الأعمدة

خصم أم إضافة للجيش،، ظاهرة اللايفاتية

استفادوا من خاصية الإعلام الجديد، وملكوا الفضاء الرقمي..

رغم قوة تأثيرهم الكبيرة في المشهد، ولك

ن ليس كل ما يُعرف يقال..
عوض إبراهيم: قربهم من القيادة العسكرية جعلهم يمتلكون معلومات صادقة..
عبد العظيم عوض: كثرة عددهم تستوجب الحذر، ولا بد من تفعيل التوجيه المعنوي..
بخاري بشير: للايفاتية اسهام كبير في رفح الروح المعنوية وسط الجنود..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أفرزت حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م والتي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، ظاهرة إعلامية تمثلت في حضور كثيف لما يطلق عليهم محلياً ( اللايفاتية ) وهم ناشطون داعمون للقوات المسلحة درجوا على إطلالة دورية على صفحاتهم المبذولة على منصات التواصل الاجتماعي التواصل للتفاعل المباشر مع جمهورهم ومتابعيهم بتمليكهم معلومات عن مسار الحرب والعمليات القتالية، وقد حصد هؤلاء ( اللايفاتية) اهتماماً كبيراً وسط المجتمع السوداني في الداخل والخارج، عطفاً على التأثيرات التي يتركها هؤلاء الناشطون في النفوس بتداول المعلومات بشأن الحرب، باعتبارها الهم الشاغل للسودانيين.
التفاعل المباشر:
ولما كان الإعلام يتميز دون سائر العلوم والوظائف بخاصية التفاعل المباشر بين المرسل والمتلقِّي، فقد استفاد هؤلاء (اللايفاتية ) من هذه القيمة المضافة التي ازدادت أهميتها مع ظهور تكنولوجيا الإعلام الجديد، أو الإعلام الرقمي أو الإعلام الإلكتروني بسماته من حيث تنامي المفهوم والوظائف في ظل التطورات السريعة في المجتمع، والتي تطورت معها وسائل الاتصال الجماهيري حتى أثرت سلباً على وسائل الإعلام النمطية والتقليدية، إذ بلغ الإعلام الجديد شأواً بعيداً في التأثير المباشر والعميق، من حيث قوة الرسالة وشدة خطورتها، وقدرتها على تحريك أصابع التفاعل، مما أدى إلى حدوث انقلاب جوهري في دور ومفهوم الإعلام، الذي أصبح محوراً مهماً وأساسیاً في منظومة المجتمع.
المواطن الصحفي:
لقد انعكست ثورة المعلومات بشكل كبير على الإعلام الجديد أو الرقمي أو الإلكتروني، وفي ظل وجود التقنيات الرقمية من هواتف ذكية وأجهزة كمبيوتر ولابتوب، فقد أصبح بمقدور أي شخص أن يكون ( مواطناً صحفياً) قادراً على صناعة محتوى، ترتقي أو تنخفض قيمة هذا المحتوى وفقاً لقدرات ومؤهلات صانع المحتوى نفسه، وتكمن الخطورة هنا في أن هذا المحتوى يخرج مباشرة (ساخناً من الفرن) بما يحمله من جمال وقبح إلى المتلقِّي دون أن تمرِّ عليه يد الرقابة، ولعل هذا ما جعل الإعلام الرقمي أو الإلكتروني يتميز عن الإعلام التقليدي القديم بثلاثيته المعروفة ( مرئي، مقروء ومسموع)، حيث درج مقص الرقابة في الصحافة والإذاعة والتلفزيون، على إعمال التقطيع والمونتاج، تشذيباً وتهذيباً في المحتوى ليخرج بما يتوافق مع هوى الرقيب وسياسته التحريرية.
تأثير كبير ومباشر:
ويؤكد الأستاذ بخاري بشير رئيس تحرير (صحيفة السودان الآن ) على التأثير الكبير والمباشر الذي يبثه ( اللايفاتية) على السوشيال ميديا، وقال في إفادته للكرامة إن (التوكتوكر) أو (اليوتيوبر ) يعتمد على قدرته في إدارة الحوار وإيصال رسالته بتعبيراته وكلامه المباشر، مبيناً أن هذه الخاصية تختلف من شخص لآخر، باعتبار أن هناك (لايفاتية) لهم تأثير كبير على مجريات الأحداث، ويمتلكون شعبية واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبسبب تأثيرهم العالي يتداول الناس فيديوهاتهم ويتابعونها بشغف، وأكد الأستاذ بخاري بشير أن لمساندي القوات المسلحة وحرب الكرامة من اللايفاتية إسهاماً كبيراً ومقدراً في رفع الروح المعنوية، وبث إيجابيات كبيرة وسط الجنود، عطفاً على ما وصفها بطريقتهم السهلة والمباشرة في التعبير، ودعمهم ووقوفهم إلى جانب الجنود في الميدان بسلاح الكلمة والمدافعة بالبيان.
إذكاء روح الوطنية:
الإعلام الذي فرضته في الآونة الأخيرة وسائل التواصل الاجتماعي أصبح له قوة تأثير كبيرة جداً في الجوانب السالبة والجوانب الإيجابية، هكذا ابتدر بروفيسور عوض إبراهيم عوض أستاذ الإعلام بجامعة الملك خالد بالمملكة العربية السعودية، إفادته للكرامة، مؤكداً أن الجوانب الإيجابية في هذا النوع من الإعلام الجديد هي الطاغية بشكل أكثر بحكم سرعة وصوله لكل الناس، وتميزه بعدم وجود كلفة مالية، إضافة إلى المساحة الواسعة التي يغطيها وينتشر فيها، بحيث يمكن للعالم أجمع أن يتعاطى مع المعلومة التي تبثها ألسن هذه الوسائط، ويرى بروفيسور عوض إبراهيم عوض أن الناشطين في وسائط التواصل الاجتماعي من ( اللايفاتية) الداعمين للقوات المسلحة في هذه الحرب قد لعبوا دوراً كبيراً في إذكاء روح الوطنية في دواخل أبناء الشعب السوداني لاسيما الذين رمت بهم الغربة في بلاد المهجر فأصبحوا بعيدين عن أرض الوطن خلال هذه الأزمة المؤلمة، مبيناً أن المعلومات التي يقدمها ( اللايفاتية ) تصبح ذات قيمة لهؤلاء البعدين عن الوطن، للاستفادة منها والإلمام بما يجري من أحداث في السودان، خاصة وأن بعض هؤلاء ( اللايفاتية) ممن يمتلكون معلومات صادقة، يكونون على صلة أو قريبن من القيادة العسكرية، وبالتالي كان لابد منهم أن يلعبوا هذا الدور الكبير سيما وأن أعلام الميليشيا فطير، وبه الكثير من التناقضات، ولا يوجد في دخله شيء باعتبار أن الإنسان العادي يمكنه بحصافته العادية أن يميز بين الغث والسمين.
سلاح ذو حدين:
ويتفق مع هذه الرؤية الإذاعي والصحفي دكتور عبد العظيم عوض، الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الذي يؤكد أهمية الدور المهم والخطير الذي يلعبه هؤلاء ( اللايفاتية ) المساندون للقوات المسلحة والذين قال إن كثرة عددهم تستوجب الحيطة والحذر حتى لا يقعوا في المحظور في إطار التنافس من أجل الحصرية والسبق، وأوضح دكتور عبد العظيم في إفادته للكرامة على الرغم من أهمية هذا الدور ولكنه يبقى سلاحاً ذا حدين على واقع ومسار العمليات الميدانية والقتالية ارتكازاً على ما يطرحونه من معلومات قد تكون مضرة للجيش، وقد تكون ذات نفع له، ويطرح الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، عدة تساؤلات عن كنه هؤلاء ( اللايفاتية)، هل هم من أهل الاختصاص؟ بمعنى هل هم إعلاميون متخصصون؟ وهل مارسوا المهنة على مستوى الإعلام التقليدي المعروف ( إذاعة، تلفزيون، وصحافة؟) وهل تدربوا على الإعلام العسكري والحربي والأمني؟، وشدد دكتور عبد العظيم على أهمية أن يكونوا على صلة ودراية بالإعلام العسكري، مبيناً أن الإعلام العسكري والأمني أصبح ضرباً مهماً ومتخصصاً أٌفردت له معاهد وأكاديميات للدراسات الأمنية والاستراتيجية.
ليس كل ما يُعرف يقال:
في بعض الأحيان يخطئ (اللايفاتية) في إيصال معلومات تؤثر سلباً على سير المعارك، أو تكشف أسراراً عسكرية، يقول الأستاذ بخاري بشير رئيس تحرير صحيفة ( السودان الآن) ويُرجع بخاري الأمر إلى جهل بعض ( اللايفاتية) بأن ليس كل ما يُعرف يقال، مؤكداً أن ذلك لا يقلل من قيمة الإعلام الجديد الذي قال إنه أصبح الآن ذا تأثير أكبر من الإعلام التقليدي، الأمر الذي زاد من حقيقة الاهتمام به، منوهاً إلى سعي العديد من المؤسسات الإعلامية إلى خلق منصات إعلام إلكتروني داعمة ومساندة للإعلام التقليدي، بل إن الدولة نفسها ظلت حريصة على هذا النوع من الإعلام، ووضعته في دائرة اهتمامها.
مسائل عاطفية:
ويرى دكتور عوض إبراهيم عوض أستاذ الإعلام بجامعة الملك خالد بالمملكة العربية السعودية أنه في بعض الأحيان قد تؤدي المسائل العاطفية إلى بعض ردود الفعل غير الإيجابية لكنها قليلة وليست ذات تأثير كبير وفقاً لما نطلع عليه من ما يُكتب عن تقدم الجيش أو الانتصارات أو الدور الذي يقوم به، فهذه تزيد حمية المواطن و ارتباطه أكثر بقواته المسلحة، خاصة وأن الميليشيا بتركيبتهم نالوا سخط الإنسان السوداني أين ما كان، بالذات من الأشخاص العقلاء والواعين والحكماء، رغم أننا نجد عدداً من الموالين لهذه الميليشيا المتمردة، ومثل هؤلاء للأسف الشديد، إما لديهم غرض، أو لضيق الأفق نفسه، نلاحظ ذلك لدى محلليهم الذين يُستضافوا على شاشات بعض القنوات الفضائية أو الميديا، حيث نجد في أحاديثهم الكثير من الفجاجة والأكاذيب، الادعاءات غير الحقيقية.
تفعيل التوجيه المعنوي:
ويبدي دكتور عبد العظيم أسفه إلى غياب التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة السودانية في فترة من الفترات، متسائلاً كيف تم هذا الأمر؟ ولمصلحة من؟ مستعرضاً الأدوار المتعاظمة التي كانت تضطلع بها إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة في بث الحماس ورفع الروح المعنوية وتمليك المعلومات، منوهاً إلى الكادر الذي كان ينتمي ويعمل بالتوجيه المعنوي من ضباط أكفاء من إعلاميين وصحافيين وأساتذة في مجال الإعلام والذين قال إن معظمهم كان يتم استيعابهم من كليات الإعلام والكليات القريبة من الإعلام، يتم تدريبهم وتأهيلهم ورفع قدراتهم في مجال الإعلام الحربي والعسكري، لذلك كانوا يقومون بأعمال فنية ومهنية ملموسة كتغطية وتحرير البرامج والصفحات الخاصة بالقوات المسلحة على مستوى الأجهزة الإعلامية المختلفة، وطالب دكتور عبد العظيم بضرورة إعادة السيرة الأولى للتوجيه المعنوي ليضطلع بدوره الذي عهدناه وعرفناه.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى ( اللايفاتية) مهمين جداً في الراهن الماثل الذي فرضته الحرب في ظل غياب المعلومة، ولكن أهميتهم لا ينبغي أن تكون خصماً على ميدان المعركة من حيث نشر بعض المعلومات التي يرونها مهمة وذات نفع في رفع روح المواطن المعنوية، فيما تكون ذات ضرر على مستوى المشهد العملياتي، وبالتالي ينبغي أن يرفع هؤلاء ( اللايفاتية ) من شكل التنسيق مع مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، مع الاحتفاظ بمصادرهم الميدانية والقناعة بأن لكل مقام مقال.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى