولاً إلى مشاركة السفير الإماراتي في خضم ثورة ديسمبر واعتصام القيادة، وتشكيله ثنائية مع السفير السعودي، لتمتدّ العلاقة وتتمدد بالمشاركة في الآلية الرباعية الدولية حيث ظل السفير الإماراتي فاعلاً في المشهد السوداني، تحقيقاً لمصلحة لبلاده، حتي قيام الحرب التي لعبت فيها أبوظبي دوراً متعاظماً في إشعالها وتطاول أمدها، وظل السفير الإماراتي الذي انتقل للعمل من مقرَّره في العاصمة الإدارية مدينة بورتسودان، مؤججاً لنيران هذه الحرب، دون أن تستدعيه الحكومة أو تقوم بطرده، الأمر الذي أثار العديد من علامات التعجب والاستفهام!؟.

شعرة معاوية:
ويرى سعادة السفير دكتور علي يوسف الشريف، سفير السودان السابق بالصين، والمندوب السابق للسودان بالاتحاد الأوربي، أن استمرار العلاقات الدبلوماسية بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة، والاحتفاظ بسفيري البلدين كلٌّ في موقعه تمثل نوعاً من الحكمة والتقدير السليم بأن يكون هناك وسيلة اتصال بين البلدين لبحث الكثير من الأشياء الأخرى غير الحرب التي تجري، وأشار السفير علي يوسف في هذا الصدد إلى تجربة مماثلة شهدتها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، احتفظ خلالها البلدان المتحاربان بتمثيلهما الدبلوماسي وأبقيا على السفيرين كلٍّ في موقعه، مبيناً أن الحرب توصف بأنها دبلوماسية بلغة أخرى، مؤكداً على أهمية الاحتفاظ والتمسك بشعرة معاوية لإحداث التواصل، وقال إن تقليل التمثيل الدبلوماسي أفضل من قطع العلاقات نهائياً، وذلك من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة وخاصة المصالح الشعبية، منوهاً إلى وجود أعداد كبيرة من السودانيين الذين لديهم مصالح بالإمارات، هذا فضلاً عن وجود مصالح إماراتية مرتبطة بالسودان.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ فقد ظلت لغة تصعيد السودان تجاه الإمارات على فترات متباينة، في وقت ظل فيه التمثيل الدبلوماسي قائماً بين الجانبين، مما يعني أن الدولة تمتلك ما تقوله، ولكنها لتقديرات واعتبارات خاصة، تمسك عن ذلك، نقول ذلك على خلفية تقارير تتحدث عن أن القيادة الإماراتية ليست على قلب رجل واحد بشأن ما يجري تجاه السودان، فهل يستمر الوضع على ما هو عليه في ظل استمرار الدعم الإماراتي للمتمردين، أم تحمل رياح الأيام المقبلة ما تشتهي سفينة غالبية الشعب السوداني من المكتوين بنيران الحرب وتداعياتها القاسية نفسياً وروحياً وجسدياً واقتصادياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى