كتب : وائل محجوب
تسابق جنرالا الحرب في فتح الباب على مصراعيه للتدخل الدولي في السودان بخطابيهما، فحينما يقول حميدتي في رسالته المفتوحة للأمم المتحدة، إن هنالك جماعات إرهابية مثل داعش، التي قال إنه أسر زعيمها في السودان، ومجموعات إرهابية أخرى، تقاتل بجانب الجيش السوداني.
• ثم يليه خطاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي كرر خلاله لأربع مرات، أن الحرب الجارية في السودان تهدد الأمن والسلم الاقليمي والدولي، في سابقة لم تحدث من قبل من رئيس دولة أو قائد عسكري في هذا المنبر، وأن هناك جماعات إرهابية تقاتل بجانب الدعم السريع، وأن هناك قوى اقليمية ودولية تدعمه ومتورطة في الحرب، وتحذيره من تمدد الحرب لدول الجوار، وانه يطلب دعم المنظومة والمجتمع الدولي للتصدي للحرب، فانه بذلك وجه الدعوة بصورة رسمية للأمم المتحدة للتدخل العسكري تحت الفصل السابع.
• لقد حدد ميثاق الأمم المتحدة في فصله السابع الآتي، في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان؛
– المادة ٣٩
يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به، أو كان ما وقع عملاًً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير، طبقاً لأحكام المادتين ٤١ و٤٢، لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.
– المادة ٤٠
منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقوم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة ٣٩، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه.
– المادة ٤١؛
لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير، التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء “الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية، والمواصلات الحديدية، والبحرية، والجوية، والبريدية، والبرقية، واللاسلكية، وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.
– المادة ٤٢؛
إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة ٤١، لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية، من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”.
• من الذي،صاغ خطاب البرهان، ولماذا كرر هذه العبارة لأربع مرات في الخطاب، وما هو مقصده، هل كتب هذا الخطاب دبلوماسي على إطلاع بميثاق الأمم المتحدة، الذي يورد نصا في الفصل السادس المتعلق بحل النزاعات سلميا؛
– المادة ٣٤؛
لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف، قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا، لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف، من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي.
– المادة ٣٥؛
– لكل عضو من “الأمم المتحدة” أن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة، إلى أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة الرابعة والثلاثين.
– لكل دولة ليست عضواً في “الأمم المتحدة” أن تنبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة، إلى أي نزاع تكون طرفا فيه إذا كانت تقبل مقدماً في خصوص هذا النزاع
• وبناء على هذا التنبيه، تكون الدولة التي تجري فيها هذه الحرب أو المنازعات ملزمة بالتسوية السلمية أو القانونية، لحل هذا النزاع المهدد للسلم والأمن الدوليين، وحال لم يتم ذلك أو فشلت عملية التسوية السلمية للنزاع، فإن لمجلس الأمن أن يلجأ للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
• ولعله من الواجب التذكير، أن فرض دخول القوات الدولية تحت الفصل السابع لدارفور، قد جاء مسببا بأن الحرب في دارفور أضحت مهددا للأمن والسلم الأقليمي والدولي، وهو ذات المصطلح الذي كرره البرهان على مسامع الجمعية العمومية للأمم المتحدة أربع مرات، مما يبطل أي حجة للدول التي استخدمت حق الفيتو منذ إندلاع الحرب لتعطيل أي قرار بخصوص السودان في مجلس الأمن “روسيا والصين”، ما دام القائد العام لجيش الدولة التي تواجه الحرب يقر بذلك بنفسه.
• الذين احتفوا بخطاب البرهان، لم ينتبهوا لمعاني ومدلولات ذلك الخطاب الكارثي، كيف للقائد العام لجيش يخوض الحرب، أن يقف في أكبر محفل دولي ليعدد ما ارتكبته مليشيا متمردة حسب وصفه، من انتهاكات يعلمها العالم بأسره، ثم يطالب المنظمة الدولية بتصنيفها كمنظمة ارهابية على خلفية تلك الانتهاكات، ولكونها تمردت على القوات المسلحة، وهو يعلم أن الأمم المتحدة على علم كامل، بكل ما يتصل بوضعية هذه القوات من الناحية القانونية، لجهة لها قانون مجاز بشكل رسمي، وأنها ظلت على صلة وثيقة بالقوات المسلحة في كل حروباتها، كما أن المنظمة الأممية على على علم بالدور الذي لعبه الرهان شخصيا في وضعها كقوة عسكرية موازية للجيش، بعد الغائه للمادة الخامسة من قانونها التي تخضعها لسلطته، وتعطيه صلاحية حلها، وبإصراره على تقنين وضع قائدها الدستوري، إبتدأ من مشاركته في المجلس العسكري كنائب للرئيس باصرار منه، وعبر إختلاق منصب نائب رئيس المجلس السيادي، غير المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية، ثم تكليفه بواسطة البرهان بإدارة عملية السلام، والتوقيع عليها مع الحركات المسلحة، وهي اتفاقية تمت برعاية اقليمية ودولية.
• وكيف لقائد عسكري جيشه يخوض معركة طاحنة ان يظهر بمثل هذا الخطاب الهزيل، الذي لم يحو رؤية لإنهاء هذا الصراع حربا او سلما، وكل ما ظهر به هو إستجداء لدعم ومساندة المجتمع الدولي، في محاصرة مليشيا وصفها بأنها أسرية تخضع لعائلة دقلو.
• فهل يعتقد من صاغ هذا الخطاب ان العالم لا يدرك كل تلك التفاصيل، ام هو أراد المضي في سياسة الإستكراد والإستخفاف بالمجتمع الدولي، التي كانت من صميم مهارات ومواهب دبلوماسي عهد الإنقاذ، وجرت على البلاد من الكوارث ما جرت.
• كان العالم يتطلع للإستماع لرؤية قائد الجيش السوداني لكيفية انهاء الحرب، سلما أم قتالا، بعد كل الخراب والدمار والموت الذي جرته الحرب على البلاد وأهلها، وفي خطابه هذا أوضح البرهان للعالم أنه لا يملك تلك الرؤية، أو انه يراوغ وأن هدفه استمرار الحرب، ذات الحرب التي قال انها تهدد الأمن والسلم الاقليمي والدولي.
• لقد اعطى بخطابه الفرصة لقائد المليشيا الأسرية بحسب وصفه، للظهور بمظهر الحريص على السلام، بما طرحه في خطابه من إستعداده للوصول لوقف دائم لإطلاق النار، والدخول للتفاوض وصولا لحل سلمي ينهي الحرب، على الرغم من كل الانتهاكات الجسيمة التي تورطت فيها قواته، من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، والتي صارت مصدر إدانة من المنظمة الأممية، والمجتمع الدولي، ووصلت حتى عتبات المحكمة الجنائية الدولية، التي أعلنت أنها ستباشر التحقيق في الجرائم التي وقعت بدارفور، فهل من بعد ذلك هناك خسارة دبلوماسية أفدح؟