البرلمان المصري يقر مشروع قانون اللاجئين الجديد
وافق مجلس النواب المصري، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، خلال الجلسة العامة التي عُقدت يوم الأحد، على أول خمس مواد موضوعية من مشروع قانون تقدمت به الحكومة يتعلق بإصدار قانون خاص بلجوء الأجانب، بالإضافة إلى ثلاث مواد تتعلق بمواد الإصدار. وقدمت الحكومة توضيحات هامة خلال الجلسة، ومن المتوقع أن يستمر المجلس في مناقشة بقية المواد في الجلسات المقبلة.
يعتبر هذا التشريع الأول من نوعه في مصر، حيث يسعى لوضع إطار قانوني ينظم حقوق اللاجئين والتزاماتهم. يستند هذا القانون إلى الحقوق والالتزامات التي نص عليها الدستور المصري والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر، مما يضمن تقديم الدعم والرعاية اللازمة للاجئين بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية.
كما يهدف القانون إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الإدارية في الدولة من خلال إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين، مما يسهم في تحسين إدارة قضايا اللجوء وتوفير الحماية اللازمة للمستحقين.
جاءت مواد الإصدار لتوضح نطاق تطبيق أحكام القانون المرافق، حيث ينص على أنه مع عدم الإخلال بالاتفاقيات الدولية السارية في جمهورية مصر العربية، تُطبق أحكام القانون المرافق المتعلقة بلجوء الأجانب.
وتطبق هذه الأحكام على اللاجئين وطالبي اللجوء المذكورين في المادة (1) من القانون المرافق، كما تشمل أيضًا كل من اكتسب صفة لاجئ قبل بدء سريان أحكام هذا القانون. كلفت مواد الإصدار رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المرافق خلال فترة ستة أشهر من تاريخ بدء العمل به. شهدت المادة الأولى مناقشات موسعة انتهى المجلس من خلالها إلى اعتماد تعريفات واضحة للاجئين في مصر.
حيث تم تعريف “اللاجئ” بأنه كل شخص أجنبي يتواجد خارج الدولة التي يحمل جنسيتها أو خارج دولة إقامته المعتادة، وذلك لأسباب معقولة تستند إلى خوف جدي من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب آرائه السياسية، أو نتيجة عدوان أو احتلال خارجي، أو غيرها من الأحداث التي تهدد بشكل خطير الأمن العام في الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة.
ولا يستطيع أو لا يرغب في ظل هذا الخوف الجدي في الحصول على حماية تلك الدولة. كما يشمل التعريف الأشخاص الذين لا يحملون جنسية ويعيشون خارج دولة إقامتهم المعتادة بسبب أي من تلك الظروف، ولا يستطيعون أو لا يرغبون في العودة إلى تلك الدولة، وقد أُعطي لهم هذا الوصف بموجب أحكام هذا القانون. عرفت المادة القانونية “طالب اللجوء” بأنه أي أجنبي قدم طلباً إلى اللجنة المختصة للحصول على صفة لاجئ وفقاً لأحكام هذا القانون، ولم يتم اتخاذ قرار بشأن طلبه بعد. الوزارة المعنية هي وزارة الداخلية، بينما اللجنة المختصة هي اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين.
تأتي الصياغات المذكورة بعد رفض مجموعة من الاقتراحات النيابة، بما في ذلك اقتراح النائب محمود عصام موسى بتحويل اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين إلى هيئة. حيث أشار المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إلى تمسك الحكومة بصفة “لجنة” قائلاً: “التقدير الحكومي هو أن تبقى لجنة، فهي الأنسب لأداء هذه المهمة، ولا نحتاج إلى هيئة لها مجلس إدارة”.
قدم النائب محمود قاسم تعديلاً تم رفضه يتعلق بتعريف اللاجئ، بهدف تنظيم وضع “البدون”، أي الأشخاص الذين لا يحملون جنسية والذين يقيمون في إحدى الدول وطلبوا اللجوء السياسي في مصر. وأوضح المستشار محمود فوزي أن التعريف الوارد في مشروع القانون يعالج فعلياً وضع الأفراد غير الحاملين للجنسية (البدون) مع التأكيد على منع تسليم اللاجئ إلى دولة جنسيته أو الإقامة المعتادة، بالإضافة إلى توافقه مع ما ورد في الاتفاقية التي وقّعت عليها مصر.
كما أكد المستشار الدكتور حنفى جبالى أن التعريف المقر في مشروع القانون لم يتجاهل تنظيم لجوء الأجانب الذين لا يتمتعون بجنسية دولة معينة. قوبل أيضًا اقتراح النائب عاطف المغاوري، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب التجمع، حذف كلمة (جدّي) من تعريف اللاجئ بالرفض. حيث برر “المغاوري” طلبه بأنه يأتي من أجل تخفيف العبء على طالب اللجوء، خاصة أن الضغط الكبير يقع على اللاجئين الذين يعانون من ضغوط نفسية هائلة. من جانبه، أكد المستشار محمود فوزي أن الكلمة تستخدم للضبط والتوضيح وليس للتقييد أو الاستبعاد، مشيرًا إلى أنه “ليس من المعقول أن يكون التخوف شكليًا أو وهميًا؛ فالمشرع يشير إلى أن التخوف يجب أن يكون جدياً، بدون أن يثقل على كاهل اللاجئين”.
أوضح “فوزي” أن قرارات اللجنة يمكن الطعن عليها أمام القضاء، وليس هناك أي تجاوز، وإنما العبارة جاءت للتوضيح والتبيين. وفي هذا السياق، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن طالب اللجوء يحصل على حقوق قانونية بمجرد تقديمه للطلب، وفي اللحظة التي تقر فيها اللجنة المختصة بأنه لاجئ، ترد له حقوق قانونية أخرى. وأشار إلى أن القانون ينص على ضرورة تقديم الطلب من قبل أي شخص دخل البلاد، سواء كان بطريقة قانونية أو غير قانونية، لنيل الحماية المقررة له. يهدف مشروع القانون إلى إرساء إطار قانوني لحماية حقوق اللاجئين وتحديد التزاماتهم، وذلك ضمن الحقوق والواجبات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.
ويسعى المشروع إلى ضمان تقديم الدعم والرعاية اللازمة لجميع المستحقين من خلال إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين، لتكون الجهة المختصة بشؤونهم والتي تشمل جمع المعلومات والبيانات الإحصائية المتعلقة بهم، وذلك في سياق الاستمرار في تقديم المساعدة والدعم الشامل للاجئين.
يهدف القانون إلى إصدار قانون خاص بلجوء الأجانب والقوانين المرتبطة به، ليشمل أحكامًا تنظم حقوق اللاجئين والتزاماتهم، والتي جاءت ضمن الحقوق والواجبات التي نص عليها الدستور والاتفاقيات التي انضمت إليها مصر. يسعى القانون لضمان تقديم كافة أشكال الدعم والرعاية للمستحقين، بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات الإدارية في الدولة عبر إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين.
ستتمتع هذه اللجنة بالشخصية الاعتبارية، وستتبع رئيس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسي في مدينة القاهرة، حيث ستكون الجهة المسؤولة عن جميع شؤون اللاجئين، بما في ذلك جمع المعلومات والبيانات الإحصائية حول أعدادهم. وافقت المجلس النيابي على المادة الثانية التي تنص على إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين، تتولى النظر في طلبات اللجوء والتعاون مع المنظمات الدولية المعنية، بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات الحكومية في الدولة لضمان توفير جميع أشكال الدعم والرعاية والخدمات للاجئين.
في هذا السياق، نصت المادة (2) من مشروع القانون المتعلقة بإصدار قانون اللجوء، كما أقره مجلس النواب، على إنشاء لجنة تُسمى “اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين”، والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتابعة لرئيس مجلس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسي في مدينة القاهرة. تكون اللجنة المعنية هي الجهة المسؤولة عن شؤون اللاجئين، بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية المتعلقة بعدد اللاجئين، وتكلف بشكل خاص الفصل في طلب اللجوء يتم وفقًا للمادة (7) من هذا القانون. التعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات والهيئات الدولية المعنية بقضايا اللاجئين، بالتنسيق مع وزارة الخارجية. 3- التعاون مع الجهات الإدارية في الدولة لضمان توفير جميع أشكال الدعم والرعاية والخدمات للاجئين. تأتي صياغة المادة المذكورة بعد موافقة على اقتراح النائبة إيمان الألفي بتعديل العبارة في البند الثاني بحيث يصبح مضمونها “التعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات والجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية”، بعد حذف كلمة “بعد” واستبدالها بحرف “الباء” قبل عبارة التنسيق مع وزارة الخارجية.
رُفِض اقتراح مجموعة من النواب بإضافة نص يتيح إنشاء فروع جديدة للجنة الدائمة لشؤون اللاجئين في المحافظات خارج القاهرة. لكن المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أكد أن طبيعة عمل اللجنة تتطلب أن تكون مركزية لتسهيل حصر البيانات وإنشاء قاعدة معلومات، مشيراً إلى أن اللائحة التنفيذية تتضمن مواد تهدف إلى تبسيط الإجراءات قدر الإمكان لتسهيل عملية استقبال الطلبات. شهدت الجلسة أيضاً رفض اقتراح النائب محمود موسى، الذي كان ينص على تعديل البند الأول من خلال استبدال كلمة “البت” بكلمة “الفصل”.
حيث أشار المستشار محمود فوزي إلى أن الفصل في الطلبات لا يقتصر على الجهات القضائية فقط. كما أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، أن المصطلح المستخدم سابقاً في المادة أكثر دقة ويتماشى مع المادة السابعة من مشروع القانون نفسه. شهدت الجلسة أيضًا الموافقة على المادة الثالثة من مشروع قانون لإنشاء قانون لجوء الأجانب، والتي تنص على تشكيل لجنة دائمة لشؤون اللاجئين.
في هذا السياق، تنص المادة الثالثة التي انتهى إليها مجلس النواب على تشكيل لجنة مختصة تضم ممثلين من وزارات الخارجية والعدل والداخلية والمالية، على أن تكون مدة العضوية أربع سنوات. وفقًا للمادة، يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتسمية رئيس اللجنة المعنية وأعضائها، وتحديد نظام عملها والمعاملات المالية لرئيسها وأعضائها، وذلك خلال ثلاثة أشهر من بدء العمل بهذا القانون.
ويكون رئيس اللجنة ممثلاً لها أمام المحكمة وفي كل ما يتعلق بها. سمحت المادة لرئيس مجلس الوزراء بإضافة ممثلين عن الوزارات والجهات المعنية إلى عضوية اللجنة المختصة، كما يمكن للجنة أن تستدعي لحضور اجتماعاتها من تراه مناسبًا من الخبراء والمتخصصين في مجالات عملها. تقوم اللجنة المعنية بإعداد تقرير حول نتائج أعمالها كل ثلاثة أشهر، ويقوم رئيس اللجنة بتقديمه إلى رئيس مجلس الوزراء. جاءت الصياغة السابقة بعد رفض اقتراحات النواب بإضافة ممثلين من المجلس القومي لحقوق الإنسان وعدد من الوزارات المختلفة. حيث قال ممثل حزب النور، أحمد حمدي خطاب، إنه من الضروري إضافة ممثل عن المخابرات العامة إلى التشكيل، خاصة في ظل ما قد يهدد الأمن القومي. كما دعا إلى إضافة ممثل عن وزارة الصحة للحفاظ على الصحة العامة، خصوصًا مع انتشار الأمراض المعدية في بعض مناطق النزاعات. واستعرض “خطاب” مزايا مشروع القانون التي تضمن عدم مخالفة النظام العام أو إعفاء بعض الأفراد من الرسوم.
طالبت النائبة دينا عبد الكريم أيضًا بإضافة وزيري التعليم والصحة إلى تشكيل اللجنة الوطنية لشؤون اللاجئين، حيث قالت: “التمثيل الأهم هو في مجال التعليم والصحة، حتى نتمكن من معرفة قدرة التعليم على استيعاب الأعداد الكبيرة الوافدة”. وأضافت “عبد الكريم” أن فائدة إنشاء اللجنة الوطنية في ظل وجود مفوضية شؤون اللاجئين تكمن في كونها لجنة مصرية بحتة، حيث ستتولى مصر قيادة الأمور. علق المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، مشيرًا إلى أن الدور الرئيسي للجنة يكمن في التأكد من توفر الشروط القانونية لتصنيف الشخص كلاجئ. ولذلك، يجب أن يكون أعضاء اللجنة مرتبطين بالوظيفة الأساسية المخصصة لها. بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على منح الحق لرئيس الوزراء في إضافة ممثلين إلى اللجنة. فيما يتعلق بإدراج المجلس القومي لحقوق الإنسان، أشار محمود فوزي قائلاً: “على الرغم من أن الفكرة لها قيمتها، إلا أن عمل اللجنة يتسم بالطابع التنفيذي البحت، وهو من مهام الحكومة، بينما المجلس القومي هو هيئة مستقلة، ولا ينبغي إدخاله في الأعمال التنفيذية، ويحق له في نفس الوقت تقديم الشكاوى.”
أقر المجلس في جلسته العامة المادة (4) التي تنص على أن تكون لدى اللجنة المختصة أمانة فنية، حيث يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء يحدد اختصاصاتها ونظام العمل بها، وتعيين رئيسها وفترة عمله، والمعاملة المالية له واختصاصاته. ويُعين عدد كافٍ من الموظفين لمساعدة رئيس الأمانة الفنية في أداء المهام المكلف بها، ويتم ندبهم من الجهات الإدارية في الدولة بعد موافقة الجهات المعنية.
كما تناولت المادة (5) مصادر الموارد المالية للجنة، التي تتألف من الاعتمادات التي قد تخصصها الدولة في الموازنة العامة، بالإضافة إلى المنح والتبرعات والهبات والإعانات والقروض التي تتلقاها أو تُبرمها وفقاً للقواعد والأحكام المعمول بها، ومع مراعاة عدم تعارضها مع أغراض اللجنة وبموافقة الوزارات والجهات المختصة في الدولة.