تجاوز الصعاب، وحلق في نهائيات الكان بالمغرب،، تأهل صقور الجديان،، الفرح في زمن الأحزان..
بذل اللاعبون العرق، وزرف المشجعون الدموع، فما أجملها من لوحة إنسانية..
ردّ لاعبو منتخب السودان التحية لقائد المسيرة عبد الفتاح البرهان..
صدّر المنتخب الوطني البهجة وأحال حزن الليبيين فرحاً، وأنساهم عدم تأهل منتخبهم..
قيمة تأهل المنتخب كانت في استشعار اللاعبين معاناة المواطنين ورغبة المقاتلين في هزيمة المتمردين..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أبكى المنتخب الوطني لكرة القدم جميع السودانيين في مختلف بقاع العالم، وهو يخطف بطاقة التأهل إلى نهائيات أمم أفريقيا بالمغرب ٢٠٢٥م، عندما حقق المطلوب بحصوله على نقطة واحدة رفعت رصيده إلى ثماني نقاط، وذلك عقب خروجه متعادلاً سلبياً أمام ضيفه الأنجولي في ختام مباريات المجموعة السادسة، ليصل السودان إلى نهائيات الأمم الأفريقية للمرة العاشرة في تأريخه ولعلها المرة الأصعب والأميز والأجمل عطفاً على الدلالات والمعاني الإنسانية والعاطفية التي صاحبت تأهل المنتخب وهو يخوض مبارياته بعيداً عن الأرض والجمهور بفعل الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م.
قيمة التأهل:
قيمة تأهل المنتخب الوطني أنها جاءت في ظل ظروف استثنائية فرضتها قسوة ومرارة الحرب التي جعلت من لاعبي المنتخب الوطني نازحين ولاجئين يتجمعون في بلاد الغربة، ويخوضون النزالات الدولية، بلا إعداد توفره لهم مباريات الدوريات المحلية، وبلا جمهور يكون لهم زاداً ودافعاً، خاض لاعبو المنتخب هذه التصفيات المؤهلة إلى نهائيات أمم أفريقيا بالمغرب بإرادة قوية وقناعات شخصية، وتحديات ذاتية، أنهم مقاتلون وأشاوس لا يقل عطاؤهم في المستطيل الأخضر عن عطاء البنادق في الجبهات والميادين والخنادق، لقد استقى لاعبو المنتخب السوداني قوتهم من عزيمة أبطال القوات المسلحة والقوات المساندة لها وهم يبذلون الغالي والنفيس ويقدمون أرواحهم ودماءهم رخيصة فداءً للوطن، استقى لاعبو المنتخب الوطني قوتهم من معاناة الشعب السوداني الذي تعرض لأبشع الجرائم وأفظع الانتهاكات التي طالتهم على يدي ميليشيا آل دقلو الإرهابية، فأبى اللاعبون إلا وأن يرسموا الفرحة على وجوه هؤلاء المواطنين المغلوبين على أمرهم، ويؤكدون أنهم معهم قلباً وقالباً يقاتلون في جبهة أخرى وميدان آخر والهدف أن يكون اسم السودان عالياً، وعلمه مرفرفاً في سماء القارة السمراء رغم أنف الجنجويد ومن شايعهم من المرتزقة والعملاء والأجناس المناكيد.
بيدهم لا بيد عمرو:
لقد أكد تأهل صقور الجديان إلى نهائيات أمم أفريقيا بالمغرب ٢٠٢٥م وعي اللاعب السوداني وتأثيره الإيجابي وقدرته على صناعة بقعة من الضوء وسط الظلام الحالك، تعهد اللاعبون بأنهم سيتأهلون ويتجاوزن عثرة هزيمة عابرة حدثت على حين غرة، فأوفوا بعهدهم الذي عاهدوا، وخطفوا بطاقة التأهل إلى النهائيات على حساب النيجر، وما أدراك ما النيجر ودور مرتزقتها في إذكاء نار الحرب و( شفشفة ) أموال وممتلكات الشعب السوداني، فكان لزاماً على اللاعبين أن يستحضروا هذه المعاني وهم يخضون مباراتهم الأخيرة ويدركون أن التأهل بين أرجلهم، وأن الوصول إلى المغرب بيدهم لا بيد عمرو، وأن تحقيق المطلوب في مباراة أنجولا سيشفي صدور شعب مؤمن، قبل أن يحرق قلوب قوم رضعوا من ثدي العمالة والارتزاق، فرحوا بالأمس لهزيمة عابرة تلقاها المنتخب الوطني، وتعللوا بأن عدم حزنهم على هزيمة المنتخب مردها أن انتصار السودان على غانا اُستغل واستثمر سياسياً! فها نحن اليوم نتأهل إلى نهائيات الكان بالمغرب، ونحتفل بهذا الانتصار سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ورياضياً، فشكراً أشاوس منتخبنا الوطني وقد جمعتم السودانيين المخلصين على قلب رجل واحد، سودانيون زرفوا الدموع الغالية عقب صافرة النهاية، وسيزرفون الدموع مدراراً قريباً جداً احتفاءً بسودانٍ خالٍ من الجنجويد والمرجفين والخونة والعملاء والمارقين.
تصدير الفرح:
انتصار السودان وتأهله إلى نهائيات أمم أفريقيا بالمغرب، كان حكاية كُتبت فصولها بمداد من عزة وفخار، ليس على صعيد السودانيين وحدهم، ولعل ما صدَّره ملعب شهداء بنينا في مدينة بنغازي الليبية من مشهد، يؤكد عظمة وقيمة السودان، لم يتأهل المنتخب الليبي إلى نهائيات الكان بالمغرب، فاحتفل الليبيون بتأهل السودان الذي كان عزاءً لعجز منتخبهم عن تحقيق مرادهم، فرح الليبيون ولم يخب ظنهم وهم يفتحون قلوبهم وصدورهم، قبل أن يفتحوا لمنتخبنا ميادينهم الخضراء التي تشابه دواخلهم المخضرة بفرح السنابل وبوح العناقيد، ويقيني أن المملكة العربية السعودية فرحت هي الأخرى وقد رأت بأم عينيها ثمار ما زرعت من تهيئة ملاعب لاستقبال منتخباتنا الوطنية في بواكير الحرب وهي تتحضر لخوض غمار عديد المسابقات القارية التي توجها منتخبنا الوطني بتحقيق الحلو الكبير، وتلبية أشواق الجماهير، بالوصول إلى نهائيات الكان في المغرب ٢٠٢٥.
خاتمة مهمة:
شكراً أشاوس منتخبنا الوطني، شكراً للجهاز الفني بقيادة كابتن كواسي أبياه المدير الفني الذي يستحق أن ينال الجنسية السودانية وهو يحلق بمنتخبنا الوطني على حساب منتخب بلاده الغاني في لوحة تؤكد على أن الانتماء يبقى للشعار الذي يزين الصدر، شكراً للاتحاد العام لكرة القدم بقيادة دكتور معتصم جعفر وأركان حربه الذين حرصوا على توفير مناخ وبيئة جيدة للمنتخب لثقتهم في لاعبين بذلوا وقدموا ولم يستبقوا شيئا، وتبقى التحية مثنى وثلاث ورباع لرئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الذي ظل مهتماً بأمر المنتخب مثل اهتمامه بجنوده البواسل فوفر الطائرات الخاصة لنقل اللاعبين من دولة إلى أخرى، وتمتد يد التحايا لتصافح رفقاءه في مجلس السيادة وهيئة القيادة بالقوات المسلحة، والسيدة وزيرة الشباب والرياضة هزار عبد الرسول وفريق عملها بالوزارة وهم يقدمون كل ما من شأنه تسهيل مهمة المنتخب وجهازه الفني والإداري، شكراً الجماهير الغفيرة التي ملأت ملعب شهداء بنينا وخطفت قلوب العالم وهي ترسم لوحات بديعة تشجيعاً للمنتخب حتى تحقق المراد بالوصول إلى نهائيات الكان، وياهو دا السودان.