الأعمدة

قمة القاهرة وزحزحة المواقف !

القمة التي انتهت بالامس في القاهرة وجمعت كل من مصر وليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى و جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا وهي دول الجوار الاكثر هما وقلقا من تداعيات الحرب الدائرة في بلادنا ..فقد حققت نجاحا نظريا لو اتبعته بخطوات إيجابية و عملية سريعة لاحرزت قصب السبق على كل المبادرات التي ظلت تراوح مكانها في هدن هشة لا تصمد قليلا حتى تنهار مع اول طلقة طائشة او قذيفة تسقط هنا وهناك او طلعة طيران فوق سماء الخرطوم الحزينة !
ولعل ما يميز قمة القاهرة انها رفعت الحرج عن الطرف الحكومي السوداني الذي تمنع كثيرا عن سماع مخرجات قمة الايغاد لاسباب ربطتها بعدم قبولها لرئاسة كينيا للرباعية المكلفة بمتابعة القضية السودانية وهو تمنع انسحب ايضا على مجهودات الاتحاد الافريقي الذي تتوجس حكومة الخرطوم من إمكانية تاثره بموقف رئيس وزراء إثيوبيا صاحبة المقر والذي فسرته الدوائر الدبلوماسية السودانية باعتباره عدائيا تجاه سلطة الامر الواقع هنا حينما المح ابي احمد إلى وجوب قيام سلطة تكون اكثر اهلية ومقدرة على تجاوز المازق الراهن !ويلاحظ ان وجود رئيس الاتحاد الافريقي في قمة القاهرة لم يتجاوز حدود المراقب شانه شان امين عام الجامعة العربية ..رغم ان قمة القاهرة شكلا ومضمونا هي إفريقية مصغرة ,بامتياز ولكنها كانت تنعقد بعيدا عن لافتة الاتحاد الافريقي !
ومن الواضح ايضا ان قمة القاهرة قد قسمت نفسها الى محورين الاول تقوده مصر للتواصل المباشر مع حكومة السودان وقيادة الجيش لاعتبارات وجود قنوات التفاهم المشترك ..بينما اوكلت إلى لجنة اخرى الانطلاق من جمهورية تشاد وذلك امر مفهوم لطبيعة العلاقة بين انجمينا و قيادة قوات الدعم السريع والتي يمكن تدعيم الجهود الموكلة إليها بدخول حركات دارفور على الخط من منطلق موقفها الحيادي المعلن منذ اندلاع الحرب في الخرطوم تحديدا .
ومن العوامل المؤثرة في إبداء كل من طرفي النزاع قبول مبدا وقف إطلاق النار اذا ما التزم به الطرف الآخر ..ان تطاول امد الصراع قد بدا ينال من قوة كل منهما و جعل فرضية تحقيق النصر الكاسح لطرف على الاخر امر يكذبه الواقع على ارض المعركة التي لم تعد في نطاقها الضيق والمحدود فقط في مدن الخرطوم الثلاث .
وهذا بالطبع سيقلل من فرص نجاح الجهات التي تراهن على وجوب استمرار الحرب حتى يزول الدعم السريع بصورة كلية من خارطة الوجود وهو احتمال تظل تكلفته العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية كبيرة بالقدر الذي يجعل الجنوح إلى التفاوض السلمي هو الخيار الاقل كلفة وان طال مساره المفضي إلى حل شامل عسكري وسياسي قد يقود إلى خروج طرفي النزاع المسلح من العملية السياسية برمتها والتفرغ لحلحلة قضاياهما الامنية ..وهو ما المح اليه بيان مجلس السيادة ضمنا في تعقيبه على مخرجات قمة القاهرة والذي اكد فيه بقبول مبدا قيام سلطة مدنية لإدارة الفترة الانتقالية حتى قيام انتخابات عامة ..وهو تلميح إلى التخوف من المزيد من العقوبات التي بدات تطل برأسها إضافة الى الضغوطات التي تزيد من عزلة البلاد الإقليمية والدولية بما سينعكس على حياة الامة السودانية المنهكة اكثر مما يؤذي السلطة الحاكمة ايا كان مكونها في حد ذاتها !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى