الأعمدة

الحل في الحل !

 

على المستوى الميداني في مدن الخرطوم تحديدا ..فإن حسم المعركة وبتكلفة عالية وغالية في ارواح الانسان ومدمرة في العمران والبنيان وفقدان الامان يكاد يقترب ليكون في صالح القوات المسلحة لاعتبارات معروفة بنيويا وتاريخيا وجاهزية.. بعد ان اصبح الدعم السريع هنا في مرحلة الاحتضار و البحث عن ممرات للخروج بما تبقى له من جسد متهالك ونبض ضعيف متناقص قبل ان بقبر بلا ثرى .
لكن ذلك دون شك قد لا يشكل خاتمة المطاف لقوات لها امتدادات عرقية و جغرافية في الاطراف. .ولعل مجرد انتشار الاخبار حول تجنيد الشباب و استدعاء العسكر المتقاعدين في مناطق الوسط للدفاع عن الديار ومساندة الجيش قد فتح جروحا عدة في مناطق القبائل التي ينحدر منها على المستوى المحلي الكثير من مقاتلي الدعم السريع ..فاعلن عدد من بيوتات تلك العشائر انهم سيقفون مع ابناء جلدتهم في تلك المليشيات ظالمة او مظلومة !
وهذا دليل على ان البل في ازقة مدن الخرطوم مهما كان ماؤه ساخنا الى درجة نتف ريش الدعامة فإنه لن يكون الحسم الناجع لتلك المليشيات التي كان وصولها الى وسط البلاد مثل تمدد جذور النجيلة لان مكان منبتها و موارد سقايتها واخضرارها معروف اصلا !
فالبل مهما كان عنيفا في الخرطوم لكنه ايضا قد يحقق للمليشيات اهداف حقدها على المجتمع الحضري من خلال تدميرها بيدها وباذرع خصمها الجيش بينما قد يحقق لها هدفا اخر وهو جر القوات المسلحة إلى معارك في عقر ديار بعيدة هي ادرى بشعابها ومتاكدة من تعاطف شعوبها لاعتبارات جهوية و إثنية ربما تعيد الساحة هناك إلى المربع الاول لحرب دارفور تحديدا والغرب بصفة عامة !
فالانتصارات العسكرية التي حققها الجيش في السنوات الاخيرة للمعارك هناك وبمساعدة الدعم السريع نفسه والمليشيات الاخرى مهما بلغت اهميتها وقتها لم تغني عن تفعيل المسارات السياسية التي افضت إلى التفاوض مع الحركات المسلحة بصورة كلية او جزئية .
وهذا الذي سيحدث في خاتمة هذه الحرب ايا كان المنتصر فيها او من هو المهزوم ..لان في قوانين الحروب فحتى التوقيع على وثائق الاستسلام بين الدول المتحاربة يتطلب الجلوس لإكمال تلك العملية ..فما بالك من اطراف محلية وان كانت حربهم عسكرية ولكن ابعادها الاساسية سياسية إجتماعية بتوقف عليها مستقبل الحكم في بلاد هي على المحك الحرج ..اما ان تكون او لا تكون !

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى