دعوة بايدن للمفاوضات: تكشف التباين الاراء بين أعضاء مجلس السيادة !
أظهرت التصريحات الأخيرة لأعضاء مجلس السيادة السوداني تبايناً واضحاً في المواقف، حيث برزت الخلافات بينهم بشكل علني بعد دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى استئناف المفاوضات لوقف النزاع في السودان. هذه التصريحات تعكس حالة من الانقسام داخل المجلس، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي والأمني في البلاد.
في وقت سابق، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، استعداده للتعاون مع الجهود الدولية لإنهاء النزاع مع قوات الدعم السريع. وأشار إلى أهمية التوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب السوداني، ويعزز الأمن والاستقرار، ويضمن سيادة القانون، بالإضافة إلى تحقيق تداول سلمي للسلطة.
من جهة أخرى، جاء تصريح الفريق أول ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش، ليؤكد رفض القوات المسلحة التفاوض مع قوات الدعم السريع. وأوضح أن هناك توافقاً بين القيادة المدنية والعسكرية على ضرورة حسم المعركة عسكرياً، مما يعكس استمرار التوترات ويشير إلى صعوبة الوصول إلى حل سلمي في المستقبل القريب.
في ذات السياق أكد صلاح الدين آدم تور، عضو مجلس السيادة الانتقالي، أن القيادة في السودان تعمل بتنسيق كامل من أجل مواجهة الدعم السريع. وأوضح أن الحكومة لن تتنازل عن حقوق الشعب السوداني، مشيراً إلى أنهم لا يرفضون السلام، لكن أي اتفاق يعيد المليشيا إلى وضعها قبل 15 أبريل لن يحظى بقبول في البلاد.
جاء ذلك خلال كلمته في اجتماع اللجنة العليا للإيواء بولاية كسلا، حيث حضر الاجتماع والي كسلا اللواء م. الصادق محمد الأزرق والمدير العام لمركز النازحين بمفوضية العون الإنساني الاتحادية المستشار أحمد محمد عثمان، بالإضافة إلى عدد من الجهات المعنية.
فيما أكد أحد قادة الجيش السوداني البارزين مرة أخرى على رفض القوات المسلحة للتفاوض مع قوات الدعم السريع، وأعلن عن توافق بين القيادة المدنية والعسكرية على حسم النزاع عسكرياً، وذلك بعد يوم واحد من إعلان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، عن انفتاح حكومته على جهود إنهاء الحرب والتعاون مع الشركاء الدوليين من أجل تحقيق حل سلمي، كما أكد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، التزامه بالمفاوضات لوقف إطلاق النار والانخراط في عمليات السلام.
قال الفريق أول ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش السوداني، في خطاب تحفيزي لمجموعات الإسناد أمس، إن الجيش السوداني سيستمر في القتال حتى القضاء على التمرد، وأن القيادة السياسية والعسكرية متفقة على عدم قبول أي حديث عن التفاوض.
وكشف العطا عن تطور قدرات الجيش التي ستتيح له تحقيق شعار “بل بس”، وهو هتاف يردده مؤيدو الجيش السوداني للتعبير عن إصرارهم على مواصلة القتال ضد قوات الدعم السريع، حيث قال: “لقد أصبح لدينا الآن قدرات متزايدة يمكنها تحقيق هذا الشعار المجيد (بل بس)”. وواصل: “القوات المسلحة، استنادًا إلى واجبها الدستوري والقانوني والوطني والعرفي والتاريخي، هي الرقيب الذي يمنع المفسدين من التلاعب بوطننا العزيز وشعبه الكريم”.
وقد أكد قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، في رده على بيان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن حكومته مستعدة للتعاون مع الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب “المدمرة” مع “قوات الدعم السريع”. وأعرب عن استعداده للعمل مع جميع الشركاء الدوليين لتحقيق حل سلمي يساعد في تخفيف ما وصفه بـ “معاناة شعبنا”، ويمهد الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول السلمي والديمقراطي للسلطة.
دعا الرئيس بايدن، في بيان له، الطرفين إلى استئناف المفاوضات التي تهدف إلى إنهاء الحرب، حيث قال: “أحث الأطراف المتنازعة، المسؤولة عن معاناة السودانيين، على سحب قواتها وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بلا عقبات، وإعادة المشاركة في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب”.
تفسر التصريحات السابقة للجنرالين؛ القائد العام ومساعده، ما يبدو كـ”تناقض” في موقفيهما؛ فالعطا، الذي يعتبر القائد الميداني الفعلي، اعتاد على إصدار تصريحات متشددة ترفض التفاوض، ويعلن بشكل متكرر عن “اقتراب حسم الحرب” لصالح قواته، بينما يصدر قائد الجيش تصريحات تبدو “مهادنة”، مما يمكن تفسيره على أنه يوجد “تبادل أدوار متفق عليه بين الرجلين”.
أعرب قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، عن ترحيبه ببيان بايدن، وأكد عزيمته على مواصلة جهود السلام وحماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية. كما أبدى استعداده الكامل لوقف إطلاق النار والالتزام باستعادة الحكم المدني الديمقراطي.
قال دقلو المعروف بـ “حميدتي” في منشور على حسابه في منصة “إكس” تعليقاً على خطاب الرئيس بايدن إن الحرب لم تكن خياره، وأن موقفه الداعم للسلام والحكم المدني الديمقراطي تحت قيادة القوى الديمقراطية الحقيقية سيبقى ثابتاً.
نفى حميدتي أن يكون له دور في إشعال الحرب، وألقى باللوم على “الحركة الإسلامية”، حيث أفاد قائلاً: “إن الحرب كانت نتيجة تصرفات الذين أعاقوا خطوات التسوية السياسية التي كانت تتجسد في (الاتفاق الإطاري)، والذي كان سيعيد بلادنا إلى مسار مدني انتقالي يقيها سيناريو الجحيم، الذي أوقعنا فيه دعاة الحرب من عناصر ما يسمى بـ “الحركة الإسلامية” الذين يتحكمون في القوات المسلحة”.
وأشار إلى مشاركة قواته في المحادثات حول وقف إطلاق النار في جدة والمنامة، تحت رعاية “الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيغاد)”، موضحاً أنه غادر السودان، رغم ظروف الحرب، ليشارك في قمة “إيغاد” في أوغندا. لكن قائد القوات المسلحة لم يتواجد، بينما قام نائبه وشقيقه عبد الرحيم بمغادرة السودان أيضاً إلى مفاوضات المنامة التي لم تحقق النجاح بسبب غياب ممثل الجيش، على الرغم من توقيعه على وثيقة “إعلان مبادئ” وأسس الحل الشامل، إلى جانب مشاركة وفده بسلطات كاملة في مفاوضات جنيف في غياب وفد الجيش.
وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية الحالية في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي دعا الرئيس بايدن إلى إنهائها، ذكر حميدتي أنه قدم سابقاً اقتراحاً بانسحاب الجيش و”الدعم السريع” من المدينة، وتخويل إدارتها لقوات الحركات المسلحة المحايدة، ولكن الجيش لم يقبل اقتراحه.
دعا حميدتي المجتمع الدولي والجهات المعنية إلى “التحقيق في استمرار قصف القوات المسلحة للمناطق المدنية، لضمان محاسبة المسؤولين”. وأعرب عن استعداده للتعاون في أي تحقيقات مماثلة.