تقارير

صحيفة “مكة”السعودية :الاشتباكات تهدد بورتسودان عاصمة السودان البديلة

 

فيما تحولت بورتسودان الساحلية بولاية البحر الأحمر إلى عاصمة بديلة للسودانيين، اندلعت اشتباكات مسلحة نادرة في المدينة الساحلية بولاية البحر الأحمر، رغم أنها ما زالت إحدى البقاع الآمنة في السودان، الذي يشهد صراعا داميا منذ نحو 5 أشهر، بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

ولا تزال المدينة مكانا تعمل منه بعثات أممية ومسؤولون بالحكومة، وكانت مركزا لخروج البعثات الأجنبية والسودانيين الفارين من جحيم الحرب في الخرطوم والمناطق المجاورة.

حكومة بديلة
انطلقت من موانئ المدينة الساحلية السفن وعلى متنها الفارين من الحرب، وكان مطارها الدولي نقطة الخروج الرئيسة الأخرى بعد توقف مطار الخرطوم عن العمل في أعقاب اندلاع القتال، ووسط حديث عن إمكانية تكوين حكومة بديلة تعمل من بورتسودان، مثلت الاشتباكات التي جرت بين قوات الجيش ومسلحين قبليين، مخاوف من احتمالية أن تحترق المدينة التي تبعد نحو 800 كيلو متر عن الخرطوم، بنيران الحرب.

وقالت وسائل إعلام محلية «إن اشتباكات اندلعت أمس الأول، بعدما أقامت ميليشيتا يتزعمها القيادي في قبيلة البجا، شيبة ضرار، نقطة تفتيش «غير رسمية» وسط بورتسودان، لتتدخل إثرها قوات الجيش وتدور اشتباكات وإطلاق نار».

شكوى التهميش
ويقود ضرار مجموعة مسلحة من قبيلة البجا شرق السودان، والتي اشتكت من التهميش، وطالما نفذ السكان في المنطقة إضرابات، وهددوا بمنع حركة الملاحة من الموانئ.

وقال في تصريحات عقب الاشتباكات، «إن الدافع وراء إقامة النقطة الأمنية كان مواجهة عمليات تهريب في المنطقة، بعدما تعرضت قواته أيضا لإطلاق نار من قبل مهربين».

وأكد على «دعمه القوات المسلحة السودانية، التي تقاتل في الخرطوم، لا المتواجدين هنا (بورتسودان) في الغرف المغلقة».

ملجأ السفارات
وتحولت بورتسودان إلى «ملجأ» للسفارات الأجنبية، ونقطة خروج للأجانب والسودانيين الراغبين في الهروب من جحيم الحرب في البلاد.

وأصبحت المدينة موقعا لعمل مؤسسات حكومية ومنظمات أممية، ووصفت بأنها «عاصمة بحكم الأمر الواقع».

وساعد في ذلك موقعها البعيد عن النزاع، حيث تبعد نحو 800 كيلو متر عن الخرطوم.

وتضم المدينة منشآت حيوية، من بينها 5 موانئ مهمة، وهي المنفذ البحري الوحيد للسودان، وبالتالي تعد مركزا تجاريا أساسيا في البلاد، كما تمتلك مطارا دوليا كان نقطة انطلاق للرحلات التي غادرت بالرعايا الأجانب الذين فروا بعد الحرب، إلى جانب وجود خط سكك حديدية لنقل البضائع.

شبح التقسيم
وأكد المسؤول الإعلامي بمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، سفيان عبد المعطي، أن منظمته انتقلت إلى العمل من المدينة، في أعقاب القتال الدائر في الخرطوم.

وأضاف «نقوم بإيصال المساعدات إلى الولايات المتضررة، وتمكنا من إيصال المساعدات لمستشفيات في الخرطوم وغرب دارفور»، مضيفا «حتى الآن نعمل بشكل اعتيادي، لكن لا يمكن الجزم بما يمكن أن يحدث في المستقبل».

واعتبر القيادي في قوى الحرية والتغيير، عمار حمودة، أن اشتباكات بورسودان الأخيرة تشير بوضوح إلى فداحة استمرار الحرب دون الالتفات للشعب السوداني، الذي يعاني ويهدده شبح التقسيم، مشيرا أن اتساع الرقعة الجغرافية للحرب، وتمدد زمانها، وتعدد الضالعين فيها، ينذر بمستقبل مظلم.

عاصمة بديلة
ومنذ 27 أغسطس الماضي، وبالتحديد مع الخروج النادر لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان من العاصمة الخرطوم، اتجهت الأنظار إلى بورتسودان بوصفها العاصمة البديلة.

ومثل اشتباك عناصر الجيش السوداني مع ميليشيات قبلية حدث مهم، خصوصا أن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، أعلن من قبل «دعمه الكامل» للجيش السوداني خلال الصراع الدائر ضد قوات الدعم السريع.

وأصدر المجلس بيانا في يونيو الماضي، أكد فيه «الوقوف والاستعداد للقتال مع قواتنا المسلحة المعنية دستوريا وتاريخيا بحماية مقدرات ومكتسبات الدولة السودانية وحماية حدودها البرية والبحرية والجوية».

ذير شؤم
ويرى حمودة أن فكرة عاصمة بديلة أو عاصمة موقتة تهدم فكرة الوطن الموحد، وتذهب في طريق صنع دويلات ضعيفة ومتناحرة. ونحن نعتبرها نذير شؤم لمستقبل السودان.

وحذرت قوى الحرية والتغيير، مما وصفته بـ»تلويح طرفي الحرب بتكوين حكومة في مواقع سيطرتهما»، واعتبرت أن ذلك «أمر ا خطيرا للغاية سيترتب عليه تفتيت البلاد وتقسيمها».

وقالت «إنها ستتخذ خطوات للتصدي لمخططات تقسيم البلاد والعمل من أجل إيقافها، وعلى رأسها التواصل المباشر والفوري مع القوات المسلحة والدعم السريع بغرض حثهما على تجنب أي خطوات حالية أو مستقبلية تفضي لتمزيق البلاد واستمرار الحرب وتصعيدها وزيادة رقعتها».

حرب أهلية
وكان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، قال قبل أيام، «إن قواته ستبدأ مشاورات لتشكيل سلطة مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إذا استمر البرهان ادعاء شرعية زائفة»، على حد قوله.

وأضاف «إن قيام البرهان بتشكيل حكومة في بورسودان يعني التوجه نحو سيناريوهات حدثت في دول أخرى، بوجود طرفين يسيطران على مناطق مختلفة في بلد واحد».

وحذر حزب الأمة السوداني من محاولة تشكيل حكومة تصريف أعمال في بورسودان»، مشيرا في بيان، إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انقسام البلاد وانزلاقها نحو الحرب الأهلية.

جيش مهني
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن شاهد عيان أن «جنودا انتشروا في المنطقة بعد إزالة نقاط تفتيش كانت الميليشيات أقامتها»، في حين أفاد آخرون بـ«عودة الهدوء» إلى وسط بورتسودان بعد فترة قصيرة.

وواصل حمودة حديثه عن الاشتباكات في بورتسودان والأوضاع بشكل عام في البلاد، قائلا «كل ما يصدر من حاملي السلاح يوضح بجلاء أهمية الوصول لجيش مهني قومي واحد، حتى لا نصحو كل يوم على وقع طلقات السلاح في

دينة جديدة.

بورتسودان.. لماذا؟

تقع شمال شرق السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر.
تبعد عن العاصمة الخرطوم مسافة 675 كيلومترا.
تعد الميناء البحري الرئيس في السودان وحاضرة ولاية البحر الأحمر السودانية.
يصل تعداد السكان فيها إلى 579,942 نسمة.
تعتبر أكثر مدن السودان أمانا والوحيدة التي لم يصل لها الصراع.

جريدة مكة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى