تقارير

(راجعين ) : السُودانيون يُجسدون الحنين إلى وطنهم

كتب : الخير صالح عبدالله

الحنين إلى الأوطان عاطفة إنسانية أصيلة في النفس البشرية، وليس من الممكن قصرُها علىإنسانٍ دون غيره، بل كل مَن عانى الابتعاد عن الأهل والوطن شعَر بالحنين والشوق إليها،وتجسَّد هذا الشعور في الاستجابات اللفظية وغير اللفظية؛ فكل إنسان يستطيع التعبيرعن شعور الحنين إلى الأهل والوطن بما تيسَّر له من سُبُل التعبير عن ذلك .إذا كان الطائر يحن إلى أوكاره فالإنسان أحق بالحنين إلى أوطانه . وكانت العرب قديمًا إذا غزت وسافرت حملت معها من تربة بلادها رملًا وعفرًا تستنشقه عند نزلة أو زُكام أوصداع . للوطن مكانةً عزيزة على نفس الإنسان فالوطن يُمثل ( المنزل ) التي تُصافح فيه نسماتٍ الهواء دُون ان يُوقفك شُرطي ليسأك عن جوازك ! الوطن هو بيتك الكبير الذي يحتويك وتشعر فيه بالفخر والإعتزاز. فلا مكان أجمل من المكان الذي اُشع الضوء وجه المرء لحظة الميلاد . ولعل السودانيون عمومًا يُحبون وطنهم رغم ماحاكِ بِه من دمارٍ وقتل إلا إنهم يُمنون العودة بحنينٍ دفاق ظليتُ أُلتمسه من كتاباتهم في وسائل التواصل وفي قروبات ( راجعين ) التي تم إنشأُها حديثًا لكنه يحوى عددًا كبيرًا من ما عصرتُهم حنين العودة وهُم قابعِيّن داخل الوطن وخارجه ؛ يُمنوّن العودة إلى ضجيج تلك المدينة ( الخرطوم ) ونِيلِها الذي أصبح حزينًا بِهجرة العصافير بعيدة عن الماء – لأن أزيز الرصاص والطائرات أضحت هي المالِكة لتأشيرة التحلُق في سماء النيلين .وعلى هذا النحو لم يتحمل السودانيون وداعٍ بلدتُهم وهم يغادرونها بالزفرات التي حرقتهم كالنار اللاذاعة التي كانت أشد حرارة من معارك الجيشان .فبعد فترة منفى إجبارية قاربت الـ6 أشهر في الحرب العبثية التي حولت الخرطوم إلى مدينة أشباح وفشل المتخاصمان في تحقيق إنتصار عسكري دأبت قلوبٍ السودانيين إلى العودة بعدما سئموا إفتراءات (ساعة الحِسم ) التي تأخرت ارتأوا العودة والبقاء في مدينتهم المُثخنة بجرحات القتلى والمُصابين والبيوت المُنهارة والخزائن التي أضحت غاوية على عروشها ! لأن دموع الحنين زُرفت وبات العودة إلى الوطن هو العلاج الوحيد لعِلة القلوب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى