الأخبار

الشرق الأوسط : القاهرة والـــدعــم: الخلافات تتفاقم، والتصعيد بينهما في الأفق

يتجه النزاع بين القاهرة و«قوات الدعم السريع» في السودان نحو «زيادة في التوتر» بعد دعوة مستشار «قائد الدعم السريع»، الباشا طبيق، لوقف صادرات بلاده إلى مصر.

جاء ذلك بعد أن اتهم قائد “قوات الدعم السريع” في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مصر يوم الأربعاء بالمساهمة في “استهداف قواته”، وهو الاتهام الذي نفته القاهرة في بيان شديد اللهجة وصفت فيه قواته بـ”الميليشيا”.

ووفقاً لخبراء تحدثوا إلى “الشرق الأوسط”، فإن تصعيد “الدعم السريع” ضد مصر يهدف إلى “جر القاهرة إلى أزمة على الصعيدين الإقليمي والدولي”. كما أنه يعتبر “جزءاً من الاتهامات المتبادلة بين الجيش السوداني و(الدعم السريع) بالحصول على دعم مباشر من قوى إقليمية في النزاع المستمر بينهما منذ أبريل (نيسان) 2023”.

رفضت مصر الاتهامات الموجهة إليها من قائد “قوات الدعم السريع” في السودان بشأن مشاركتها في غارات جوية ضد قواته. وأكدت في بيان رسمي مساء الأربعاء أنها مستمرة في جهودها لوقف الحرب وحماية المدنيين.

يشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعاً داخلياً بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان و”قوات الدعم السريع” بقيادة “حميدتي”. وقد أسفر هذا النزاع عن مقتل الآلاف من المدنيين، كما دفعت نحو 13 مليون شخص من السودان للهرب إلى داخل البلاد أو إلى دول الجوار، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

قال قائد “قوات الدعم السريع”، في فيديو مسجل يوم الأربعاء، إن مصر “قامت بتدريب الجيش السوداني وقدمته بطائرات مسيرة”، كما اتهمها “بانتهاك الضربات الجوية ضد قواته”.

رفضت وزارة الخارجية المصرية هذه الاتهامات ووصفتها بأنها “مزاعم”، داعية “المجتمع الدولي إلى الاطلاع على الأدلة التي تثبت صحة ما ذكره قائد ميليشيا الدعم السريع”.

من ناحيته، رفض طبيق وصف “الدعم السريع” بـ”الميليشيا”، وذكر عبر حسابه الشخصي على “إكس” مساء الخميس، أن هذا “يعكس التدخل المصري في السودان”، مشيراً إلى أن “التدخلات المصرية أدت إلى تدمير البنية التحتية والمؤسسات المدنية السودانية”.

وطالب بضرورة “إيقاف صادرات السودان إلى مصر”، وأشار إلى أن “الخيارات متاحة للتعامل مع الملف المصري”.

تزامن حديث طبيق مع تصريحات عمران عبدالله، عضو المكتب الاستشاري لقائد “الدعم السريع” في لندن، حيث أشار إلى أن “طائرات مصرية قامت بقصف مواقع في السودان مما أدى إلى تدمير البنية التحتية والمنشآت”.

اعتبر النائب يحيى كدواني، من أعضاء “لجنة الدفاع والأمن القومي” في مجلس النواب المصري، أن اتهامات “الدعم السريع” تمثل “تجاوزاً على مصر”. وأوضح أن “الهدف منها هو إزعاج بلاده من خلال اتهامات منظمة وكاذبة تهدف إلى تحريض الشعب السوداني”.

في المقابل، توقع الخبير المصري في الشؤون الأفريقية رامي زهدي أن يتجه الخلاف بين مصر و”الدعم السريع” نحو “التصعيد إذا زادت نبرة العداوة من جانب تلك القوات تجاه الدولة المصرية”.

ودلل على ذلك بأن وصف وزارة الخارجية المصرية لتلك القوات بـ”الميليشيا” يُعتبر “إحدى مظاهر التصعيد”.

استضافت العاصمة المصرية في يوليو 2023 “قمة دول جوار السودان” لمناقشة إنهاء الحرب، كما نظمت في نفس الشهر “مؤتمراً للفصائل السياسية والمدنية المتنازعة” لبحث التوصل إلى اتفاق حول مسار حل سياسي.

وقال كدواني إن الأنشطة المصرية خلال الأزمة في السودان “تُعَزِّز من نفي الاتهامات الموجهة إلى (الدعم السريع)”، مشيراً إلى أن “القاهرة استقبلت آلاف السودانيين الذين فروا من الحرب، ويُعامَلون مثل المواطنين المصريين في مختلف المدن، وليس في مراكز أو معسكرات إيواء كما هو الحال في دول أخرى”.

تستقبل مصر آلاف السودانيين الذين هربوا من النزاع الداخلي، ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فإن “القاهرة استقبلت حوالي مليون و200 ألف سوداني”، بالإضافة إلى آلاف من السودانيين الذين يقيمون في مصر منذ سنوات، كما صرح بذلك السفير المصري في السودان، هاني صلاح.

وفقاً للباحث السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن الاتهامات التي يوجهها قادة “الدعم السريع” تعتبر “محاولة لإدخال مصر في أزمة على الصعيدين الإقليمي والدولي”. وأضاف أن تصعيد “الدعم السريع” ضد مصر هو “جزء من تبادل الاتهامات بين قواته والجيش السوداني بشأن تلقي دعم مباشر من قوى إقليمية في النزاع القائم بينهما منذ أبريل 2023”.

وفسر خليل وصف “الخارجية المصرية” لـ “الدعم السريع” بأنه “ميليشيا” على أنه “أمر طبيعي”، حيث أشار إلى أنها “لا تمثل الشعب السوداني”. كما نوه إلى أن من بين محددات الموقف المصري في الأزمة السودانية هو “دعم المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية، للحفاظ على وحدة وسيادة السودان”.

يصنف مجلس السيادة في السودان “قوات الدعم السريع” على أنها “ميليشيا متمردة”، وقد دعا قائد الجيش السوداني، خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، إلى تصنيفها كـ “جماعة إرهابية”.

وعد خليل بأن تصعيد “الدعم السريع” ضد القاهرة “لن يؤثر على الموقف المصري من الوضع في السودان”. وأوضح أن “مصر تتبنى سياسة خارجية قائمة على التوازن والاعتدال، ولديها علاقات قوية مع الدول الأفريقية حالياً، وستستمر في جهودها لدفع الحلول السياسية لوقف الحرب في السودان، نظراً لتأثيرها المباشر على أمنها القومي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى