الأعمدة

أضبط.. حالة إبطال لخاصية تفعيل أدوات السلطة #الجميل_الفاضل

لفتني عجز الجنرال البرھان عن إستكمال ھياكل سلطته الإنقلابية، فيما عدا تعديلات جزئية طفيفة، يَتصنعُ إجراؤها من حين لآخر، كالتي إقتصرت بالأمس علي أربع حقائب وزارية، يتولاھا بالتكليف لا الأصالة وزراء صوريون، لا يتعدي حدود سلطانھم الفعلي، أبعد من بوابات مقارھم بالعاصمة الإدارية المؤقتة “بورتسودان”.
المدھش أن ھذا العجز يحدث رغم إستمرار البرھان شكليا في الحكم لنحو ثلاث سنوات، لھذا فھو عجز ربما يستعصي علي التفسير البسيط.
المھم ففي ظني أنه ما كان ينبغي للإسلاميين ان يتمادوا عبر ھذا الإنقلاب وما تبعه من حرب، في توھم إمكانية إسترداد أو إستئناف حكم البلاد، بعد أن مَنّْ الله عليھم، تحت غطاء البرهان في نيل ماتبقي لهم من حظوظ، إستكملوا بها حصة وجودهم في السلطة، لثلاث وثلاثين عاما، إنتھت في العام (2021).
وبالتالي ليترتب علي عدم إعترافھم بإرادة النزع العليا، ولتشبثھم بمظھر مُلكٍ خاوٍ خرج عن أيديهم بالفعل، إدخالھم السودان برمته في حالة فراغ سلطوي ودستوري شامل، تمثل علي أقل تقدير في عجزھم الفاضح حتي عن تشكيل مجرد حكومة تدير شأن الدولة، بما يؤكد أن سبحانه وتعالي قد أبطل، عند الإسلاميين وقادة إنقلابھم، خاصية تفعيل ادوات السلطة والحكم.
وكما تقول فلسفة “فيثاغورس”: أن الأعداد هي علة الكون، وهي الطريق الصحيح لفهمه.
وأن الأرقام وعلاقاتها يمكن أن تفسر أساسيات المعرفة، وأن دمج المحدود باللانهائي يولد كل الكون من زمن وفضاء وحركة.
بامكاني أن استنبط من واقع ھذه التجربة الغريبة، أن الاجابة ربما تكمن في علم الأعداد، الذي ينظر إلى الرقم (33)، على أنه رقم قوي وصوفي.
سواء كان ذلك في الأعداد الكلدانية، أو الأعداد الكابالية، أو الأعداد عند فيثاغورس، إذ هي جميعها تعطي الرقم (33) قوة عظمي.
كما أنه في علم الأعداد غالبًا ما يُنظر إلى الرقم (33) على أنه رقم عميق وروحي.
لما للرقم من دلالات إستثنائية.
فضلا عما له أيضا من وزنً رمزي دينيً في الاسلام، والمسيحية، واليهودية، والهندوسية، والبوذية.
فالرقم (٣٣) ليس هو مجرد عدد يداوم عليه المسلمون تحميدا، وتسبيحا، وتكبيرا، دبر كل صلاة.
بل هو ايضا وفق مصادر السنة، العمر الذي سيكون المؤمنون عليه حال دخولهم الجنة.
اذ قال أبو هريرة، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: “يدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ جردًا، مُردًا، بيضا، جعادًا، مكحلين، أبناء ثلاثٍ وثلاثين، على خلق آدم, طوله ستون ذراعًا في عرض سبع أذرعٍ”.
كما انه الرقم الذي ارتبط بالاشارة الي “الشمس” و”الجبال”، من وجه عدد مرات الورود في النص القرآني.
وهما بالطبع آيتان كبيرتان من الآيات الكونية.
والي ذلك فقد اشار معنيون بالتأويل، الي ان لفظ “بلي” الوديعة الفطرية بكل انسان، من عالم الذر، قبل ان يكون شيئا مذكورا، تساوي هي ايضا بحساب الجمل، وعلم الحرف، الرقم (٣٣).
في سياق قوله تعالي:
وإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم، واشهدهم علي انفسهم، ألست بربكم، قالوا “بلي” شهدنا، ان تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين.
ومن المتفّق عليه عند المسيحيين، أن السيد المسيح قد عاش (٣٣) سنة.
حيث أثبت انجيل لوقا أن المسيح بدأ دعوته بعمر الثلاثين، قبل أن يصُلب، بعد ثلاث سنوات من ذلك، وهو ابن (٣٣) عاماً.
واعتبر القديس توما الأكويني في ذات السياق ان سن الثالثة والثلاثين التي رفع أو صلب فيها السيد المسيح تمثل سن الكمال كما ينبغي ان يكون.
وفي فلك ذات الرقم يعتقد اتباع الديانة اليهودية أن ملَك داؤد عليه السلام علي أورشليم القدس امتد كذلك لثلاث وثلاثين سنة.
وفي منحي مختلف لفت نظري ان علم الرياضيات يقول: أن حساب النسبة المئوية الي الرقم (٣٣)، يؤكد انه رقم الإمتلاء.
فلو اننا قسمنا (100٪) على (٣) سنحصل على كسر عشري لا نهائي يتكرر كالتالي: (33.333333٪).
المهم بعيدا عن علمي الرياضيات والحساب، اري أن ليس ثمة امتلاء، يفوق امتلاء السودانيين بطاقة مذهلة، هي طاقة الصبر، أنفقوا منھا لأكثر من ثلاثين عاما صبرا علي مِحنٍ يُشيّبُ لِھَولھا الوِلدان.
إذ أن إمتحان الصبر، هو في الحقيقة أصعب وأرفع إمتحان علي الإطلاق.
ولذا فإن من يجتاز مثل هذا الإمتحان الشاق بنجاح، سيجد الله معه لا محالة كهاتين.
وبالطبع فإن الصبر من نوع الإمتحانات التي لا يلقاها إلا شعب ذو حظ عظيم، وشأن بالضرورة عظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى