الأعمدة

وإن عاد (حميدتي) فكأنه لم يعد !

إعلام المعارك الان لم يعد كما كان قبل التوسع في وسائل الاتصال الحديثة التي تنقل الحدث حيا من مكانه مباشرة ولديها القدرة ايضا على تزييف الصور والتلاعب بالأصوات بل ويقف وراءها جيوش من المدونين الذين يخوضون معارك وسجالات لا تقل شراسة عما يدور في ساحات الوغى .
فالامس اشتعلت مواقع الاسافير بين مصدق ومكذب لظهور قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي وهو يتحدث لنفر من جنوده لينفي ضمنا شائعة وفاته التي تضاربت حولها الأقاويل !
فالرجل دخل في حرب مع صناع مشروع طموحه الذي أفسده جنوده بسلوكهم الهمجي العنصري الحاقد وهم من استعدوا الناس الامنين المدنيين متجاوزين ثقافة الحرب المعهودة بين المتحاربين على قذارتها طبعا ..وقد ملكوا بتلك التصرفات القبيحة في كل جوانبها خصوم قائدهم الغافل أو المتغافل مطارقا ثقيلة الوقع على مسامير نعش مستقبله السياسي والعسكري قياسا إلى دفقات التعاطف التي انسكبت سيلا من لدن قطاعات الشعب الواسعة تأييدا للجيش وان كان بعضها قد سانده وهو على قناعة بانه ظل ولازال مختطفا من التنظيم الإسلامي الذي مكنته عقود اعتلائة منصة الحكم من تجيير الكثير من مفاصل الدولة لصالح ما سمي بمشروع الإخوان المسلمين الحضاري والذين حانت لهم مرة أخرى فرصة القفز على ظهر هذه الحرب واضعين عليه سرج الوطنية كمدخل لتولي إدارة المعارك وتجييش الشباب و دخول الميدان حذوك النعل بالنعل مع جنود الجيش والذود بالمال والرجال المؤدلجين كما صرح قادتهم بعظمة لسان الجرأة وكأنهم ابطالا خارجين من سجون العدو الاسرائيلي أو الرايخ النازي وليس من سجن كوبر العتيق !
فقضية حميدتي قد لاتقل خسارة عن ضياع مستقبل احلام خصمه اللدود وصديقه السابق الودود الفريق البرهان الذي يبدو أن جماعة التيار الإسلامي الداعين للمضي في إشعال الحرب حتى آخر جندي من طرفي نزاعها أو حتى آخر مواطن سوداني لا ينتمي إلى تنظيمهم الطامح في العودة إلى سدة الحكم ولو فوق رماد الوطن كله !
وهم أيضا سيخسرون ذلك الرهان إذا لم يعيدوا تقييم تجربتهم السابقة وذهبوا بعنادهم المعروف في ذات مسلك هدر الدماء الذي حكموا به طويلا ولم يحسنوا الحكمة و اتباع صواب المراجعات التي تصحح مسارهم ولكن ليس على طريقة ثنائي حبهم الآفل ..البرهان وحميدتي في انقلابهم المشاتر ودلقهم ترياق المدنية الفطير في الخامس والعشرين من اكتوبر2022 ثم عادا ليرهقا جياد الجيش والدعم السريع في لهث هذه الحرب بالقدر الذي سيغلق حتما صفحة امال اي عسكري في التطلع إلى الحكم على كل حال حاليا أومستقبلا !
وبما ان الشي بالشي يذكر ..فإن كل ذلك يشكل تحديا سافرا للقوى المدنية الأخرى في الساحة السياسية المغبرة الأفق وربما ستعيد لها نهاية هذه الحرب الكرة في ملعبها من جديد و لكنها لن تنجح في التصويب نحو مرمى الديمقراطية السليمة الشباك دون لجم حالات تسلل المصالح الضيقة ومنعها من الوصول مجددا إلى واجهة اهتماماتها بدلا عن الشأن الوطني التي غابت عنه طويلا !
وامامها الان أكثر من فرصة وعدة مبادرات إقليمية ودولية دعما لعودة الحكم المدني الرشيد ..شريطة أن يكون للدور السوداني قبل كل شي قصب السبق في استلام زمام المبادرة الوطنية بالوعي المستفيد من مرارة التجارب السابقة والماثلة الأن في هذا المشهد الذي ينادي وامعتصناه لبقاء سودان الغد ا
والذي نتمناه بلا حميدتي ولا البرهان ولا محصورا في قعر زجاجة التحالفات الهشة او..صلف الايدلوجيات المحكمة الإغلاق بسدادة الشمولية من أي طرف كان !
والله من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى