
في اليوم التالي لتداول العملة السودانية الجديدة من فئة الألف جنيه تحدث البعض أسفيريا عن عيوب واضحة في جودة الطباعة والمادة المستخدمة مما أثار موجه من الانتقادات علي الميد يا بالطبع لا يمكنني الاعتماد على الصورة المرفقة أو مداخلات الميديا المتداولة كمرجعية حاسمة فهي غالبا ما تكون جزءا من حملات تهكم أو سخرية تتخذ طابعا سياسيا أكثر من كونها تقييما علميا أو موضوعيا فالأمانة المهنية تجعلني استوثق ولهذا تواصلت مع عدد من موظفي البنوك خاصة أولئك الذين خدموا في إدارة الخزينة لسنوات طويلة كانت ملاحظاتهم متسقة حيث أشاروا إلى هشاشة العملة وضعف المادة المستخدمة في طباعتها ما يجعلها تبدو كأنها مصنوعة من ورق عادي يفتقر إلى المتانة المطلوبة. في عالم العملات تلعب جودة المادة والطباعة دورا محوريا في الحفاظ على قيمتها ورمزيتها فعلى سبيل المثال يطبع الدولار الأمريكي من مزيج خاص من القطن75% والكتان25% بنسبة تضمن قوته ومتانته ما يحميه من التلف حتى عند تعرضه لعوامل قاسية كالغسيل وعلى نفس النسق انتقل الجنيه الاسترليني إلى مادة(البوليمر Polymer)التي أثبتت تفوقها في الصلابة والمرونة ومقاومة التلف. أما العملة السودانية الجديدة فقد بدت وكأنها ولدت ميتة قبل أن تدخل ساحة التداول ما يفضح غياب أدنى معايير الجودة.هذه العملة الجديدة تفتح الباب أمام مخاطر جسيمة تبدأ من ضعفها في مواجهة عوامل الزمن ولا تنتهي عند احتمالية استغلال هشاشتها من قبل شبكات التزوير لا سيّما هناك اتهامات من الجيش أشارت إلى وجود مصانع في دولة (تشاد)مدعومة(إماراتيا) تعمل على طباعة عملات مزيفة لدعم ميليشيات الدعم السريع هذا يعني أن السوق السوداني قد يغرق قريبا بعملة مزورة تعمق الازمةالاقتصادية المتفاقمة وتزيد من معاناة المواطن الذي يواجه فعلًا أعباء لا تحتمل. كذلك ما يزيد الأمر سوءا هو التكلفة الباهظة التي تكبدتها الخزينة العامة لطباعة هذه العملة بهذة المواصفات. التي تضيف عبئا جديدا على كاهل الاقتصاد المتدهور أصلا وأفساح المجال أمام سيناريوهات تضعف ما تبقى من ثقة المواطنين في النظام النقدي.إضعاف العملة الوطنية ليس أقل خطرا من إطلاق النار في ساحات القتال إنها حرب اقتصادية خفية تستهدف العمود الفقري للبلاد واستقرارها المالي وإذا استمرت هذه السياسات المتخبطة دون اتخاذ خطوات جادة لضمان جودة العملة ومنع التزوير فإن المستقبل القريب يحمل كوارث أكبر مما نشهده اليوم.الحفاظ على العملة الوطنية ليس مجرد مسألة تقنية أو طباعة بل هو جزء لا يتجزأ من حماية السيادة الوطنية وضمان استقرار الاقتصاد ما يحدث اليوم يجب أن يكون جرس إنذار لكل من يتحملون مسؤولية اتخاذ القرارات المصيرية فالاستمرار في مثل هذه الأخطاء لن يبقي شيئا يمكن إنقاذه في المستقبل.تحياتي ومودتي.الله غالب.