رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

تقارير

نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور .. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

وفضل بعض المواطنين النزوح مرة أخرى من مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور الغنية بمناجم الذهب والواقعة تحت سيطرة قوات حميدتي، على خلفية القتل والاختطاف وفق شهادات فارين من هذه المدينة.

ذكر عبد الله، وهو في العقد الخامس من العمر لـ”الترا سودان” أنه فقد الاتصال مع عائلته في نيالا بسبب تدهور الوضع الأمني، ونهب جهاز “ستار لينك” المزود بخدمة الإنترنت في ظل انقطاع الشبكة العمومية للاتصالات.

وأضاف: “كان شقيقي الأصغر يخرج من المنزل للاتصال بي وتطميني بشكل شبه يومي، منذ خمسة أيام لا أدري ماذا حدث. وعلمت لاحقًا أن عناصر مسلحة نهبت أجهزة تزويد الإنترنت الفضائي، وهذه علامة على تدهور الأمن”.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع ناشدت المواطنين بالتبليغ الفوري عن العصابات التي تنهب المواطنين تحت تهديد السلاح، لكن هذا مجرد ذر للرماد في العيون، لأن هذه القوات نفسها أزمة حقيقية لا تسمح للناس بعيش حياتهم بصورة طبيعية.

وتعيش مدينة نيالا أزمة إنسانية غير مسبوقة بسبب انقطاع الكهرباء وإمدادات مياه الشرب وتدهور الحياة العامة منذ اندلاع الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023، بينما تحصن الجيش بالحامية العسكرية الفرقة 16 مشاة وسيطرت قوات الدعم السريع على الأحياء السكنية، إلى أن هيمنت على المدينة بأكملها بعد انسحاب الجيش في أكتوبر تشرين الأول/2023.

والعام الماضي أعلنت قوات الدعم السريع تشكيل سلطة مدنية لإدارة ولاية جنوب دارفور، لكن إجراءات السلطة الحاكمة كانت نقطة في محيط من العنف والاضطرابات الأمنية، وفق إفادات المواطنين.

وبينما كانت السلطة تأمل في توفير البذور للمزارعين وتحسين مسارات المراعي وحصاد المياه خلال فصل الخريف في الوقت ذاته غرقت في فوضى أمنية تحاصر الولاية.

السوق الرئيسي والأحياء الواقعة وسط المدينة بدت وكأنها مهجورة خاصة خلال أوقات الليل مع خلوها من حركة المارة والظلام الذي يعم الأرجاء وأصوات الرصاص كما يقول عبد الله، وهو يشرح الوضع في هذه المدينة التي تتعرض إلى القصف الجوي من الطيران الحربي ضد تجمعات قوات حميدتي.

ويشير محمد يعقوب في حديث لـ”الترا سودان” إلى أن أزمة الأمن في نيالا تعود إلى أن العصابات تتحدى السلطة مستمدة ذلك من النفوذ الاجتماعي لقوات الدعم السريع، لذلك تواجه هذه القوات صعوبة كبيرة في ردع المجموعات الإجرامية التي وصلت حد مراقبة التجار لنهب الأموال والممتلكات مثل السيارات والدراجات النارية.

ويوضح يعقوب بأن نيالا أصبحت مدينة طاردة للتجار ولا يفضلون العمل فيها ومن لديه الأموال يحاول إخراجها بأي ثمن إلى دول الجوار، ولا يمكن للتجار جلب السلع والاستمرار في حركة التجارة بين نيالا ودول الجوار بصورة طبيعية.

تعتبر مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور من المدن الغنية بحركة الأموال ووجود فرع للبنك المركزي السوداني، إلى جانب مناجم الذهب الواقعة في منطقة “سونغو” و”أم دافوق” على الحدود مع جنوب السودان، كما تتميز بحركة الرعاة والماشية، كل هذه العوامل لم تسهم في عكس حياة كريمة لمئات الآلاف من المواطنين بسبب عقود من الصراع المسلح وحرب منتصف نيسان/أبريل 2023 التي عمقت الأزمة.

ويقول مواطن من مدينة نيالا مشترطًا حجب اسمه في حديث لـ”الترا سودان” إن الوضع الأمني في نيالا لا يمكن معالجته في إطار سيطرة قوات الدعم السريع لأنها جزء من الأزمة منذ سنوات طويلة.

ويرى المواطن أن هذا الوضع ينبئ بتحول في المشهد العسكري سيما مع وصول الجيش إلى الأبيض وفك الحصار، إذ يمكن أن تكون المرحلة الثانية نقل المعارك البرية إلى جنوب دارفور وتضييق الخناق على قوات الدعم السريع.

وأردف: “لا شيء في نيالا يدعو الناس للبقاء إلا وهم مجبرون خاصة العائلات الفقيرة والمعدمة التي لا تملك المال للنزوح إلى دول الجوار، بالمقابل غادر الناس الذين لديهم قدر من الإمكانيات المالية لأن الوضع الأمني يتعرض للانهيار بشكل شبه يومي، وربما المدينة على بعد أمتار من مواجهات مسلحة”

المصدر : راديو دبنقا

زر الذهاب إلى الأعلى