الأعمدة

لهذه الاسباب لابد ان تتوقف الحرب يا حسن طرحة !

حتى يوم امس الاثنين تاتينا اخبار قوة عين ووقاحة جنود التمرد الجنجويدي ولصوص الحرب وهم يقتحمون ابواب احياء ام درمان في رابعة النهار لنهب السيارات و حينما لم يستطيعوا تشغيل ماكيناتها ذهبوا وعادوا بكل طمأنينة ومعهم فنيين لمساعدتهم في تلك المهمة !
يحدث هذا و الفريق ياسر العطا المنوط به تنظيف ام درمان من قذارة تصرفاتهم اللا انسانية ينادي الرئيس الكيني لمواجهته بجيشه في عقر دار حربه الدائرة منذ مائة يوم وكانه قد اوفى بوعده بان حسم المعركة التي وان سار سجالها في صالح كفة الجيش فإن الخلاص من هذه العصابات كما هو واضح من تحديهم السافر لن يكون بهذه السهولة النظرية التي تدحضها عوامل توغلهم في الولايات المجاورة و انتشارهم في الاصقاع البعيدة بعد ان يفروا متراجعين من العاصمة !
فالذين يتحدثون بلغة ( البل والجغم ) تلك المفردات السهلة في الكتابة من خلف المكاتب و داخل غرف النوم المكيفة و من فنادق تركيا وشقق القاهرة الفاخرة وغيرها ..لم يعيشوا معاناة الجندي الذي يقاتل و هو يضغط على بطنه بحزامه العسكري حتى لا يشعر بالجوع ..و الذين يعبرون بارتكازات الجيش في الطرق القومية من اصحاب الحافلات والشاحنات اصبحت كلمة
( ادونا الساهلة ) تطرق مسامعهم و لا يملكون غير الامتثال لها بكل اريحية لان حالة اولئك الجنود تغني عن سؤالهم في ظل عدم تلقيهم مرتباتهم منذ انلاع الحرب ولك ان تتصور حالات امهاتهم وزوجاتهم وإخوانهم واطفالهم المشدودة بين سهر الخوف عليهم و نهار معاناة معيشة الكفاف التي لابد من ان يرتضوها شاءوا ام ابوا إكراما للوطن ..ولكن الى متى !
اما همبتة الدعامة في أرتكازات وجودهم فهي انتزاع السيارات قسرا و نهب الاموال جبرا و مصادرة المقتنيات إرهابا تحت تهديد السلاح ومن ناكفهم بكلمة حق واحدة فديته طلقة في الراس و التحفظ على جثمانه لديهم حتى يتكسبوا من الإفراج عنه بابتزاز ذوبه المكلومين !
وانت يا حسن طرحة ومن خلال قناة طيبة رمز العفة السرورية و صوت الجهاد الممول من محفظة الرئيس المخلوع ..و تظهر بابهى حللك المعطرة لتقول في جلستك المخملية تلك ..لماذا تقف الحرب قبل ان تقضي على بقية يابس الحياة وقد كانت سلفا قد قضت على اخضرها !
فنقول لك لماذا لابد من ان تتوقف هذه الحرب التي تشاهدها انت في شاشتك العريضة متوسدا دولارات التعليق على هامش انباء المعارك ..ولا تدري ان من تركوا بيوت العز و الاستقرار في مدن العاصمة التي لم تعرف الحروب من قبل ..هم الان نازحون في مدارس ودمدني و عنابر مزارع الدواجن في مداخلها و يفترشون برندات المتاجر في الحصاحيصا ويجلسون على كراسي المقاهي في الكاملين والمحظوظون منهم يتقاسمون اللقمة و الفراش مع اهلهم في شتى القرى والدساكر .
هذا فضلا عن جشع اصحاب العقارات والفنادق في عطبرة وكسلا وبوتسودان و دنقلا وحلفا واسوان ونواح اخرى كثيرة الذين جعلوا ايجارات تلك المساكن والعيون فيها تفوق نصابها في طوكيو و ابوظبي !
ولن نستطيع ان نصف لك حالة الذين حرقت منازلهم في الجنينة التي باتت محرقة للإنسانية ويدفن الناس في الحفر جماعيا وكانهم القطط الضالة !
ومن سلم من القتل عليه ان يقطع المسافة إلى تشاد وافريقيا الوسطى متكئا على بقية عافيته ليصل تحت الهجير إلى ظلال المجهول هذا ان هو نجا من عصابات الطريق المتفلتة !
يحدث هذا و لازال هنالك من يخططون من تجار الحروب و مصاصي دماء الوطن للزج بآلاف الشباب في اتون هذه الحرب اللعينة بدعوى اتقاد الحس الوطني فيهم كذبا وإسناد الجيش ولطالما اوهموه عند انطلاق الشرارة الاولى بان القضاء على فئران حميدتي لن يكلفهم سوى رشة مبيد خفيفة ومن ثم تجريف تاريخهم كله وهم من صنعوه وخلال سويعات قليلة !
ولعلهم قد سقطت عن ذاكرتهم السمكية نهايات حرب الجنوب التي كلفتنا ارتالا من خيرة شبابنا و في النهاية عاد الذين جيشوهم لاوين اذيال الخيبة و مطأطي رؤوس الندم ليجلسوا في ذات منتجعات كينيا العدوة بالنسبة لهم الآن ليخلصوا من ورطتهم تضحية بفصل جزء غال من مساحة الوطن وذهاب شعبه العزيز ثمنا لذلك التهور غير المدروس العواقب..مثلما سعوا وراء الحركات المسلحة للتفاوض معها في فنادق ابوجا والدوحة وغيرها لتجنب بلاء الحرب الدارفورية ببليلة السلام وان كانت مخلوطة بحصاها الذي ظل حتى اللحظة يضرس الوطن في غرب البلاد و جبال النوبة و الشرق !
فحينما تقف الحرب يا ساكن تركيا سيعود الناس إلى ما تبقى من بيوتهم و يسعون لإصلاح حالهم على علات الحيلة وستجد الدولة المهيضة الجناح نفسها مضطرة لوضع جدول اولويات الحاجات الملحة كانتشار الشرطة لضبط الامن بعد ان يتم الاتفاق على خروج كل القوات عن المدن وسيتم فتح المجال الجوي و الطرق البرية للتواصل مع الدنيا لإيصال المساعدات الإنسانية والمعيشية و الضرورات الهامة و ستكون هنالك فرصة التصرف بقدر المستطاع لتوفير مرتبات العاملين الذين بلغوا حدا تجاوز مرحلة الكفاف !
وفوق كل ذلك ستحقن الكثير من الدماء التي ستكون مرشحة للهدر والضياع مع استمرار القتال ولو كان متقطعا هنا وهناك !
فلو الحسم العسكري ممكنا كما يتخيل سهولته امثالك في جرة الاقلام ومداعبة مفاتيح اجهزة الحاسوب و الحديث المرسل في الفضائيات الماجورة لما صمد الحوثيون لثمان سنوات امام مجموعة جيوش عاصفة الحزم ..ولما اصبح بشار الاسد مجرد محافظ لمدينة دمشق رغم سواعد الروس والايرانيبن و فتية حسن نصرالله التي ظلت تسنده ولكنها ما استطاعت مجتمعة إن تحمي تراب سوريا من ان يتقاسمه الامريكان والاتراك و الاكراد ..ولما عجزت روسيا بوتين بكل صلابة صولجان الكرملين من تركيع اوكرانيا التي كانت حتى قبل ثلاثة عقود مجرد ولاية تحت مظلة التاج السوفيتي الذي سقط عن راس جورباتشوف !
ولما انحنى بوتين بكل جبروته لصنيعته فاغنر حينما قلبت عليه ظهر المجن ..فقال لها دون كثير عناد حبا وكرامة ..فالصلح خير !
ومهما تكون حلاوة الانتصار التي لها تكلفتها البشرية والمادية والمعنوية ..فإن السلام سمح يا سيد طرحة وكل دعاة البل والجغم .. وان كان قد دفع انور السادات حياته مقابلا له.. ولكنه احيا من بعده اجيالا من ابناء مصر !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى