
طرحت انتصارات الجيش السوداني الأخيرة في العاصمة الخرطوم تساؤلات بشأن إمكانية تشجيعها لأعداد أكبر من السودانيين في مصر، على العودة إلى بلادهم مرة أخرى.
وهناك مبادرات للعودة الطوعية دشنها أعضاء بالجالية السودانية في مصر، مع تطورات الحرب الداخلية بالسودان. وتوقع مراقبون ومسؤولون بتلك المبادرة أن «يدفع تقدم الجيش في الخرطوم أعداداً كبيرةً من السودانيين للعودة، والمساهمة في ترتيبات إعادة الإعمار في الوقت نفسه».
وحقق الجيش السوداني أخيراً تقدماً ملحوظاً في الحرب التي تقترب من عامها الثاني بتوسيع سيطرته على العاصمة الخرطوم، بعد استعادة مناطق حيوية، من بينها القصر الرئاسي، ومقر البنك المركزي، ومقر جهاز الأمن والمخابرات الوطنية، والمتحف القومي، وجامعة السودان.
وازدادت أعداد السودانيين، العائدين من مصر، مع التقدم الميداني للجيش السوداني الأخير، وفق وكالة أنباء السودان (سونا)، وأشارت إلى أن «التطورات الأخيرة زادت من رغبة السودانيين في العودة».
ورصدت وكالة «سونا» رحلات العودة البرية للسودانيين من مصر، وأشارت في تقرير لها، نُشر 10 مارس (آذار) الحالي، إلى أن «الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى أنه خلال 4 شهور ماضية، تجاوز عدد السودانيين العائدين من مصر 300 ألف شخص».
وارتفع عدد الرحلات الأسبوعية للعائدين من مصر، ضمن مبادرة «راجعين للبلد الطيب» (مبادرة للعودة الطوعية مدعومة من السفارة السودانية بمصر)، حسب المدير التنفيذي للمبادرة، علاء الدين صالح، وأشار إلى أن «الشهر الماضي شهد تسيير 200 حافلة، نقلت نحو 10 آلاف سوداني من مصر إلى بلادهم».
وتنطلق رحلات المبادرة، عبر حافلات نقل ركاب، من حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية، إلى وادي حلفا (شمال السودان)، بواقع ثلاث رحلات أسبوعياً، وفق صالح، وأشار إلى أن «غالبية العائدين من الخرطوم وأم درمان وولاية الجزيرة»، وقال: «عدد كبير من الأسر السودانية تتخذ ترتيبات للعودة لديارها بعد نهاية رمضان».
وتجاوزت ترتيبات السودانيين في مصر مسألة إجراءات العودة، لتشمل تدابير لإعادة الإعمار، وفق أحد المشرفين على مبادرة «الانصرافي» للعودة الطوعية (يشرف عليها نشطاء ومتطوعون)، خليل الإمام، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأسر السودانية تعمل على نقل أدوات البناء والإعمار والأثاث معها إلى السودان، عبر حافلات للنقل الثقيل».
وتستفيد الأسر السودانية، الراغبة في نقل أدوات الإعمار، من تسهيلات جمركية توفرها الحكومة السودانية للعائدين، وفق الإمام، وأشار إلى أن «مبادرة (الانصرافي) تُسير رحلات يومية للعائدين تنطلق من عدة مناطق بالقاهرة، مثل عابدين وإمبابة، إلى عدة مدن في شمال السودان، منها دنقلا وعطبرة».
مع توالي انتصارات الجيش السوداني، بدأ تفاعل سوشيالي، وأشارت حسابات مستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي إلى «ترحيب بعائدين إلى ود مدني»، عاصمة ولاية الجزيرة.
بينما أشار البرلماني المصري، مصطفى بكري، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أن «عشرات الآلاف من السودانيين بدأوا في العودة إلى بلادهم، بعد انتصارات الجيش الأخيرة في الخرطوم».
وأمام تحسن الظروف التي تتيح عودة الفارين من الحرب، أصبح هناك اختلافٌ في أحاديث السودانيين بالتفكير في كيفية حل مشاكل نقص الخدمات والمرافق، وفق مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، وقال إن «كثيراً من الأسر باتت تبحث، قبل العودة، عن حلول لمشكلات الكهرباء وتوافر السلع»، إلى جانب «عودة المدارس لتعليم أبنائهم».
ويعتقد المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «النسبة الأكبر من السودانيين الفارين من الحرب سيعودون إلى البلاد قريباً، لا سيما مع بدء إجراءات إعادة الإعمار»، وقال: «نسبة قليلة من الأسر ستؤجل عودتها، لارتباطها بتعليم أبنائها في القاهرة».
واتفقت مصر والسودان على تشكيل «فريق مشترك لدراسة خطة إعادة الإعمار، والتجارب الدولية لتحقيقها»، خلال مشاورات سياسية، جمعت وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف، في القاهرة، نهاية فبراير (شباط) الماضي، وأكدت القاهرة «استعدادها للمساهمة في جهود إعادة تهيئة قطاعات الدولة السودانية»، حسب الخارجية المصرية.
الشرق الأوسط