الخبير العسكري عمر أرباب : الحرب ستستمر على وتيرة الكر والفر
اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي، المقدم عمر أرباب أن المشهد العسكري لم يشهد تغيرا كبيرا خلال الايام والاسابيع الماضية، على الرغم من احتدام المعارك مؤخرا على عدد من الجبهات، بينها الفاشر وأمدرمان.
وأعرب أرباب، في مقابلة مع راديو دبنقا، عن اعتقاده بأن هذا المشهد “لن يتغير قريبا”.
وكان الاثنين الماضي 23 سبتمبر من أكثر الايام دموية في مدينة أمدرمان، حيث سقط 15 قتيلا وحوالي 60 مصابا جراء القصف المدفعي الذي شنته قوات الدعم السريع على سوق صابرين في محلية كرري.
ورجَّح الخبير العسكري المقدم عمر أرباب أن تستمر عمليات التدوين والقصف العشوائي دون جدوى حقيقية.
“كر وفر”
وتابع قائلا “لا اعتقد أن هناك قدرة لأي من الطرفين على بسط السيطرة والحسم العسكري”، مضيفا أن الحرب “ستظل على هذه الوتيرة من الكر والفر”.
وأعرب عن اعتقاده بأن طرفي الحرب، قوات الجيش والدعم السريع، يمكن أن يصلا إلى مرحلة من الإجهاد “ويوقنا بأن لا حل إلا الجلوس إلى مائدة التفاوض”.
وكانت قوات الجيش والدعم السريع قد عقدتا عدة جولات من التفاوض في مدينة جدة السعودية منذ الأيام الاولى لاندلاع الحرب، لكنها لم تسفر عن التوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار.
وعقب توقف منبر جدة، برعاية السعودية والولايات المتحدة، فشلت جولة ثانية من التفاوض في العاصمة البحرينية المنامة، كانت قد احيطت بسرية كبيرة، في التوصل إلى حل للصراع بين طرفي الحرب.
“بعيد المنال”
واعتبر أرباب أن عودة الطرفين إلى التفاوض مرة اخرى أمرا “بعيد المنال” في ظل الظروف الراهنة.
وعزا ذلك إلى ما وصفه بحالة “انسداد الأفق السياسي وحالة العجز العسكري”.
وتابع قائلا إن هذا العجز لا يقتصر على الأطراف العسكرية فحسب، مضيفا أن القوى السياسية السودانية والمجتمع الدولي كذلك في حالة عجز.
يذكر أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، التي تضم عددا من ابرز الأحزاب السياسية السودانية، ظلت تدعو طرفي القتال إلى ضرورة وقف الحرب والعودة إلى مائدة التفاوض.
لكن أرباب اعتبر أن المجتمع الدولي لن يجد سبيلا لإنهاء هذه الحرب “إلا أن يكون طرفا فيها”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “هذه الحرب تمضي إلى التدويل وتدخل أطراف دولية، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة”.
وتابع قائلا إنه “لا توجد أي بوادر حل تلوح في الأُفق” في الوقت الحالي.
ويأتي حديث أرباب بعد نحو أسبوع من خطوة نادرة من نوعها في سبيل وقف الحرب في السودان، حيث اصدر الرئيس الامريكي جو بايدن، لأول مرة، بيانا صادرا باسمه دعا فيه قوات الجيش والدعم السريع إلى استئناف المشاركة في التفاوض.
“القدرة على الإمداد والصمود”
واعتبر أرباب، في حديثه لراديو دبنقا، أن كلا الطرفين لديه من عوامل القوة والضعف في هذه الحرب “ما يحول دون هزيمته ودون تحقيق أي انتصار”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “القدرة على الصمود والإمداد وخلق تحالفات دولية لا تزال متاحة لطرفي الحرب”.
وتابع قائلا إن هناك “أطرافا كثيرة تقف خلف هذه الحرب”، حسب وصفه، دون أن يلمح إلى هويتها.
يذكر أن الحكومة السودانية اتهمت دولة الإمارات العربية مرارا بالوقوف خلف قوات الدعم السريع وتوفير الدعم اللوجستي لها، إلا أنها لم تتخذ خطوات بقطع العلاقات الدبلوماسية معها على الرغم من ذلك.
“متطرفة أو شعبية”
وردا على سؤال لراديو دبنقا حول مستقبل المدن المحاصرة من قبل الدعم السريع مثل الفاشر والأبيض، قال أرباب إن إمكانية سقوط تلك المدن “واردة”.
إلا أنه استدرك قائلا “لكن عملية السقوط نفسها لا تعني السيطرة ولا أن المسألة ستنتهي عند هذا الحد، باعتبار أن قوات الدعم السريع تمارس انتهاكات وجرائم، مما يجعل المقاومة الشعبية واحدة من الاحتمالات الواردة”.
وأعرب عن اعتقاده بأنه يمكن أن تظهر جماعات مقاومة لقوات الدعم السريع في المدن التي تسيطر عليها “سواء كانت متطرفة أو شعبية”.
وتابع قائلا إنه “سيكون من الصعوبة بمكان السيطرة على هذه القوات”، سواء كانت السيطرة على قوات الدعم السريع في ارتكاب الانتهاكات أو المجموعات المقاومة لها.
يذكر أن تقريرا لراديو دبنقا أشار في يوليو الماضي إلى ظهور عصابات نهب عُرفت باسم “الشفشافة” في ولاية شمال، حيث قتلت عددا من المواطنين في قرية فنقوقة، شرق الأبيض.
وتشير العديد من تجارب الحروب الطويلة في عدد من الدول العربية والأفريقية إلى ظهور جماعات متفلتة، خارج إطار الجماعات المتقاتلة الرئيسية، تستغل الأوضاع بغرض السرقة والنهب وفرض الإتاوات على المواطنين.
“ذو حدين”
واعتبر أرباب أن الانتشار الكبير للدعم السريع في مساحات واسعة “سلاحا ذا حدين”، يمكن أن يكون إيجابيا للقوات المنتشرة أو سلبيا.
لكنه أشار إلى أن النواحي الإيجابية للقوات المنتشرة هي الأكبر، من حيث إمكانية تجنيد المزيد من القوات في المناطق الواقعة تحت السيطرة والاستفادة من الموارد المتاحة هناك.
واعتبر أن كل ذلك سيزيد من دائرة الحرب والمعاناة ويحول دون التوصل إلى اتفاق ويزيد من التعنت لدى الطرفين.
ومع مضي أكثر من سبعة عشر شهرا على اندلاع الحرب في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع،
لا يزال اكثر من عشرة ملايين سوداني، بين نازح ولاجىء، في انتظار نهاية للقتال وبصيص أمل للعودة إلى ديارهم.