النار والرمضاء السورية؟!
الأخبار الواردة من سوريا لا تَسّر … سوريا ليست بخير …. السوري ليس بخير … ونحن في منافينا الصامتة نحصي الأخبار الكارثية كما نحصي فائض التثاؤب في أيامنا الرتيبة، فبعد فترة من الهدوء أو الجمود في الوضع السوري هدأت فيه الخرائط المرسومة على عجل منذ عشر سنوات، اعتاد المواطن السوري أن يتفادى الكثير من الألغام الملقاة عن سابق إصرار وتصميم في طريقه اليومي، لكن كأن إصبعاً خفية ضغطت على زر الانفجار لكل شيء في سوريا المهشمة.
انفجرت الأزمة الاقتصادية بشكل كارثي وبات صبر الناس وتحملهم وجوعهم ومعاناتهم خارج السيطرة، الليرة السورية سقطت سقوطاً حراً، والأسعار أصبحت خارج السيطرة، والغلاء أطبق على ما تبقى من أنفاس الناس، و”الدولة” غير مكترثة تُحيل هذه الملفات الكارثية لمجلس الشعب الذي لا يعدو عن كونه حالة بروتوكولية ليس إلا. فخرج الناس في السويداء منذ ثلاثة اسابيع محتجين على الغلاء والأوضاع الاقتصادية والمعيشية لكن قُوبِل احتجاجهم بما يشبه التجاهل والصمت، تحركت خارطة شمال شرق سوريا التي كانت تحت سيطرة الادارة الذاتية الكردية وتجمعت العشائر العربية لتحتج وترفع السلاح في مواجهات دامية في دير الزور حيث تتجمع كل القوى والمصالح المحلية والاقليمية والدولية، وفي استعادة للحكايات السَمِجة التي سئمناها منذ سنوات انطلقت اصوات التخوين والاقصاء، وحدهم الأمريكان تدخلوا لحماية حليفتهم “قسد” وعقدوا إجتماعاً بين الطرفين على مرمى حجر من “الدولة السورية” التي إن كانت ضالعة في مشكلة شرق الفرات والجزيرة السورية منذ عام 2012، فإنها على ما يبدو غير مكترثة بالحل أو أنها لا تملك من ادوات الحل شيئاً .
القاعدة تطل برأسها في ادلب و جبال الساحل، وداعش ورقة يلوح بها الامريكان بأنها المستفيد مما يحدث، وعودة الخطاب الطائفي والمذهبي بشكل فج وقميء، كل ذلك يترك السوري خائفاً من المصائر المُظلمة التي تنتظره، فقد اتسع الخرق على الراتق، وبات مذهولاً وخائفاً يمشي بلا وجهة … بلا بوصلة … يلجأ للشاشات الزرقاء لعلها تمنحه الطمأنينة إلى حين لكنها تعمق الانقسام والتشظي والمخاوف مما سيأتي، فيصبح ” كالمستجير من الرمضاء بالنار ” .