رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأخبار

الخرطوم تعود عزيزة رغم المؤامرة والخذلان

 

متابعات : إبراهيم شقلاوي

في تطور عسكري وسياسي بالغ الدلالة، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، في بيان رسمي صادر اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025، اكتمال عمليات تطهير ولاية الخرطوم من أي وجود لعناصر مليشيا الدعم السريع، مؤكدة دحر التمرد من العاصمة بلا رجعة. هذا الإعلان يمثل لحظة مفصلية تعيد رسم معادلات الحرب في بلادنا وتفتح الباب أمام تحول أوسع في المشهد الوطني.

النجاح في حسم معركة الخرطوم لم يكن محض نتيجة لتفوق عددي أو تسليحي، بل كان ثمرة لإرادة سياسية وعسكرية متماسكة، واستنهاض شعبي ظل يساند القوات المسلحة رغم تعقيدات المشهد. المعركة شهدت تحولات متسارعة، أبرزها الانهيار الكامل لخطوط المليشيا في منطقة “الصالحة” غرب أم درمان، حيث سيطرت القوات المسلحة على كميات ضخمة من العتاد العسكري، بينها مخازن ذخائر، طائرات مسيّرة، عربات مدرعة، ودبابات، تُركت خلفها وهي تهرب من ميدان المعركة . هذه المشاهد، إضافة إلى فرار المقاتلين وتركهم حتى لجرحاهم، تقدم دليلاً عملياً على فقدان التمرد لتماسكه وقوته القتالية.

هذا التحول الميداني الحاسم لا يمكن فصله عن الأثر السياسي الذي بدأ يتبلور بوضوح. استعادة العاصمة تمنح الدولة السودانية، ممثلة في القوات المسلحة، قدرة أكبر على إعادة فرض سيادتها واستعادة هيبتها التي حاولت قوى التمرد وداعميها المحلين و الإقليميين والنفوذ المساند تقويضها طيلة الشهور الماضية. كما أن هذا الانتصار يضعف كثيراً من تأثير القوى الدولية والإقليمية التي دعمت التمرد، ويفرض وقائع جديدة في معادلة الحرب. التي استرد فيها السودان كرامته رغم التامر والخذلان .

في الوقت ذاته، فإن هذا الانتصار لا يعني نهاية الحرب بشكل كامل، فثمة جيوب للمليشيا ما زالت تنشط في أطراف البلاد حيث دارفور ، وتحتاج إلى معالجة متأنية تراعي خصوصية الأقاليم ، مع التأكيد على ضرورة الذهاب نحو مشروع وطني جامع لاهل السودان يعزز اللحمة الاجتماعية التي غذّت النزاعات، بجانب تعزيز التنمية المتوازنة.

البيان العسكري” الكارب ” الذي أُرفق بآيات النصر والثبات ، لم يخلُ من رسائل معنوية تعزز ثقة الشارع السوداني قاطبة في القوات المسلحة، كما اكد على استمرار العمليات حتى تحرير كل شبر من أرض الوطن. لكن يبقى التحدي الأكبر فيما بعد المعركة، حيث سيكون على المؤسسة العسكرية أن توفق بين ضرورة استكمال المهام الأمنية، والحاجة المُلحة للدخول في عملية سياسية شاملة حوار سوداني سوداني تعيد بموجبه بناء الدولة على أسس جديدة ، وتمنع إعادة إنتاج أزمات الماضي تحت اي لافتة او عنوان.

إن نهاية التمرد في الخرطوم فرصة للمسارعة في عودة اهلها اليها لاعمارها كما انها فرصة لتوحيد السودان حول مشروع وطني يتجاوز محنة الحرب نحو أفق السلام والسيادة الوطنية المستقلة.
دمتم بخير وعافية.
الثلاثاء 20 مايو 2025م Shglawi55@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى