
لم تتعظ النخب السياسية السودانية من أخطاء الماضي التي أسفرت عن المشهد المؤلم الراهن، حيث تسببت الحرب في تدمير كل ما هو جميل، وكشفت عن عورات الانتهازيين الذين استفادوا من الأوضاع عبر النهب والسرقة دون حياء. ورغم هذه المعاناة التي فجرها الفشل المتكرر في التوافق على مشروع سوداني جامع يلم الشمل ويمهد لبناء وطن جديد، معافى من جراحات الماضي، ما زلنا نرى كل يوم مسؤولاً يخرج بتصريحات تؤزم الموقف وتعرقل جهود شفاء جراح العنصرية والحقد العميق.
وقد جاء ما فعله مناوي، الذي استبشرنا فيه خيرًا بعد انحيازه لخيار الوطن، ليزيد من تعقيد الوضع. فمناوي وقع في فخ كبير بإعادة إثارة أزمة الخارطة الإدارية لدارفور، وهي قضية تم حسمها من خلال مفاوضات الدوحة وأبوجا عبر لجنة محايدة أقرت خارطة منذ الاستقلال في وقت سابق. ويبدو أن مناوي أراد إثارة القضية نتيجة شعوره بعد تحرير الخرطوم من تكرار غدر المركز مع حركته والحركات الدارفورية، كما حدث في مرات سابقة .
ولكن، للأسف، لم يختَر مناوي التوقيت المناسب لهذا الموقف، إذ ما زالت الحرب لم تُحسم بعد، وكان الدعم السريع قد حول جميع خططه نحو إسقاط الفاشر، كونه يراها نقطة انطلاق حكومته المقترحة. كان الأجدر بمناوي وبعض هواة الفتنة أن يتجهوا إلى معركة وحدة الوطن بدلاً من الإصرار على مسار التفرقة والاختلاف، فالتسامح والتعافي من داء التباهي بالصراع وقبول الآخر هما الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام.
إذا استمر هذا النهج، فلا شك أننا سنجد أنفسنا أمام واقع مرير من تشظي السودان. لذا، نحث جميع أطياف الشعب السوداني على تفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الوطن، والعمل معًا من أجل بناء مستقبل مشرق يسوده الأمن والسلام والاستقرار.
نقطة :- خارطة مناوي ضد “خارطة السودان الجديد” الموحد المتسامح المتماسك !