التعايش مع الحرب الحرب

كتب : محمد كندشة المتحدث الرسمي لغرفة طوارئ جنوب الحزام

الأوضاع الإنسانية الصعبة التي عاشها الفارين من جحيم الحرب المستعرة في الخرطوم و هدوء الأوضاع نوعا ماف في منطقة جنوب الحزام تحديدا شجع كثير من الأسر على العودة إلى ديارهم على مضض وهم يدركون جيدا ان هذة العودة محفوفة بالمخاطر في ظل عدم توقف أصوات الرصاص وازيز الطائرات ودوي المدافع.
من خلال جولة بسيطة في محطة السلمة البقالة والصينية السوق المركزي و الصهريج لاحظت انو في زيادة مضطردة في حركة المواطنين رغم المخاطر في اصرار كبير على تحدي الحرب وخطر الفناء المواطنين مدركين انو في اي لحظة يكونوا في عداد الموتى او الجرحى لكن رغم ذلك مصرين على التمسك بخيار البقاء على قيد الحياة وشراء الاحتياجات الضرورية.
بالمقارنة مع أحياء الخرطوم الأخرى في وسط العاصمة فإن الأحياء الطرفية قد بدأت فعليا في نسق التعايش مع أجواء الحرب من حيث المأكل والمشرب وحتى الملبس والحركة والتجمعات في المساجد والطرقات الداخلية وبعض منافذ البيع والشراء على محدوديتها.
حينما تصعد الي الحافلة وتجلس في مقعدك تجد الهموم والوجوم على وجوه المواطنين حالة الضحكة والبسمة وتجاذب اطراف الحديث في المواصلات العامة انعدمت والملاحظ ان افراد من قوات الدعم السريع يشاركون المواطنين المواصلات وهناك حذر شديد في التعامل بينهم والمواطنين بحكم السلاح الذي في كتوفهم .
اكثر مالفت انتباهي حركة العودة من الولايات ولسان حالهم يقول (اتوكلنا ورجعنا الموضوع ده مامعروف ينتهي متين) اشفق كثير على هذة الأسر التي قررت العودة رغم ان الحرب لم تضع أوزارها بعد مؤكد ان هناك ظروف أقوى جعلتهم يعودون لأجواء الموت وأرجو من المولي عز وجل أن يحفظهم.
في داخل الاحياء الطرفية في جنوب الحزام بدأت حركة الأطفال تعود إلى الشوراع والخطر يتهددهم بشكل واضح لانه وفي رأس كل عشرة دقائق تشق طمأنينتهم صوت رصاص يمكن بكل بساطة ان تستقر في اجسادهم النحيلة جوار سوق ابوجا بضاحية حي النهضة (الإنقاذ) كنت امازح احد الأطفال (رجعتَوا خلاص) فاجاب (فترنا والله جينا راجعين وتاني ان شاء الله بنصبر وزاتو اتعودنا خلاص) ولم نكمل الحوار إذ عبرت طلقة طائشة بدوي مسموع قطعت حبال الحوار َوجعلت الطفل يجلس فجاءة على الأرض دونما وعي ويصمت تماما الرعب الذي رأيته في عيون هذا الطفل واطفال آخرين وطريقة تعاطيهم مع أصوات الرصاص والقذائف تجعل الإنسان في حالة نفسية سيئة
يقيني ان هؤلاء الأطفال يحتاجون الي إعادة تأهيل نفسي بعد توقف الحرب لإزالة التشوهات النفسية التي قطعا ستؤثر علي تكوينهم البدني والنفسي وبناء الشخصية .
#كندشة