رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

لعبة التوقيت: كيف يسعى قادة الاتحاد السوداني لكرة القدم لضمان البقاء بتقديم موعد الانتخابات”

بقلم : معاوية أبوالريش
في خطوة تفضح حقيقة النوايا وتكشف عن مدى التخبط الذي يعيشه الاتحاد السوداني لكرة القدم، يسعى أعضاء مجلس الإدارة الحالي، المتهمون بتهم فساد وسوء إدارة لم تفصل فيها العدالة بعد ، إلى تقديم موعد الانتخابات في محاولة يائسة لضمان استمرارهم في مناصبهم. هذه المناورة السياسية الرخيصة تؤكد أن همّ هؤلاء الأشخاص الأساسي ليس تطوير الكرة السودانية أو خدمة الرياضة الوطنية، بل التشبث بالسلطة والمناصب مهما كان الثمن.
إن قرار تقديم موعد الانتخابات في هذا التوقيت تحديداً يثير تساؤلات جوهرية حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التصرف. فلماذا العجلة المفاجئة؟
إذ ليس هناك حاجة ملحة لتقديم الموعد الإجابة واضحة لكل متابع للشأن الكروي السوداني: إنها محاولة محمومة لقطع الطريق على المنافسين وترتيب الأوراق بما يضمن النتائج المرغوبة.
هذا التلاعب بالمواعيد والجداول الزمنية يكشف عن ذهنية مريضة تعتبر مؤسسات الدولة والرياضة ملكية شخصية يمكن التصرف فيها وفقاً للمصالح الضيقة. فبدلاً من أن يكون التركيز على وضع خطط استراتيجية لإنقاذ الكرة السودانية من حالة التدهور المستمر، نجد الانشغال الأكبر منصباً على كيفية ضمان البقاء في المناصب بأي وسيلة ممكنة.
ما يجعل هذه المناورة أكثر إثارة للغثيان هو توقيتها الذي يتزامن مع تصاعد الانتقادات ضد أداء المجلس الحالي، وازدياد المطالبات بالتغيير من قبل الجماهير وأصحاب المصلحة في الرياضة السودانية، إضافة إلى الملفات القضائية المفتوحة ضد بعضهم بتهم الفساد المالي وسوء استخدام أموال الاتحاد. فكأن هؤلاء الأشخاص يدركون جيداً أن شعبيتهم في تراجع مستمر، وأن فرصهم في الفوز بانتخابات نزيهة تتضاءل يوماً بعد يوم، خاصة مع تزايد الشكوك حول نزاهتهم المالية، لذا يلجؤون إلى هذه الحيل الملتوية.
إن هذا السلوك يعكس أزمة أخلاقية عميقة تتجاوز مجرد الرغبة في البقاء بالمنصب، إنها أزمة في فهم معنى الخدمة العامة والمسؤولية تجاه المجتمع. فالمفروض أن يكون شغل المناصب القيادية في المؤسسات الرياضية خدمة للوطن وليس وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية أو إشباع الغرور الفردي.
كما أن هذه المحاولة تكشف عن مدى الاستخفاف بعقول الجماهير السودانية وذكائها. فهؤلاء يعتقدون أن بإمكانهم خداع الناس بهذه المناورات الساذجة، متناسين أن الشعب السوداني قد تعلم من تجاربه المرة كيف يكشف الألاعيب ويفضح المحاولات المكشوفة للتلاعب بالعملية الديمقراطية.
الأخطر من ذلك أن هذا السلوك يضع سابقة خطيرة قد تتكرر في المستقبل، حيث يصبح من المقبول أن يغير أي مجلس إدارة القواعد والمواعيد حسب مصالحه الشخصية، خاصة عندما تكون هناك تهم فساد تلاحق أعضاءه. هذا يهدد مبدأ الحكم الرشيد ويقوض الثقة في المؤسسات الرياضية برمتها، ويرسل رسالة مؤداها أن الهروب من المساءلة ممكن من خلال التلاعب بالقوانين والإجراءات.
إن الكرة السودانية تمر بأزمة حقيقية تتطلب قيادة حكيمة وخبيرة قادرة على وضع استراتيجيات طويلة المدى لإعادة إحياء المجد الكروي السوداني. لكن بدلاً من ذلك، نجد أنفسنا أمام مجموعة من الأشخاص الذين لا يشغلهم سوى كيفية الحفاظ على مقاعدهم، حتى لو كان ذلك على حساب مستقبل الرياضة ومصالح البلاد.
هذا التصرف المشين يجب أن يكون جرس إنذار للجماهير السودانية ولكل من يهمه أمر الرياضة الوطنية. فلا يمكن السماح لهذه الممارسات أن تمر دون محاسبة، ولا يجب أن نقبل بأن تُختطف مؤسساتنا الرياضية لخدمة أجندات شخصية ضيقة.
إن الوقت قد حان لأن تقف الجماهير موقفاً حازماً ضد هذه المحاولات اليائسة للتشبث بالسلطة. الكرة السودانية تستحق قيادة نزيهة وكفؤة تضع مصلحة الرياضة والوطن فوق كل اعتبار، وتعمل بشفافية ونزاهة بعيداً عن المناورات والألاعيب السياسية الرخيصة.

زر الذهاب إلى الأعلى