الأخبار

خبراء يتحدثون عن مخاوف تقسيم السودان في ظل استمرار التصعيد العسكري

عبّر خبراء سودانيون عن قلقهم من احتمال تقسيم البلاد إلى عدد من الدويلات في حال استمرت المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، في ظل توقعات بالتدخل الدولي قريبًا لحماية المدنيين.

دعا خبراء من الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي إلى نشر قوات “مستقلة ومحايدة دون تأخير” في السودان، لحماية المدنيين من الانتهاكات المتعلقة بالحرب التي تعاني منها البلاد.

قال محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة تقصي الحقائق حول السودان التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إن “هناك ضرورة عاجلة لاتخاذ تدابير فورية لحماية المدنيين”.

أشار المحلل السياسي علي الدالي إلى أن “السودان يعيش حالياً أكبر تدخل أجنبي في تاريخه الحديث، حيث تتصارع فيه قوى خارجية بين المعسكر الشرقي، ممثلاً في الصين وروسيا، والمعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية”، موضحاً أن “السودان قد تحول إلى ساحة للنزاع الدولي، مما زاد من اشتعال الحرب وأطالة أمدها”.

قال الدالي لـ”إرم نيوز” إن “الأطراف المدعومة من الخارج تواصل الإصرار على استمرار الحرب، في ظل تدفق الأسلحة الذي أدى إلى اشتدادها وزيادة نطاقها، مما جعلها أكثر عنفًا ودمارًا للبنية التحتية، مع تعرض حقوق الإنسان لانتهاكات كبيرة”.

وأشار إلى أن “السيناريوهات المحتملة تشير إلى أن البلاد قد تنتقل إلى مرحلة أكثر خطورة، وهي مرحلة التقسيم، حيث قد يشهد السودان انقسامًا أكبر من الذي حدث في عام 2011 عندما انفصل جنوب السودان”.

وأشار إلى أن “الظروف الحالية ملائمة لتقسيم السودان، لكن ليس إلى دولتين فحسب، بل إلى عدة دويلات.”

هذا سيناريو محتمل، وسيتم تنفيذه إذا استمرت الحرب والتدخلات الدولية في البلاد.

وأشار إلى أن “السودان يعيش حالة من الانقسام الداخلي البارز على الأصعدة العسكرية والسياسية، حيث أن هذا الانقسام العسكري ساهم في الوصول إلى هذه المرحلة، عندما رأت مجموعة سياسية أنه ليس لديها مصلحة في الاتفاق الإطاري، مما أدى إلى إشعال النزاع بالتعاون مع العسكريين”.

وأشار إلى أن “الانقسام السياسي بين الأطراف السودانية سيكون سببًا رئيسيًا في تصعيد الحرب، مما قد يؤدي إلى مخاطر تقسيم البلاد”.

قوات حماية المدنيين

ذكر الدالي أن “التدخل الدولي يبدأ بإرسال قوات دولية لحماية المدنيين، وهي فكرة قيد النقاش حاليًا في الأوساط الدولية”، مشيرًا إلى أن “دخول القوات الدولية قد يؤدي إلى دخول جماعات متطرفة من الدول المجاورة، وستجد بيئة مناسبة في ظل الانقسام الراهن في السودان، نظرًا لرفض أحد الطرفين للقرار، حيث أعلن أحدهما أنه سيقاوم دخول أي قوات دولية.”

وفيما يتعلق بإمكانية تشكيل قوات الدعم السريع حكومة في المناطق التي تسيطر عليها في حال رفض الجيش التفاوض لإنهاء الحرب، أشار الدالي إلى أن هذا الأمر ممكن، لكنه سيعرض البلاد لخطر الانقسام.

وأضاف: “أتوقع أنه إذا تمسك الجيش بتشكيل حكومة في بورتسودان قبل إنهاء الحرب، فإن قوات الدعم السريع ستسعى لتشكيل حكومة في المناطق التي تسيطر عليها، وهذا يعد مؤشراً خطيراً على انقسام البلد وتفتيته.”

كما أن وجود حكومتين سيجعل عملية التفاوض بين الأطراف أكثر تعقيدًا.

ودعا إلى أهمية جلوس أطراف النزاع للتفاوض من أجل تجنب سيناريوهات التقسيم التي تلوح في الأفق السوداني، مشيرًا إلى أن التجارب أثبتت أن استخدام السلاح لا يحل المشكلات، وهي الفكرة التي أدركها بعض العسكريين.

كانت آخر فرص التوصل إلى تسوية للأزمة في السودان قد أُجريت في جنيف في أغسطس الماضي، لكنها فشلت بعد أن رفض الجيش السوداني المشاركة في المحادثات التي نظمتها الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية تحت رعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول مهتمة بالأوضاع في السودان.

ضغوط إضافية

يرى المحلل السياسي يوسف بشير أن “الإشارة إلى إمكانية تدخل دولي بقوات لحماية المدنيين في السودان تهدف إلى الضغط على الجيش السوداني للانخراط بجدية في المحادثات المزمع تنظيمها قبل نهاية هذا العام”.

وأشار في حديثه لـ”إرم نيوز” إلى أنه “مع ذلك، فمن المحتمل أنه إذا لم تنجح هذه الضغوط، فإن التحالف الدولي الذي تم تشكيله عقب محادثات سويسرا سيأخذ بعين الاعتبار التدخل بقوة أفريقية في السودان. لكن ذلك يستلزم القيام بمشاورات شاملة بين دول شرق وغرب أفريقيا، حيث أنها الأكثر تأثرًا بالنزاع”.

أوضح أن قوات الدعم السريع بدأت بالفعل في إنشاء إدارات مدنية في المناطق التي تسيطر عليها، وإذا تمكنت من السيطرة على الفاشر، فقد تؤسس حكومة كاملة في إقليم دارفور، مما قد يؤدي إلى انفصال يُفرض كأمر واقع على السودانيين.

وأشار إلى أن “الواقع في السودان يدل على حدوث انفصالات، لكن المجتمع الدولي ليس متحمسًا لقبول دول جديدة، لأنها ستتسبب في أزمات متعددة كما حدث في جنوب السودان؛ ومع ذلك، قد تنجح هذه الخطوة في جذب الدعم الإقليمي إذا تم التخطيط لها بشكل جيد، ومن المحتمل أن تكون قوات الدعم السريع تبحث في هذا الموضوع”.

من جهته، أوضح المتحدث باسم “حملة وقف الحرب”، التي أطلقتها قوى سياسية ونقابية في السودان، سامي الباقر، أن هناك مشاورات مكثفة تجريها بريطانيا داخل مجلس حقوق الإنسان لمناقشة مشروع قرار يتعلق بتمديد بعثة تقصي الحقائق في السودان.

قال لـ “إرم نيوز” إن القرار يحظى بدعم من مجموعة من الدول الغربية ودول شرق أوروبا وبعض الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الجهات التي عبرت عن تأييدها لإصدار قرار بتمديد عمل البعثة، حيث يعتبر تقريرها أولياً بينما لا تزال الحرب والانتهاكات الخطيرة مستمرة.

أسفر الصراع القائم في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن وفاة أكثر من 16,650 سودانيًا في مختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 10 ملايين شخص، حيث لجأ حوالي مليوني منهم إلى الدول المجاورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى