تفاصيل وتساؤلات جديدة حول طائرة إليوشن 76 التي أسقطت في شمال دارفور
بعد مضي ثلاثة أيام على حادثة تحطم طائرة شحن من طراز Il-76TD في 21 أكتوبر 2024، مازالت الكثير من التساؤلات تحيط بالظروف المحيطة بهذه الحادثة. حيث ما زال التساؤل قائما حول هل أسقطت الطائرة بواسطة وسائل الدفاع الجوي لقوات الدعـ.م السـ.ريع أم أنها سقطت كنتيجة لعطل فني أصاب أحد محركاتها وأدى إلى اشتعال حريق في الطائرة وهي في الجو. وبمعاينة مقاطع الفيديو التي صورتها قوات الدعـ.م السـ.ريع في منطقة الحادثة، يمكن أن نسجل عدد من الملاحظات من أن دون أن يعني ذلك حسم أسباب سقوط الطائرة.
سقطت أم اسقطت
أولى هذه الملاحظات أن حطام الطائرة انتشر في مساحة محدودة مرئية بالعين، رغم أن ألسنة النيران شوهدت وهي مازالت محلقة في الجو. ويقول خبراء حوادث الطائرات إن الطائرة عندما تنفجر في الجو يتناثر حطامها على مساحات واسعة، بل في كثير من الأحيان يصعب الوصول إلى أجزاء كبيرة منها الأمر الذي يعتبر دليلا على أن الطائرة ارتطمت بالأرض قبل أن تحترق بالكامل.
لكن ذلك لا ينفي بالضرورة رواية قوات الدعـ.م السـ.ريع، فمن غير المستبعد أن تكون الطائرة قد أصيبت من قبل المضادات الجوية، لكن وبالنظر إلى أن الطائرة كانت تحلق على ارتفاع شاهق عند اشتعال النيران فيها، فإن ذلك يعني أن قوات الدعـ.م السـ.ريع أصبحت تمتلك قدرات دفاع جوية صاروخية قادرة على التعامل مع أهداف تحلق على ارتفاعات شاهقة وليس المدافع المضادة للطائرات التي تستخدمها قوات الدعـ.م السـ..ريع لا يتجاوز مداها 2500 متر أو الصواريخ المحمولة على الكتف التي يصل مداها إلى 4 كيلومترات.
أخيرا، حتى وإن كانت الطائرة تحلق على ارتفاع منخفض، الأمر المؤكد أنها كانت تحلق في ظلام دامس يصعب من رؤيتها بالعين المجردة ويتطلب رصدها استخدام أنظمة الرادار أو مناظير المعاينة الليلية وهي أنظمة ومعدات لا توفر شواهد على امتلاك قوات الدعـ.م السـ.ريع لها.
من يمتلك الطائرة
أيضا تحيط الكثير من التساؤلات بشأن ملكية الطائرة والجهة التي تتولى تشغيلها. حيث لم تصدر الحكومة السودانية حتى الآن بيانا رسميا بشأن الحادثة، بل أن مناصري الحكومة في بورتسودان حاولوا في اليوم الأول الإيحاء بأن الطائرة كانت تحمل شحنة من الأسلحة والمعدات من دولة الإمارات إلى قوات الدعـ.م السـ.ريع وهي اتهـ.امات ظل الجيش السوداني يرددها على الدوام.
وذهب البعض للقول أن الطائرة المعنية هي طائرة تتبع لشركة في جمهورية قيرغيزستان (إحدى جمهوريات آسيا الوسطى والاتحاد السوفيتي السابق) الأمر الذي دفع حكومة قيرغيزستان للإصدار بيان رسمي عن وزارة خارجيتها بتاريخ 23 أكتوبر 2024. ونوه البيان إلى أن الوكالة الحكومية للطيران المدنية التابعة لمجلس الوزراء في قيرغيزستان أكدت أن الطائرة هي من طراز IL-76TD ومسجلة بالرقم EX76011 وانه قد تم حذفها من سجل الطائرات المدنية في هذا البلد في 12 يناير 2024 وتم تحويل تسجيلها إلى جمهورية السودان.
وأشار البيان إلى أن البطاقة التي وجدت في حطام الطائرة لا تخص أحد العاملين في مطار “ماناس” في بيشكيك عاصمة قيرغيزستان، بل هي بطاقة خاصة بشركة Airline Transport Incorporation FZC وتتعلق بأحد موظفيها الروس ويدعى فيكتور قرانوف. وأكد البيان أن وزارة الخارجية طلبت عبر سفارتها في السعودية مزيد من المعلومات حول الحادثة عبر القنوات الدبلوماسية.
ويزيد من مصداقية هذه الرواية تسجيل مجهول لشخص يقول إنه ضابط في القوات الجوية وتداولته المنصات المؤيدة لقوات الدعـ.م السـ.ريع طوال الساعات الماضية. حيث يؤكد المتحدث أن الطائرة تستخدمها القوات الجوية منذ أكثر من 6 سنوات ونصف وهي طائرة مستأجرة وأن ملكيتها تحولت للقوات المسلحة مؤخرا. ونشير هنا إلى أن المتحدث أكد أن الطائرة تم استجلابها من بوركينا فاسو، ما يلقي ظلال من الشكوك على أجزاء من روايته على الأقل.
وتحدث صاحب الرسالة المجهول عن أنه في مثل هذا النوع من الطائرات يتم استقدام طيارين أجانب من دول شرق أوربا وأسيا الوسطى لتولي مهمة قيادتها، بينما الملاحين وطواقم التشغيل دائما ما تكون من منسوبي القوات الجوي. وهو ما تؤكده هذه الحادثة التي قـ.تل فيها ضابط ملاح برتبة مقدم و2 من ضباط الصف الفنيين من القوات المسلحة. الملفت أن القوات المسلحة لم تصدر حتى الآن نعيا لجنودها الذين قتلوا في الحادثة. وفي المقابل قال مستشار قائد الدعـ.م السـ.ريع محمد المختار في تصريحات صحفية إن قوات الدعـ.م السـ.ريع ستعقد مؤتمراً صحفيا فور فراغها من تحليل نتائج الصندوق الأسود والوثائق التي كانت مع طاقم الطائرة.
مهمة الطائرة
تساؤلات كثيرة تحيط كذلك بمهمة الطائرة. هذا النوع من طائرات IL-76TD يعتبر من طائرات النقل الثقيلة التي تستخدم في المهمات العسكرية وكذلك في مهمات النقل المدنية ويمكنها نقل حمولة تصل إلى 40 طن، ويمكن زيادة الحمولة كلما قصرت مسافة الرحلة بالنظر إلى حمولة الوقود التي تزود بها.
وتستخدم القوات الجوية السودانية هذه الطائرات في 4 أنواع من المهمات أولها الامداد والتشوين، ومن ثم الاسقاط الجوي، وبعد ذلك الاسقاط المظلي للقوات وفي مهمات اسقاط القنـ.ابل والبـ.راميل المتفـ.جرة على أهداف على الأرض. ومن المؤكد أن الطائرة عندما سقطت فوق منطقة المالحة الواقعة على بعد 203 كيلومتر من الفاشر لم تكن عائدة من مهمة اسقاط جوي في الفاشر، حيث تمت عملية الاسقاط الجوي في يوم 20 أكتوبر في مدينة الفاشر قبل أكثر من 10 ساعات من تحطم الطائرة عند الساعة الرابعة صبيحة يوم 21 أكتوبر.
الشيء المؤكد الوحيد أن هذه الطائرة انطلقت من مدينة بورتسودان ومن المرجح حسب معلومات تحصل عليها راديو دبنقا أنها كانت في مهمة تتعلق بإسقاط امدادات وتشوين للقوات المشتركة في منطقة مثلث الحدود السودانية-المصرية-الليبية الأمر الذي يفسر طيرانها على مسافة بعيدة إلى الشمال من مدينة الفاشر.
وفي الأثناء، قدمت جميع الأطراف المرتبطة بهذه الطائرة رواياتها عن الموضوع أو أصدرت بيانات تقول إنها تنتظر مزيد من المعلومات مثل وزارة الخارجية الروسية لكن يبقى الجيش السوداني صامتا عن طرح روايته في هذه الحادثة والتي تطرح من جديد قضية حيازة واستئجار الطائرات القديمة والتي ما زال دخان نيران حادثها الأخير عند إقلاعها من مطار بورتسودان في يونيو 2023 ما أدى لمقـ.تل 9 أشخاص من بينهم 4 عسكريين والتي قال الجيش حينها أن السبب عطل فني.